حكاية الدكتور عصام عبد الله هى حكاية الجامعة المصرية، وهى حكاية الأقباط أيضا مع الجامعة المصرية. حكاية الجامعة المصرية هى حكاية الفساد الأكاديمى والتعصب الدينى وسيطرة الأمن على العملية التعليمية وتدنى الأخلاق الأكاديمية والأخلاق العامة.
يلخص المؤرخ الراحل الكبير رءوف عباس مأساة الجامعة المصرية فى كتابه ذائع الصيت بعنوان quot;مشيناها خطىquot; ملخصا حال الجامعات فى مصر فى عنوان بليغ هو quot; تحت القبة وهمquot;، يقصد قبة جامعة القاهرة،. وتكتشف فى هذا الفصل مدى الإنحدار الذى اصاب الحياة الجامعية فى مصر، فعميد الكلية يطلب منه أن يكتب بحثا لابنة السادات لتقدمه إلى الجامعة الامريكية وحسن رد د. رءوف عباس عليه قائلاquot; أنت عارف قاعد فين، قاعد على كرسى طه حسين، وبتشتغل نخاس، بتبيع أساتذة الكلية فى سوق العبيدquot;، ورئيس الجامعة يوقف استاذ عن التدريس لأنه رسب عنده بعض ابناء وبنات مسئول فى المخابرات، وعندما يذكره رءوف عباس بأنه يجلس على الكرسى الذى كان يجلس عليه احمد لطفى السيد وقاتل من آجل إستقلال الجامعة اتضح ان رئيس الجامعة لا يعرف من هو احمد لطفى السيد!!!.،واجهزة الأمن هى التى تتحكم فى كل شئ داخل الجامعة من تعيين رئيس الجامعة ذاته إلى العمداء ورؤساء الاقسام،والاساتذة الانتهازيون الذين تفرغوا لكتابة التقارير للأمن عن زملاءهم وعن الطلبة وكما يقولquot; كانت هذه التقارير هى الطريق التى سلكها الإنتهازيون للحصول على المكافآت مثل مناصب المستشار الثقافى بالسفارات المصرية بالخارج، ومناصب الهيئات الدولية وانتظار حلول الدور لتولى منصب الوزيرquot;،ويواصل quot; خضعت الجامعة لسلطان أجهزة الامن، فكان طه ربيع مدير إدارة الأمن بوزارة التعليم العالى يمارس نفوذا على الجامعات يفوق سلطان الوزير ذاته، وتسابق المنافقون لتملقه... وبلغ التملق ذروته عندما حصل الرجل على درجة الدكتوراة من إحدى كليات الآداب. وتكرر دكترة مدير أمن التعليم العالى، بل ومديرى أمن الجامعاتquot;.، quot; وكان رئيس الجامعة أحرص الجميع على التفانى فى خدمة أجهزة الأمن، ولا يرفض لأحد كبار ضباطها طلبا شخصياquot;، quot; وإذا رفض العميد الاستماع إلى النصائح الملزمة التى يقدمها رجال الأمن، فإنه بذلك يغامر بمستقبله الإدارىquot;. وهؤلاء الاساتذة الإنتهازيون الذين يتذللون لرجال الأمن يعاملون المعيدين لديهم كعبيد لتقضية إحتياجات الأسرة وجمع المادة العلمية للطلبة العرب الأثرياء. بإختصار يلخص الموقف بقوله quot; تردى مستوى الأداء بين أعضاء هيئة التدريس وتفكك الروابط الجامعية، وتحول الجامعة إلى مدرسة عليا،واختلال معايير تقييم أعضاء هيئة التدريس بلجان الترقيات.. أو بعبارة أخرى انعكاس الفساد الذى تفشى فى المجتمع على الجامعة... فالجامعة خلية من خلايا المجتمع، تتأثر بما يصيب بقية الخلايا من عطب، ومن أمراض، وهى مرآة تنعكس على صفحتها صورة المجتمع بما فيه من تناقضات وما يعانيه من علل وأوجاعquot;.
هذا هو حال الجامعات فى مصر، ولهذا ليس بمستغرب عدم وجودا جامعة مصرية واحدة ضمن أهم 500 جامعة فى العالم، فى حين أن إسرائيل هذه الدولة الصغيرة بها 6 جامعات، منهم واحدة فى اول مائة جامعة وثلاثة ضمن أهم مائتى جامعة.
ويمكنك الاطلاع على التفاصيل عبر هذا الموقع.
