على مدى عقود عانينا من الشائعات المغرضة التى كانت تنطلق من جهة مجهولة وتسرى كالنار فى الهشيم مهيجة العامة والبسطاء والغوغاء للإنقضاض على أرواح وممتلكات الأقباط وخاصة فى الصعيد، وهى شائعات لا يصدقها عقل ناضج ومنفتح، مثل رش الأقباط الصلبان على ملابس المحجبات بطائرات الهليوكوبتر!!، وتربية الأسود داخل الكنائس والأديرة،وتعقيم السيدات المسلمات عند الاطباء المسيحيين،وتسميم مياه للشرب فى القرى التى يقطنها مسلمون.. إلى أخر هذه الشائعات الكثيرة الكاذبة المختلقة التى عشناها وخبرنا تأثيراتها المدمرة على مجتمعات مغلقة مثل مجتمعات الصعيد، ودفع الأقباط ثمنا غاليا من جراء نشر هذه التراهات والخزعبلات، وقد جمعت عدد من هذه الشائعات المختلقة فى مقال نشر بجريدة وطنى المصرية فى 29 يوليو 2001 بعنوان quot;الأكاذيب والشائعات ضد الأقباطquot;، وها انا أحذر من ظاهرة جديدة، فيبدو أن الجهة التى نثرت هذه الشائعات رأت أن تأثيراتها محدودة فى ظل العولمة فبدأت بوسيلة أكثر فاعلية وأكثر تهييجا للنفوس المتعطشة للعنف والخراب والدمار، وهى الإدعاءات عبر تحريض أو أعطاء الأوامر لبعض المسلمين لإتهام بعض شباب الأقباط بإغتصاب بناتهن، وهل هناك إدعاءات أكثر تأثيرا على المجتمعات الإسلامية من الدين والجنس،فيكفى صرخة وإسلاماه أو الإسلام فى خطر أو شرف البنت المسلمة الذى دنسه الكفار حتى تنخرط الجموع كالثيران الهائجة تحطم وتكسر وتسرق وتنهب وتقتل وتبث الرعب مع صيحات quot; الله وأكبرquot;، quot; لا اله إلا اللهquot;،quot; فداك أبى وأمى يا رسول اللهquot;.... نفس الصرخات التى اطلقها القاتل الوغد فى فورت هود بتكساس انطلقت من حناجر مئات الأوغاد فى ديروط وفرشوط مؤخرا، وهى نفس الصرخات والصيحات التى تكررت فى مئات الحوادث الإرهابية ضد الأقباط وضد غيرهم حول العالم.
فى فترة وجيزة لا تتعدى الشهرين ويا للعجب تغير الأقباط تماما وتحولوا إلى ذئاب بشرية، فها هو قبطى يغتصب فتاة مسلمة فى المنيا ويصورها، وثان يصور فتاة فى اوضاع جنسية معه فى ديروط وبمساعدة شقيقته، وثالث يضبط فى بيت دعارة فى ملوى ويتجرأ ويساوم مسلمة ساقطة على الرذيلة، ورابع يعتدى على شرف طفلة مسلمة فى فرشوط... والحبل على الجرار كما يقولون.
نفس الجهة التى نشرت الشائعات هى نفس الجهة التى اطلقت الإدعاءات وهى نفس الجهة التى تفبرك التحقيقات وتؤثر على الأحكام القضائية، فلا نعرف أى شئ عن القضية ومن هو الجانى ومن هو المجنى عليه، أو إذا كانت هناك قضية من الأساس، إلا فيما تبثه هذه الاجهزة وكأنها شائعة وليست قضية... والثمن فى كل إدعاء معروف ومحسوب مقدما ومتوقع،quot;أشعل حريق لتثبت للجميع القدرة على التلاعب وامتصاص الغضب الشعبى والهاء القاعدة الواسعةquot;،quot;ازرع الخوف فى قلب الحاكم يترك لك حرية التصرف فى الأمور بدون مساءلةquot;،quot;بث الرعب فى قلوب الأقلية ليبقى النظام هو الملآذ الأخير لهمquot;، quot;ابعد الأنظار عن الفساد المتفاقم بتحويل غضب الشارع للتنفيس فى الأقباطquot;،quot; ابعث برسالة تخويف للعالم من البديل فى حالة الإصرار على تداول حقيقى للسلطةquot;،... لقد انكشفت وتعرت كل هذه الأمور والألعيب، وهكذا دائما الأقباط هم كبش الفداء وهم الذين يدفعون الثمن فى كل مرة.
أما لماذا هذا التجاوب الشعبى وهذا الهياج بعد كل شائعة أو إدعاء ضد الأقباط، فقد اسعفنى المفكر الراحل الدكتور محمد سيد سعيد بتفسيره العلمى لهذا الهياج والتربص بالأقباط، ففى ندوة بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بعنوان quot; هل نقول وداعا للوحدة الوطنيةquot; والتى عقدت بتاريح 30 ابريل 2006 قال quot; أن المسلمين على وجه التحديد ورثوا حقدا دفينا وعميقا وغير قابل للفهم ضد الأقباط، وكان موقفهم بالغ التطرف ضدهم مستعينين بنصوص وفقه القرون الوسطى فى تبرير المعاملة العنيفة للمسيحيين وخاصة فى صعيد مصر، بالإضافة إلى أن هناك شكوكا جادة عن مدى تلاعب الأمن بملف الوحدة الوطنية، فالدولة تحكم شعبها الآن بعقلية إستعماريةquot;.
حسنا أن الذى قال هذا الكلام مفكر مسلم مرموق ومحترم فا أنا اخجل من قول ذلك، رحمه الله رحمة واسعة على وطنيته الصادقة واحساسه المرهف بالظلم الواقع على شركاء الوطن.

