على الرغم من أن quot;شباب ٦ أبريلquot; حركة إن جاز تسميتها جديدة على الحياة السياسية في مصر، فإن نشاطها السياسي في الشارع وفي فضاء الإنترنت مرتبط بالواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تمر به مصر حاليا، واقع يوحي بفراغ سياسي وسوء احوال معيشية، وتراجع اقتصادي، كل هذا لم يعد محتملا او حتى قابلا للاستمرار حتى إذا تم الضرب بيد من حديد على كل أشكال الاحتجاج.
يوم 6 ابريل دخل تاريخ مصر السياسى منذ عامين، واصبحنا نعرف حركة شباب 6 ابريل، وهي حركة انشأها الشباب عقب الإضراب العام الذي شهدته مصر في 6 ابريل 2008، بدعوة من عمال غزة المحلة، فتضامنت بعض القوى السياسية مع هولاء العمال، ودعوا الي تحويل هذا اليوم الى إضراب عام لشعب مصر، وما يميز هذه الحركة عدم تبنيها إيديولوجية محددة، بل وفتح ذراعيها لتيارات من مختلف الاتجاهات.
ها هي الحركة تسهم فى صنع المشهد الذى نراه الآن. بل إن وجودها في الفضاء الالكتروني ساعد على منح حيوية quot;للجمعية الوطنية للتغييرquot;، ودفعت البرادعي إلى اللجوء إلى هذا الفضاء الرحب لمخاطبة أنصاره، وتوصيل رسائله للعالم، وعلى الرغم من المآخذ التي سجلت على شباب معروف عنه الحماسة من بين هذه المآخذ الدعوة الى عصيان مدني فإن الحركة إستطاعت أن تحفر لها إسما في تاريخ الحراك السياسي في مصر حاليا.
وإذا كانت قوات الأمن نجحت في محاصرة هذه الحركة، واعتقال أبرز أعضائها، وإجهاض التظاهرة الذي دعت إليها في ميدان التحرير للتوجه إلى مبنى البرلمان، والمطالبة بكل ما تطالب به القوى الساسية من تعديل مواد الدستور 76،77، 88، والإشراف القضائي على الإنتخابات، وتحديد ولايتين للرئاسة، ووقف العمل بقانون الطوارىء، وقضايا الإصلاح وغيرها من القضايا التي تشغل بال المصرييين فإن هذا النجاح الأمني لا يعنى نجاحا سياسيا.
اعتقد أن ذلك يعد إخفاقًا سياسيًا في إحتواء هذه الحركة والسماح لها بالتعبير عن أرائها، وتوفير الحماية لها بدلا من تشتيتها، خاصةً أن الرأى العام المصري بدأ يدرك ما يحدث حوله، وأنه مستعد للمشاركة، وبات قلقًا على مستقبل بلده فى وقت تثار فيه على نطاق واسع علامات إستفهام عن مستقبل السياسة والحكم.
وتعقيباً على أحداث ٦ أبريل، قال البرادعي فى صفحته على موقع تويتر: quot;إن الإعتقالات والضرب المبرح من قبل قوات الأمن للتظاهرات السلمية، طعنة لكل مصري فى كرامته مشيرا إلى أن ذلك أمر مشينquot; وصب جام غضبه على النظام والأجهزة الأمنية وأضاف أن النظام يسلب كل مصري حقوق الإنسان الأساسية.
الامر المؤسف أن هذه الأحداث تأتي قبل إنتخابات تشريعية، المفترض أن تجرى في أجواء إيجابية، وتتزامن مع قائمة نشرها معهد كارنيجي للسلام موقعة من جانب سياسيين أمثال quot;إدوارد ووكرquot; السفير الامريكي السابق quot;واليوت ابرامquot; في مجلس العلاقات الخارجية، ويطالب الموقعون وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بالضغط على الحكومة المصرية لتعزيز الإصلاح الديمقراطي قبل الإنتخابات المقبلة، ومعروف أن هذه الجهات تعمل وفق أجندات معينة لكن ما يعنينا هو أن التغيير السياسي سيجعل مصر مثالا للديمقراطية في المنطقة.
إذن فليسهم كل المصريين في عملية التغيير المنشودة، وليمارس كل واحد حقه الدستوري فى أن يتظاهر، ويعبر عن رأيه بالوسائل السلمية، من دون الإعتداء على حقوق الآخرين، وليشارك في صنع مستقبل وطنه، وليكسر حاجز الخوف، ولا يرضى بالظلم، ولا ينحني لمن يسلبونه حقوقه، وليبتعد عن السلبية، والقول إنه ليس لصوته قيمة، ولتعلم أنه quot;ما ضاع حق وراءه مطالبquot;، ولتفهم أنك صاحب الحلم في التغيير إلى الأفضل بدليل أن شباب مصر هم من أضفوا دعما وحيوية على مطالب البرادعي.
لقد افتقد هؤلاء الشباب زعامة سياسية بين صفوف المعارضة، بل كانوا شهوداً على الصراع بين قادة هذه الأحزاب على زعامات وهمية، وكيف تتناقض أقوالهم مع أفعالهم، وإذا واصل الشباب تحركهم السلمي فسيصل صوتهم إلى قمة هرم السلطة حينها ستدرك القمة أنها لابد أن تنزل الى القاع وتعلم أن الاصلاح بات واقعا لابد منه قبل أن تنفجر الأوضاع في مصر على نحو قد لا تحمد عواقبه.
إعلامي مصري
التعليقات