مراد قره يلان القيادي في حزب العمال الكردستاني كشف النقاب عن وجود مخطط أميركي تركي لإغتياله. قره يلان أشار في حديث لصحيفة quot; آتلامquot; إلى ظهور هذه الخطة بعد اللقاء الذي جمع بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ووزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في أنقرة في الثاني من شهر شباط الماضي.

الخطة الأميركية خطرة للغاية. هدف هذه الخطة الحقيقي هو اطالة الحرب الأهلية في تركيا إلى أمد طويل وإبقاء الصراع الكردي التركي مفتوحاً، لكن مع ضمان عدم ترجيح كفة هذا الصراع لأي طرف، في المدى المنظور على الأقل.

واشنطن تؤيد سياسة حكومة حزب العدالة والتنمية إزاء الكرد وواجهتهم السياسية الأكثر تمثيلاً: حزب العمال الكردستاني. أميركا سمحت للجيش التركي بالتوغل في إقليم كردستان العراق في شتاء 2007 ولم تتدخل وهي تراقب المواجهات بين الجنود الاتراك والمقاتلين الكرد. لم تغضب واشنطن، كذلك، من حظر المحكمة الدستورية التركية العليا لحزب المجتمع الديمقراطي الممثل في مجلس النواب التركي ب22 نائباً، والذي كان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد التقى برئيسه أحمد ترك، وأبلغه سعادته لأنه quot; يلتقي لأول مرة سياسياً يمثل أكراد تركياquot;. وأميركا هي التي اقترحت فكرة تشكيل (اللجنة الثلاثية للتنسيق ضد حزب العمال الكردستاني) وضغطت على حكومة كردستان العراق لكي تتمثل فيها، وتشارك الجانب التركي الخطط الكفيلة بالقضاء على الكفاح العسكري والسياسي لأكراد تركيا. وقبل اسبوع اعترف quot;غاري ويلاروساquot; المسؤول الاميركي في اللجنة المسشار اليها بوجود يد لبلاده في حادثة مهاجمة قوات الشرطة البلجيكية لمقر الفضائية الكردية (Roj tv)، وقال بان الهجوم جاء بعد ان منحت واشنطن معلومات لبروكسل حول المنبر الفضائي الكردي، معتبراً ذلك الإجراء quot;مساهمة أميركية في محاربة حزب العمال الكردستانيquot;.

إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تدفع بالحكومة التركية في طريق تسعير الحرب ضد قطاع واسع من الشعب الكردي، وحزب العدالة والتنمية يمضي بكل حماس في هذه الحرب. في الوقت الذي يلهث فيه أوباما وفريقه خلف حركة طالبان ويستجدون الحوار معها لإشراكها في العملية السياسية في أفغانستان، لكي تتوقف الحرب وquot;لايعود الجنود الأميركان يقتلون برصاص مقاتلي الحركةquot; ترفض واشنطن اي حوار بين انقرة وحزب العمال الكردستاني وتمضي في تشجيع الحكومة التركية على مواصلة سياسة الحرب والقمع ضد الشعب الكردي( في الجبهتين: حزب السلام والديمقراطية و حزب العمال الكردستاني)، وهناك الآن بوادر مساهمة أميركية جديدة في دفع الصراع إلى مراحل أخطر عن طريق اشراك أكراد العراق وخلق دوامة عنف جديدة. ولم تكن زيارة نيجيرفان البرزاني( وهو الذي لايملك اية صفة سياسية رسمية حالياً) إلى انقرة واستقبال رجب طيب اردوغان له، إلا بترتيب أميركي، على الأرجح سيكون ثمنها التشدد حيال الحراك السياسي والعسكري لأكراد تركيا، إلى جانب فتح المزيد من ابواب اقليم كردستان أمام الهيمنة الاقتصادية التركية. ومن المهم الإشارة هنا الى الاقتدار التركي والثقة الكبيرة في النفس، والتي ظهرت بعيد تراجع قوة الكرد في العراق بعد خسارتهم لعدد كبير من الاصوات في مناطق مهمة مثل كركوك والموصل، وتراجع نسبتهم في مجلس النواب العراقي من 21% إلى 17% وهو الأمر الذي quot;سيخلق الكثير من المصاعب والمشاكل للإقليم مالم تتحد كل القوائم الكرديةquot; وفق كلام للسياسي المخضرم محمود عثمان.

الحكومة التركية تخطأ كثيراً عندما تسلم ملفات البلاد الحساسة لمشيئة الولايات المتحدة والدول الاوروبية، فمصالح هذه الاطراف تتعارض مع توطيد السلام في تركيا وحدوث مصالحة بين الكرد والدولة. الذهاب وراء الوعود الاميركية في اضعاف حزب العمال الكردستاني يعني المزيد من الحرب الاهلية وسفك المزيد من الدماء الكردية والتركية. على قادة حزب العدالة والتنمية ان يسألوا أنفسهم لماذا ترفض أميركا حوار أنقرة مع حزب العمال الكردستاني بينما هي تلهث وراء قادة حركة طالبان؟. على رجب طيب أردوغان أن يتذكر السؤال الذي طرحه رئيس الوزراء الأسبق بولند أجاويد على نفسه عندما سلمت واشنطن حكومته الزعيم الكردي عبدالله أوجلان، quot;لم افهم حتى الآن لماذا سلمتنا أميركا أوجلانquot;؟.

الرهان على النيل من حزب العمال الكردستاني واهن ولن يثمر عن شيء. هذا الرهان اثبت فشله طيلة الاعوام الثلاثين الاخيرة، وبعد 26 حملة عسكرية كبيرة اخفقت كلها في تحقيق النصر على مقاتلي الحزب. والمعلومات الاخيرة تقول بان العمال الكردستاني يتوسع ويتقوّى وفي كل المجالات، وبان اكثر من 3000 مقاتل جديد قد انضموا الى قواعده منذ الهزيمة العسكرية التركية امام قوات الحزب في مواجهات quot; زابquot; نهاية عام 2007. فالكردستاني يٌجدد نفسه دائماً ويمتلك بناءً ايديولوجيا وتنظيميا جبارا يجعل منه المآل الوحيد لكل ضحايا السياسات الشوفينية والقمع الممارس ضد الشعب الكردي، ليس فقط في تركيا، ولكن في ايران وسوريا ايضاً. ولعل مراد قره يلان قد اختصر الامر كله في عبارة واحدة عندما قال ردا على المخطط التركي الاميركي الرامي لاغتيالهquot; حزب العمال الكردستاني لاينتهي بانتهاء شخص محدد. هو فكر ايديولوجي قوي(...) اذا قٌتلت فان هناك الكثيرين ممن لديهم القدرة والتأهيل في أن يحلوا مكانيquot;...

[email protected]