اضغط هنا
أما حكاية الأقباط مع الجامعة المصرية فهى حكاية أكثر آلما، هى حكاية آلاف النوابغ من الأقباط حول العالم الذين حققوا انجازات مرموقة فى جامعات العالم المختلفة بعد أن فروا من التمييز والإضطهاد الدينى ضدهم فى مصر، هى حكاية الآلآف من الأقباط النوابغ فى مصر الذين يكتمون آلامهم بعد أن حرموا من فرصتهم العادلة فى السلك الجامعى. فى دراسة مسحية للأستاذ عادل جندى عن التمييز ضد الأقباط فى الجامعات المصرية يتناول حقيقة الوضع المتردى: فى مصر 17 جامعة لكل منها رئيس وثلاثة أو اربعة نواب بمجموع 85 ليس بينهم قبطى واحد. هناك 274 كلية لكل منها عميد ووكلاء ثلاثة بمجموع 947 لا يوجد بينهم سوى عميد وحيد لكلية آثار الفيوم، ووكيل وحيد لكلية تربية العريش. فى جامعات الدلتا( طنطا والمنصورة والزقازيق) بالإضافة إلى حلوان لا يوجد قبطى واحد ضمن 283 رئيس قسم.فى جامعات الصعيد الاربعة(أسيوط والمنيا والوادى الجديد والفيوم) يوجد قبطى واحد بين 421 رئيس قسم. فى جامعة القاهرة يوجد أربعة اقباط بين 148 رئيس قسم بنسبة 2.7%. فى جامعة عيم شمس يوجد 1 بين 109 رئيس قسم بنسبة 1%. فى جامعة الأسكندرية يوجد سبعة من بين 222 رئيس قسم بنسبة 3%. وهذه النسب الضئيلة فى طريقها للتلاشى نتيجة سياسات تجفيف المنابع أثناء الدراسة وقبل التخرج، ومن يفلت من هذا الكابوس تضع العراقيل أمامه حتى لا يصل لمناصب قيادية فى الجامعة.
حكاية الدكتور عصام عبد الله اسكندر،أستاذ الفلسفة المساعد بكلية الآداب جامعة عين شمس، هى واحدة من هذه الحكايات التقليدية، هى حكاية تجتمع فيها كل أمراض الجامعة المصرية من الفساد والمحسوبية وإستغلال النفوذ والتعصب الدينى من آجل منع أستاذ قبطى من تولى رئاسة قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة عين شمس، حتى وصل الأمرلتلفيق تهمة السرقة العلمية له من آجل تحقيق أغراضهم.
والقصة كما ترويها الوثائق التى ارسلها لنا الدكتور عصام عبد الله كالأتى: انه تقدم في 25 أكتوبر 2007، للترقية إلي درجة أستاذ في الفلسفة، إلي اللجنة العلمية الدائمة، وسلم سبعة أبحاث: خمسة أساسيين وأثنين احتياطي.
في يوم 3 يناير 2008، تمت مناقشة جميع أبحاثه من قبل أعضاء اللجنة العلمية الدائمة، بمقر اللجنة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة.
فى فبراير 2008 وصل خطاب مغلق إلى عميد كلية الآداب بشأن ترقيته واحتوى على تقريرين وليس تقريرا واحدا كما هو متبع،الأول بتاريخ 3 يناير 2008 وبه درجات اللجنة لابحاثه ومن العجيب أن تكون هذه الدرجات جيد جدا وجيد ومقبول وفقا لتقييم د. حسن حنفى، وصفر فى كل الأبحاث وفقا لتقدير د. قدرية إسماعيل.أما التقرير الثانى فجاء يوم 10 يناير 2008 وبه شبهة سرقة علمية كما أشارت اليها د. قدرية إسماعيل.
جاء قرار مجلس قسم الفلسفة بالموافقة علي قرار اللجنة العلمية الدائمة مع تحفظ أحد الأعضاء بالقسم ( د.فيصل بدير عون، وهو عضو في اللجنة العلمية الدائمة)، وقد أصر علي تسجيل رأيه في المضبطة وهو ضرورة التأكد من وجود ( شبهة سرقة علمية ) بالفعل.
اما مجلس الكلية فقد اتخذ قرارا منصفا بعد جلستين وهو: هناك تضارب في التقارير وتناقض في شقيها: الأول وهو ( الدرجات )، إذ كيف يعقل أن يحصل الباحث من أحد المحكمين ( د.حسن حنفي ) علي جيد وجيد جدا، ويمنحه محكم آخر ( صفر كبير ) في كل الأبحاث.والثانى التضارب فى التواريخ والنتائج( لاحظ الفرق بين قرار مجلس قسم الفلسفة حيث المنافسة وطبيعة الغيرة المهنية وبين قرار مجلس كلية الآداب المنصف حيث تتراجع المصالح والمنافسة).