فى حوادث فرشوط التى انطلقت فى صباح السبت 21 نوفمبر وصلت الخسائر المبدئية إلى حرق اربعين منزلا وخمس صيدليات وثلاث ورش وعشر سيارات واتوبيس، ونهبوا المنازل وروعوا الآمنيين وهجروا الأقباط من قرية الكوم الأحمر... وما زال حصر الخسائر مستمرا.
وقد اذاعت الحدث بالصوت والصورة موقع قناة سى أن أن الامريكية بتقرير عنوانه quot;تدمير أقتصاد الأقباطquot;، ونشرت الخبر وكالات رويترز واسوشيتد برس ووكالة الأنباء الفرنسية ووكالة الأنباء الألمانية وعشرات المنابر الإعلامية الأخرى حول العالم، فى حين خلت صحف الدولة المصرية الرسمية من أية إشارة إلى هذه الاحداث المؤسفة والإعتداءات الغوغائية الأثمة.
فى حادث ديروط، بعد أن أدت الشائعة والتى هى فى شكل إدعاء، دورها المرسوم والمخطط، وبعد ان هدأت الأمور،قام الدكتور سيتى شنودة بتتبع الحادث من خلال ما نشر عنه فى الجرائد المصرية وتوصل إلى نتائج مذهلة عن فبركة هذا الإدعاء كلية، فقد نشرت صحيفة الوفد فى تحقيق من داخل مدينة ديروط بتاريخ 29 اكتوبر 2009 quot; أن الكليب الذى وزع داخل مدينة ديروط على الهواتف المحمولة والإنترنت هو لفتاة بالغة محترفة البغاء، وكانت على علم بتصويرها.. وكانت تستعرض جسدها فى زهو أمام الكاميراquot;، وذكرت الصحيفة على لسان شخص قالت عنه إنه أحد حكماء القرية المسلمين قوله quot; الكليب الجنسى تم تصويره داخل محل كوافير بأرض العتالينquot;. وقال عضو مجلس الشعب عن ديروط الاستاذ شاهين الكيلانى لجريدة الأهرام بتاريخ 25 اكتوبر 2009 quot; أن ديروط مدينة ذات تاريخ طويل فى الإرهاب والعنف والفتنة...وما يحدث الآن لا يستبعد أن يكون مدبراquot;.،كما نفى الاستاذ حمادة القرشى عضو مجلس الشورى لجريدة اليوم السابع بتاريخ 3 نوفمبر 2009 أن يكون الشاب المسيحى هو الذى نشر الكليب على الإنترنت، وقال quot; أن الذى نشر الكليب هم عائلة مسلمة أرادت الإنتقام من عائلة الفتاة المسلمة وتلويث سمعتهمquot;.
وهكذا بمجرد تتبع الواقعة صحفيا كشف عن فبركتها فلا يعقل أبدا أن تستدرج مدرسة مسيحية تلميذتها فى المدرسة الإعدادية لتدبر لإخيها الإعتداء الجنسى عليها وأن تقوم هذه المدرسة بتصوير شقيقها وهو يمارس الجنس مع هذه التلميذة!!!، هل يصدق عاقل واحد هذه الرواية الرسمية الأمنية المفبركة التى انتشرت كشائعة كريهة وتحولت إلى إدعاء أكثر قبحا؟ هل تجرؤ فتاة مسيحية أن تدبر كل هذا القبح ضد تلميذة مسلمة لديها؟. إنه إدعاء فج وكاذب وقبيح. فإذا كان مجرد تتبع الحادثة صحفيا كشف عن فبركتها واختلاقها فما هى النتائج التى سنحصل عليه لو اجرينا تحقيق عادل من جهة مستقلة ومحايدة؟.
