عند تناول النصوص الدينية يجب توفر المقياس الذي يتم الإرتكاز عليه لفهمها وتكييفها مع حياتنا، واذا اختلفنا في تفسير النصوص وتفرقنا الى طوائف وأديان... فاننا لايمكن ان نختلف على مفهوم ثابت وهو عدالة الله في كل زمان ومكان ومع جميع البشر نساء ورجالا، وعلى ضوء هذا المقياس نتساءل: هل ينسجم مع عدالة الله مفهوم قوامة الرجل على المرأة؟
لقد تعودت المجتمعات البشرية وفي جميع الأديان تبرير اضطهادها للمرأة وقهرها وظلمها والأنتقاص من مكانتها... باللجوء الى النصوص الدينية والأستناد اليها لأخذ الشرعية منها في ممارستها الذكورية العنصرية، وغلق باب النقاش والأحتجاجات والمطالبة بالعدالة والمساواة بالقول : ان الله هو الذي شرع هذا للمرأة لحكمة يعلمها واعطى للرجل مكانته ووظيفته وللمرأة مكانتها ووظيفتها في الحياة... وطبعا هذه الحجة الديماغوجية باطلة ولاتصمد طويلا امام مبدأ عدالة الله، فكيف يرضى الخالق ان يخرق أهم مبدأ من المباديء التي ألزم نفسه بها امام مخلوقاته وهو العدالة بين الجميع؟
هل من المعقول ان تسمح عدالة الله بأن تصدر قراراً ابديا دائما بعبودية المرأة للرجل وتسلطه عليها ومصادرة ارادتها وعقلها بمرسوم إلهي مقدس؟
ماهكذا الظن بالله الرحيم الرؤوف الجميل المحب... بغض النظر عن تفسير النص الديني وتأويله ومحاولة تخفيفه أو حصره في نقاط محددة، فأن مجرد ذكر جملة الرجال قوام على النساء... يستفز فينا مباشرة السؤال عن مدى انسجام هذا القول مع العدالة الإلهية والمساواة بين البشر.
وهذه واحدة من القضايا الشائكة التي تطرح مسألة تاريخية النصوص الدينية ومدى ملائمتها لمصالح الأفراد والجماعات في كل زمان ومكان، وتداخل النصوص الدينية مع العادات والتقاليد والظرف التاريخي الذي ولدت فيه وتشكل الوعي بها، وعن المقياس الذي نستخدمه لإستيعاب هذه النصوص وتوظيفها لخدمة الحياة وليس خدمة الأنسان للنص وإرتهانه له بشكل جامد.
البداهة والمنطق والعقل والتجربة... كلها تقول: ان المعيار في فهم التعاليم الدينية والحكم عليها هو العقل ومبدأ عدالة الله وليس النص المكتوب وتفسير رجال الدين له حسب ظروفهم الأجتماعية والثقافية السائدة والعادات والتقاليد والإسقاط الفكري والنفسي لرجل الديني على النص الديني، وبناءا على هذا فأن الله لايمكن مطلقاً بأن يقبل بظلم المرأة وتشريع القوانين التي تتيح للرجل إستعبادها والتعامل معها على انها كائن من الدرجة الثانية، فأحد مبررات الإيمان بالله والأعتقاد بإلوهيته هو مبدأ العدالة، فكيف نتخيل لو للحظة قصيرة ان تقبل هذه العدالة بظلم أجمل مخلوق أبدعه في الكون المرأة؟
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات