يبدو ان حزب البعث الذي يشهد تحولا نوعيا في العملية السياسية الجارية بالعراق، يسعى لخوضquot;حربه الخاصةquot;، ضد العملية برمتها و بالاسلوب الخبيث و القذر الذي تربى و نشأ عليه هذا الحزب خصوصا بعد أن صار مجرد عصابة او تنظيما لإرتکاب مختلف الجرائم الفظيعة لصالح شخص صدام حسين و عائلته و بطانته الى حد ما.


حزب البعث، الذي يبرع في التمشدق و التغني بالشعارات الوطنية و القومية البراقة و يمتلك باع لايحسد عليه في مجال تحريف الحقائق و تزييفها و قلبها بالشکل و المضمونين اللذين يلائمانه، ألقى بکل ثقله في الحلبة السياسية و الامنية العراقية من أجل إيجاد المزيد من الفسح و الفراغات المناسبة له کي يستغلها و يوظفها من أجل بث سمومه و فتنه داخل أطياف الشعب العراقي بغية إرجاعه الى المربعquot;الاستبداديquot;الاول، ومن دون أدنى شك أن هذه العصابة الحاملة لأسم حزب سياسي بعد أن أفرغ من محتواه تماما، قد نجحت بشکل او بآخر في إختراق المشهد العراقي و إحتلال حيزاquot;محدداquot;منه، مثلما نجحت قبل ذلك في إيجادquot;قواعدquot;وquot;ثغراتquot; مختلفة تنطلق منه
ا او من خلالها لإنجاز عملياتها الاجرامية بحق الشعب العراقي و معاقبته على إدارة ظهر المجن ضده و تنفسه الصعداء لإنتهاء عهد الظلم و الاستبداد و الدکتاتورية الرعناء.


ولو دققنا النظر في العملية السياسية العراقية ولاسيما ماتمخض عنه المشهد السياسي العراقي بعد السابع من آذار، لرأينا نفسا واضحا من الخطاب البعثي يعود الى الخطاب السياسي العراقي، خطاب يمکن تأويله على أکثر من معنى، خصوصا وان هذه العصابة متمرسة في المناورة و اللعب الخبيثquot;اوقاتquot;ضعفها و قلة حيلتها، وهي تسعى من خلال بکاءquot;نفرquot;من أزلامه المبعثرين هنا و هناك والعائدين ضمن برلمان مابعد السابع من آذار 2010 ومن خلال قوائم متعددة، على مصير الديمقراطية في العراق، لسحب البساط من تحت أقدام القوى السياسية المناوئة اساسا لعصابة الموت و الاجرام البعثية وصولا الى إقصائها، وعلى الرغم من صعوبة و إستحالة هذا الامر خصوصا بعد أن أکتملت الصورة لدى المواطن العراقي عن الماضي الاسود و النتن لهذا الحزب و تلك الزمرة اللئيمة التي تقوده، بيد انه ليس بالامکان في نفس الوقت الاستهانة مطلقا بهذا السعي الخبيث المنظم و المتزامن و بصورة غير عادية مع مسلسلquot;القتل بالجملةquot;و التفجيرات المنظمة حيث ان مجرد عملية جمع بسيطة جدا بين الجانبين خصوصا التفجيرات الدموية الاجرامية الاخيرة أمام السفارتين المصرية و الايرانية و مقر السفير الالماني ببغداد والتي کانت رسائل بعثية خاصة لهذه الدول الثلاث ولاسيما بعد تعاظم الدور الالماني و المصري في العراق بسياق يتناغم مع العملية السياسية العراقية و الاوضاع المترشحة عنها، يقودان فورا الى مفترق ذلك الحزب الذي جعل مرحلة مهمة من التأريخ العراقي المعاصر ممخضة بالدم و الدمار و الرعب، والذي ليس هناك أدنى ريب من سعيه المفرط من أجل إعادة العراق الى براثنه الکريهة المتعطشة للوي الرقاب و کتم الانفاس.


ان هذا الصعودquot;المتألقquot;للنفس البعثي في المشهد السياسي العراقي، مرتبط بشکل او بآخر بذلك الفشل الامريکي اولا لتنظيم الشأن العراقي، ومن ثم الى الاخفاق المريع للعقلية السياسية العراقية في کبح جماح النفس الاجرامي البعثي و کتمه الى الابد، حيث أن إقرار قانون إجتثاث البعث الذي کان مليئا بالثغرات و العيوب و النواقص والذي صار لاحقا تحت اسم قانون المسائلة، لم يکن بذلك القانون السليم و المرضي الذي يتناسب واوضاع العراق و بإمکانه إستيعاب جرائم و فظائع ذلك الحزب، وانما کان بمثابة إطار مطاطي ملئ بالثقوب وليس من الممکن أبدا الرکون او الاطمئنان إليه، کما ان إنخداع العديد من القوى و الشخصيات الوطنية العراقية بتلك الدعاوي المزيفة التي کان أيتام النظام السابق و عملاؤه المندسين هنا و هناك ضد هذا القانون و طعنهم المستمر به، قد ساهم في خلخلته و عدم تماسکه حتى وصل في نهاية الامر الى المحطة التي بات فيها ينتظر رصاصة الرحمة!


ان ماأقترفته العصابة البعثية بحق الشعب العراقي و المنطقة من جرائم يندى لها الجبين الانساني بصورة من السهل جدا مقارنتها بما إقترفه هتلر و النازية في المانيا، يدفعنا للتأکيد على ضرورة إعادة نظر متأنية في خطورة عودة ليس البعث وانما حتى النفس البعثي الکريه ذاته والذي سيقود بالنتيجة و الضرورة لعودة الاخطبوط الاجرامي للبعث ذاته، ومن الواجب الوطني البالغ الاهمية تهيأة الارضية المناسبة و الملائمة لإقرار ثمة قانونquot;عمليquot;ملائم و مناسب بإمکانه قطع الطريق ليس امام البعث لوحدzwnj;ه وانما أيضا أمام أيquot;تيارquot;اوquot;شخصيةquot;عراقية ما تتطوع(رغبا او رهبا)لحمل الراية غير المشرفة لحزب يتباهى بسجله في الجريمة و الارهاب و يراهن عليها کسبيل أمثل و وحيد لتسيير أمور الشعب العراقي.


ان حزب البعث الذي خاض تجربتين سياسيتين دمويتين إجراميتين في العراق عامي 1963 و 1968، وکلفتا الشعب العراقي الکثير الکثير، ليست هنالك في جعبته الخرقاء من شئ مفيد و ناجع للعراق سوى القيود و اعواد المشانق و الرمي بالرصاص و ربط لقمة العيش بالولاء المطلق للإستبداد و الظلم، وان اولئك الذين يراهنون على البعث کمنقذ وحيد للعراق، يجب عليهم أن يدرکوا بأن زمن هذا الحزب قد ولى الى غير رجعة وأصبح بحکم المواد المنتهية الصلاحية وليس هناك من رابط او ثمة علاقة بين الشعب العراقي و هذا الحزب المجرم سوى رسائل الحب الخاصة تلك التي يبعث بها بين الفينة و الاخرى للناس الابرياء العزل من أحفاد(بختنصر و آشوربانيبال)کما يحلو له تسميتهم عندما تکون الدفة بيده، وتلك اللعنات العراقيةquot;النکهةquot;التي يطلقها العراقيون ضد العصابة البعثية عقب کل رسالة حب دموية مرسلة إليهم!