إلى أين تسير التطورات في إيران؟. هل تمكن الولي الفقيه أو سيتمكن من إخماد نار الانتفاضة الشعبية العارمة..أم ان نهاية الديكتاتورية الفاشية الحاكمة والمتسترة بغطاء الدين في إيران قد لاحت في الأفق المنظور؟ هل علينا أن نتوقع حربًا أو هجومًا عسكريًا على إيران مثلما حدث في العراق.. وهل هذا الهجوم ضروري؟ وفي غير هذه الحالة هل هناك من هو قادر على تحقيق التغيير في إيران. وهل ldquo;المعارضة الإيرانيةrdquo; قادرة على تحقيق التغيير؟ وهل ممكن أن نسمي من تصالح وساوم مع خامنئي في إيران بـldquo;المعارضةrdquo;. وإذا تحدثنا عن المعارضة من نقصد؟ خاتمي؟ أم مير حسين موسوي؟، أم الذين هم الآن في السجون الإيرانية وتحت التعذيب أم المقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق أو rdquo;الأقلياتrdquo; الدينية أو العرقية أو الطائفية في إيران؟ بداية علينا أن نشير إلى خطوط عريضة متفق عليها لدى الجميع:

اولاً. إن الانتفاضة العارمة للشعب الإيراني أظهرت بجلاء خلال الأشهر العشرة الماضية أن الشعب الإيراني يريد إنهاء النظام الديكتاتوري المتستر بغطاء الدين في إيران.

ثانيًا. حصل انقسام وانشقاق داخل النظام الإيراني في أعلى مستوياته مما جعله أضعف مما مضى في الأساس.

ثالثاً. إن تصعيد القمع في داخل إيران وتوسيع وتطوير مشروع إنتاج السلاح النووي وتكثيف التدخلات في العراق يشير إلى أن النظام الحاكم في إيران لا ينوي إطلاقًا على تغيير سلوكه وإدخال تعديل أو إصلاح في نهجه وتركيبته.

وأخيرًا إن سياسة الغرب والاتحاد الأوربي الهادفة إلى دفع النظام الإيراني إلى تغيير سلوكه عبر التفاوض والمساومة والمسايرة قد انقلبت على ذاتها. وهنا علينا الى أن نشير إلى موقف السيد عمرو موسى الذي اقترح فتح حوار مع طهران ليعطيها طوق نجاة آخر وهذه مسيرة جربتها الدول العربية نفسها و وعلى السيد عمرو موسى بدوره الا يجرّب المُجرّب كي لا تحل به ندامة.

إننا على قناعة بأن التغيير يلوح في الأفق المنظور وأن النظام الإيراني لم ينجح في احتواء الانتفاضة العارمة للشعب الإيراني بالرغم من قمعها بوحشية، وأن خامنئي فشل في رأب الصدع داخل النظام، وأن الخلافات والصراعات في قمة النظام أسفرت عن انهيار واعتزال جزء كبير وملحوظ من قواه التي كان يعتمد عليها طيلة السنوات الماضية.

وكما يقال أهل مكة أدرى فإن اهلنا وشعابنا ومعلومات موثوقة من داخل أجهزة الاطلاعات الإيرانية (المخابرات) تفيد أن هناك بوادر اهتزاز وتزعزع في هيكلية قوة الحرس الثوري الإيراني الذي يعتبر القوة الرئيسة للقمع بيد النظام.

وأما الأهم من كل هذا فهو تفجر الطاقة الكامنة الهائلة نتيجة القمع والكبت واحتقان الأجواء باستغلال الدين وتفشي الفساد والفقر والبغاء طيلة السنوات الثلاثين الماضية وحصل هذا التفجر من خلال الانتفاضات الشعبية طيلة الأشهر العشرة الماضية والتي جعلت موقع ldquo;الولي الفقيهrdquo;في محل منهار لا خيار ولا منجي له.. ولذلك لن تعود الظروف إلى ما كانت عليه في الماضي، بل إن هذه المسيرة ستتواصل حتى إسقاط الديكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران بالرغم من كل حالات الشد والانفراج وتقلبات الزمان..