اتصل عميد كلية الآداب بمقرر اللجنة العلمية د.حسن حنفي وأخبره بهذه الأخطاء غير المسبوقة في تقرير ترقيته، فأعترف له المقرر بأن الباحث ( مظلوم مظلوم مظلوم ) ثلاث مرات، وترجاه أن يرسل له التقارير الجماعية والفردية مرة أخري ( بشكل ودي ) لمعالجة الأمر وتداركه بسرعة.
حاول الدكتور حسن حنفى إصلاح هذا الخلل مع اللجنة العلمية وعندما فشل أرسل تقريره الفردى بالفاكس إلى عميد الكلية فى شهر أغسطس 2008 ينفى عن الباحث تهمة السرقة العلمية ومما جاء فى تقريره: إن الباحث كان موفقا إلى حد كبير فى جميع ابحاثه اللهم إلا فيما يتعلق بالتوثيق..لكن هذا الخطأ لا يدخل أبدا فى نطاق السرقة العلمية،لأن الباحث لم يترك مرجعا استفاد منه والإ ذكره فى الهوامش وفى المراجع.
كل هذا تم والدكتور عصام لا يعرف تفاصيل ما جاء فى هذه التقارير السرية، وعلى أى اساس بنت الدكتورة قدرية تهمتها هذه، وهى تهمة تستوجب الفصل من الجامعة إذا كانت صحيحة، ولكن الخيوط بدأت تنكشف خطوة بخطوة، فحتى يتم ضرب تقرير د. حسن حنفى اوعزوا إلى تلميذته د. نشوى صلاح الدين بتقديم شكوى ضده إلى رئيس الجامعة فى أكتوبر 2008 تتهمه فيها بالسرقة من رسالتها، والسؤال من الذى اطلع هذه السيدة على التقارير السرية التى لم يعرف محتواها استاذها ذاته والمتهم فى سمعته العلمية؟ ومن حرضها للشكوى ضد أستاذها الذى أشرف على رسالتها واختار لها موضوع الرسالة وشكرته فى مقدمة رسالتها على ذلك؟،بل وكما يقول انقذها من النزول لوظيفة إدارية بعد أن كادت أن تنهى مدة السبع سنوات المسموح بها دون كتابة رسالتها للدكتوراة؟؟؟؟.وفوق كل ذلك كانت فى مهمة علمية فى الخارج عندما تقدم بأبحاثه للترقية مما يعنى أن شخصا ما قد حرضها على تقديم هذه الشكوى بعد عودتها لتحشر نفسها فى موضوع يتعلق بمستقبل أستاذها.
ان المؤسف فى القصة هو موضوع الدكتورة نشوى،لأنها استدرجت برغبتها أو بدون رغبتها فى هذه القضية الشائكة التى يختلط فيها الطائفى بدوافع الغيرة المهنية، وهى وزوجها المحترم د. شريف يونس، بعيدين عن لعبة التعصب الدينى كما علمت،بل أن شريف يونس أحد المدافعين الشرفاء عن المواطنة والحقوق المتساوية للجميع.
ولمزيد من الضغط عليه ولتثبيت التهمة ولإغتياله معنويا سربوا لمجلة المصور بعض أجزاء من هذا التقرير السرى لتنشره تحقيقا على صفحتين بتاريخ 16 يناير 2009 حيث فوجئ الباحث بتفاصيل التهم منشورة فى مجلة سيارة، وأمام هذه الضغوط لم يكن امام رئيس الجامعة إلا إحالته إلى التحقيق بسرعة امام د. خاد حمدى عبد الرحمن، ولكن الغريب عندما سأل دكتور عصام المحقق عن التهم الموجه اليه بما يفيد كتابة بهذه التهم حتى يرد عليها فرفض المحقق ذلك وقال له رد على ما جاء بمجلة المصور فهذا يكفينا، فقال له سيصلك الرد غدا مكتوبا وبالمستندات، وهو ما حدث بالفعل حيث جاء الرد موضحا كافة المراجع التى اعتمد عليها فى ابحاثه بكل تفصيلاتها ووفقا لقواعد البحث العلمى المعروفة وموضحا أن تقرير اتهامه بالسرقة العلمية هو تقرير مزور يستوجب تحويل كاتبه إلى النائب العام. وكما يقول الدكتور عصام قال له المحقق:ألا يخاف هؤلاء الأساتذة على أسمائهم؟ ولماذا كل هذه الاتهامات ضدك تحديدا؟.