وفى حادث فرشوط تردد أن الذى اعتدى على الفتاة هو أبن عمها. المهم أن الإدعاء ضد الأقباط يؤتى ثماره المرجوة من تدمير ممتلكاتهم والإعتداء على ارواحهم.... وفى النهاية لا نسمع شيئا عن القضية، فاللعبة كلها جزء من استراتيجية دولة على اعلى مستوى ضد الأقباط، وما الشائعات أو الإدعاءات إلا ادوات لتنفيذ هذه الاستراتيجية.
لا تصدقوا مثل هذه الإدعاءات فما هى سوى حلقة جديدة من مسلسل الإستهداف المخطط ضد الأقباط، والجهة التى كانت تنشر الشائعات اصبحت من القوة ولديها سلطات واسعة فى ظل ضعف الحكم فاتجهت إلى الإدعاءات وتلفيق التهم وتهييج الرعاع عبر هذه التهم المختلقة. وحتى ولو ثبت بعد تحقيق عادل أن هناك جريمة قام بها قبطى فى مكان ما، فهل هذا يبرر هذه الإعتداءات الهمجية الواسعة على الأقباط المسالمين؟...وكما قلت واعود واكرر بأن هذه مازالت إدعاءات واتهامات ولم ترقى إلى مستوى الإدانة، ولكن الأخطر واقولها بمرارة شديدة أن ثقة الأقباط فى كافة مؤسسات الدولة المصرية بما فى ذلك مؤسسات العدالة هى الأدنى منذ تأسيس الدولة الحديثة منذ 205 عام.ومن ثم لا نستطيع تصديق هذه الإدعاءات حتى ولو تحولت إلى أحكام قضائية ظالمة، ففى النهاية هى مبنية على تحقيقات مفبركة ومخططة مثلها مثل القضايا التى امطروا بها المعارضين لنظام الحكم.
صدقونى أن هذا هو المأزق الحقيقى،فإذا فقد المظلوم الثقة فى مؤسسات العدالة إلى أين يتجه؟ وإذا تشكك فى حياد جهاز الشرطة فكيف يشعر بالآمان.؟.لا املك إلا أن أقول... ربنا موجود... لا يغفل ولا ينام.
الله يسمع صوت صمتنا.... فما بال بدموعنا وآهاتنا وآلامنا.

مبارك شعبى مصر

لمن يريد أن يعرف أكثر على إضطهاد الأقباط

إضطهاد الأقباط فى اربعة حلقات تليفزيونية
1-الحريات الدينية فى مصر
http://www.islamexplained.com/DaringQuestionEpisod
e128/tabid/1424/Default.aspx

2-إضطهاد الأقباط فى مصر
http://www.islamexplained.com/DaringQuestionEpisode129/tabid/1425/Default.aspx

3-وضع الأقباط تحت حكم الشريعة
http://www.islamexplained.com/DaringQuestionEpisode132/tabid/1433/Default.aspx

4-أسلمة القاصرات القبطيات
http://www.islamexplained.com/DaringQuestionEpisode140/tabid/1451/Default.aspx