إن مواصلة المظاهرات تترتب عليها فاعلية أكثر في الوقت الذي يشهد فيه النظام انقسامًا وانشقاقًا في داخله.. وتأتي استجابة المواطنين الإيرانيين للدعوة الموجهة من قبل مسعود رجوي قائد المقاومة الإيرانية إلى تحويل الاحتفالات التقليدية بعيد النار (ليلة الأربعاء الأخير من السنة الإيرانية) إلى تحرك احتجاجي ضد النظام تأتي خير دليل على تبلور جبهة وحصول إجماع شعبي حول نهج وأسلوب المقاومة الإيرانية وهو رفض الديكتاتورية الدينية برمتها وبكل أجنحتها.

أما الخصوصية البارزة الأخرى للمقاومة الإيرانية فهي كونها تمتلك رصيدًا وسندًا يتمثل في 3400 ناشط للمقاومة في مخيم أشرف في العراق وهم أعضاء في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. وإن العديد منهم يقومون بالمقاومة والصمود من أجل تحقيق الحرية منذ ثلاثة عقود وحتى الآن..وإن أشرف وهي رمز الصمود والمقاومة ومحط أمل ومصدر إلهام للشعب الإيراني في المقاومة والصمود من أجل تحقيق الحرية..اشرف المشروع الهادئ الذي يقلق النظام ويقض مضجعه لا زالت ولازالت قائمة ومصرة على الصمود والفوز.. ولهذا السبب لا يدخر النظام أي جهد للقضاء على أشرف وليس ذلك بجديد فلغة الدم وقلع الأرواح ثقافة نشأ وتربع عليها النظام.

وأخيرًا وباعتباره أمتن وأقوى تحالف في التاريخ الإيراني وبمشروعها المحدد والمعلن يضع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية آفاقا محددة أمام الشعب الإيراني أولاً وأمام المجتمع الدولي ثانيًا.

إن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وبإعلانه ثلاثة مبادئ وهي: رفض الديكتاتورية الدينية وقبول إقامة الجمهورية وفصل الدين عن الدولة قد فسح المجال أمام القوى السياسية الإيرانية لبلورة جبهة واسعة شاملة.

ومن جهة أخرى إن مواقف المقاومة الإيرانية القائمة على ضرورة إقامة إيران غير نووية وتحقيق التعايش السلمي مع جميع الدول في العالم وخاصة الدول العربية وجيرانها تمثل دليلاً دامغًا على كون سياسة هذه المقاومة سياسة مسئولة مما يجعلها طرفا جادا موثوقا به في المفاوضات على الصعيد الدولي.

نعم، هناك حواجز أمام التغيير، فبالإضافة إلى القمع الواسع الدامي داخل البلاد، لا توجد هناك سياسة عربية وغربية حازمة وصارمة تجاه نظام الملالي الحاكم في إيران مما يشكل حاجزا أمام التغيير في إيران.. وعليه فإن الدول العربية والغربية وبعلاقاتها الاقتصادية الواسعة مع النظام الإيراني تقدم أكبر دعم لبقاء هذا النظام على السلطة.. إن سياسة التفاوض والتسامح والمساومة مكّنت حكام إيران من الاقتراب إلى امتلاك القنبلة الذرية ومن تعزيز ودعم التطرف وعناصرهم ومواليهم في كل من العراق ولبنان وفلسطين. والعرب هم أول الخاسرون ومن ثم الغرب.

يمثل النظام الإيراني اليوم أكبر خطر يهدد السلام والأمن في العالم. والحل لمواجهة هذا الخطر ليس مواصلة التسامح والتسوية والمسايرة ولا التدخل العسكري الخارجي، وإنما هناك حل واحد وهو التغيير الديمقراطي على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة. وعليه يجب أن ترفع القيود والمضايقات على الأداة الرئيسة لتحقيق هذا التغيير ألا وهي المقاومة الإيرانية. وفي مقدمة هذا رفع الحصار والمضايقات عن مخيم أشرف الذي يتواجد فيه 3400 امرأة ورجل عزل يمتلكون القوة الكامنة المشروعة واللائقة لهذا التغيير. وسنجيب إلى أسئلة أخرى طرحنا في البداية في مقالات مقبلة.

* كاتب سياسي إيراني

[email protected]