بداية، المؤسسات الحديثة ملكية كانت أم جمهورية يحميها دستور الدولة. و الدستور يمثل أرادة الشعب ورغبته في نوع نظام الحكم ويضع لبنة الأستقرار السياسي والأقتصادي والأجتماعي لقومياته حيث تُحدد نصوصه الواجبات والمسؤوليات. وعند الأختلاف على النصوص الدستورية التي قد تنشئ وتُثار، تُستشار المحكمة الاتحادية لأبداء الرأي والمشورة وحل الأشكالات. فمن يحمي كيان الدولة الديموقراطية: الناخبون أم والمُنتخبون؟
المعضلة الحالية التي تواجه الأسرة العراقية بعد الانتخابات البرلمانية العامة هي:
1. الأخفاقات المتتالية في الوصول الى أختيار رئيس للجمهورية ونائبين للرئيس وأختيار رئيس للوزراء، يمثلون السلطة التنفيذية بالتمثيل الشعبي ووفقاً للدستور وألأتفاق على تشكيل الحكومة للبدء بتطبيق مناهج الدولة التي تنتظر التنفيذ في مختلف مناحي الحياة.
2. ماقام به قادة الكتل السياسية الحالية بأشراك دول الجوار في الارادة الوطنية للأنتخابات الحرة التي يُفترض أن تكون نابعة من وألى أهل العراق في عصر الديمقراطية وأمتلاك الأرادة. وهو أمر غير مفهوم في أي من الدول ذات النشأة والتقاليد الديمقراطية.
وفي رأيي أن أسوأ تفسير لهذه الزيارات المتعاقبة قبل وبعد الانتخابات يرجع الى:
أ ndash; ألاستشارة ب ndash; طلب التمويل والأسناد السياسي والمذهبي والأعلامي ج- أيمان قادة العراق بأن دول الجوار ديمقراطية المنشأ والمنهج د - عدم أيمان قادة الكتل الفائزة بالنظام الديمقراطي.
3. الوعود باطلاق سراح محكومين بالاعدام من القتلة المجرمين في المعتقلات والسجون العراقية، وما يلف هذه الوعود من غموض كونها ليست مفهومة قضائياً، وقد يؤدي الى أتهامات بعدم قيمة القسم الذي يؤديه المنتخبون وأن الأمور تجري في الخفاء وفق مصالح حزبية وطائفية وربما تسهيل أعمال الإرهاب والإرهابيين من داخل أجهزة الدولة وبمعرفة ممن يحلمون بأعادة عقارب الساعة الى حكم البطش والتخويف. فأهل العراق كانوا قد صوتَوا دون أستثناء على تطهير أرض العراق من المجرمين والأرهابيين القتلة، فما هو دافع التحدث بأسم العراقيين لأطلاق القتلة؟
4. الخلاف الدستوري الذي قد يستفحل فجأة على مدينة كركوك. هذا النزاع في ظل الدولة الفدرالية هو ليس نزاعاً تاريخياً كما يصوره البعض، وأنما هو مجموعة ألأفكار المطروحة للحوار لما هو الأفضل للقوميات التي تقطن المحافظة من العرب و الكُرد و التركمان.
5. توجهات الحكومة القادمة و أفق السماح للأخوة العرب في دول( الأسرة الواحدة) في توجيهنا وأرشادنا. حيث نرى أن بعض الكتل السياسية المشاركة في العمل السياسي التنفيذي والتشريعي تعطي (الضوء الأخضر لتدخل عربي أو أسلامي في شؤون عراقية وأخرى تعطي الضوء الأحمر وأنذارها من التدخل).
6. بعض الكتل ( العراقية ) تتمسك بالأنفتاح على المشاريع الأمريكية المطروحة والمتعلقة بأوضاع العراق الحالية وأمنه، في وقت تتبنى كتل أخرى ( الصدرية) حرب المقاومة ضد القوات الأمريكية والبريطانية وتسلُ سيوفها لمحاربة كل مايأتي من الأدارة الأمريكية بشأن أوضاع المنطقة وأستراتيجة التعامل مع أيران على الطريقة الأمريكية.
والنقد المُوضح في النقاط المدونة أعلاه تحتاج الأنتظار والترقب فلربما سنفهم قريباً القواسم المشتركة للأسلاميين والعلمانيين الذين جمعتهم الديمقراطية مؤقتاً في بلد ساده العنف السياسي والتجارب المُرة. فممارسة الديقراطية من كتل سياسية لاتؤمن فيها قد يزيد من توتير الأجواء بدلاً من تهدئتها وهو يدخل في حساب (التعايش القيادي) مايوفرهُ قادة هذه الكتل من ألتزام وأرادة تجاه الأخرين. وقد يبدو الوقت مبكراً للوصول الى أي أستنتاج سريع لمن سيحمي كيان الدولة الديمقراطية وتحقيق أرادة الناخبين، كما أنه من المبكر معرفة ما ستؤول اليه التحالفات بعد تشكيل الحكومة العراقية وتوجهات القيادات النيابية وأيجابياتها لأنجاح سير العمل السياسي دون تعصب أو عنصرية.
باحث سياسي وأستاذ جامعي
التعليقات