ماذا يمكن أن نتوقع بعد هذا التحقيق وهذا الكلام الجميل؟. البعض يقول أن البراءة وحفظ التحقيق هى التصرف المناسب، ولكن الطبيعى والمنطقى على الاقل أن يصدر حكم بعد هذا التحقيق أما بالبراءة أو بالإدانة. ولكن هذا للأسف لم يحدث منذ نهاية التحقيق فى فبراير 2009 وحتى أبريل 2010، ولم يحسم موضوع الترقية منذ أكتوبر 2007 وحتى الآن، علاوة على تشويه السمعة واغتيال الشخصية فى الجرائد، مع المساومات بأن ينسى الموضوع كله والبدء فى تقديم أبحاث للترقية من جديد!!!
لقد طرق الباحث كل ابواب الجامعة ووزارة التعليم العالى بدءا بالمحقق القانونى فرئيس الجامعة فوزير التعليم العالى، وكانت صرخته المدوية: لم أطلب أكثر من حقي كمواطن مصري أجتهد في هذا البلد، ولم أتجاوز حدودي كأستاذ في الجامعة باللجوء إلي أية جهة غير الجامعة حتي الآن لأخذ هذا الحق، فحاكموني أو حاكموهم؟ أدينوني أو أدينوهم؟ لمصلحة من تجميد موضوع ترقيتي كل هذه المدة، والمماطلة في إعلان براءتي وترقيتي؟.
وعندما أيقن الباحث أن المسألة محبوكة لإبعاده عن رئاسة القسم،وأن العدالة غائبة،وأن الظلم وصل مداه، وأن الجامعة ستعيده ليقف بابحاث جديدة مرة أخرى أمام من ظلموه ومنهم من زور تقرير علمى من آجل ابعاده عن الجامعة، فما كان منه إلا أن طرق أبواب العدالة من آجل الانصاف والدفاع عن سمعته والسعى للشكوى ضد الظالمين. توجه بشكوى للمجلس القومى لحقوق الإنسان برقم 214782 بتاريخ 11 ابريل 2010، وبشكوى أخرى أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وبشكوتين أمام النائب العام ضد د. قدرية إسماعيلن وضد مجلة المصور..وأخير توجه إلى الإعلام ومعه كل المستندات التى تبين طبيعة حجم الظلم الواقع عليه على الأقل من آجل الدفاع عن سمعته العلمية بعد أن سدت امامه كل ابواب العدالة فى الجامعة.... وقد سانده بعض الشرفاء فى وسائل الإعلام،وعلى رأسهم الاستاذ علاء عريبى بجريدة الوفد، وحملوا قضيته أمام الرأى العام.
لقد حدث كل هذا مع شخصية قبطية عامة تشارك بنشاط فى العمل الثقافى والإعلامى والبحثى العام، فماذا يمكن أن يحدث مع الاشخاص العاديين.
لقد جاء الدكتور عصام عبد الله إلى منتدى الشرق الأوسط للحريات حاملا مستنداته متضررا من التمييز الدينى الواقع عليه، وقد اصدرنا بيان تضامن معه وارسلنا الأستاذ محمود الزهيرى المستشار القانونى للمركز متضامنا معه فى الشكوى ضد الذين ظلموه أمام النائب العام... وحددنا مطالبت كالأتى:
1- اعتماد ترقية الدكتور عصام عبد الله بأثر رجعى.
2-إحالة د.قدرية إسماعيل إسماعيل الأستاذ بكلية التربية بجامعة عين شمس،صاحبة التقرير الذي تضمن وقائع سرقة مزورة إلى لجنة تحقيق قانونية.
3-إصدار جامعة عين شمس بيان يعيد الاعتبار المعنوى للدكتور عصام عبد الله أسكندر ولتبرئته من التهمة الموجهة اليه أمام الرأى العام.
إن معرفتى بالدكتور عصام تقترب من العشر سنوات ولم اعرف إنه مسيحى سوى فى نوفمبر 2007 عندما كنت فى القاهرة لافتتاح منتدى الشرق الاوسط للحريات وجاء لتهنئتى ومعه هدية عبارة عن ايقونة مسيحية، ولم اسأله من قبل عن ديانته كما أن اسمه يوحى بأنه مسلم أكثر من كونه مسيحيا، ولم تظهر فى كتاباته الكثيرة أى شئ يدل على عقيدته، كما أنه ليس من المدفعين عن حقوق الأقباط وكتاباته لا تتعدى تخصصه محاولا البعد بقدر الإمكان عن الموضوعات الشائكة... ورغم كل ذلك لم يفلت مما يحدث فى الجامعات المصرية من فساد وتعصب وتدهور فى كل شئ...
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات