تناست الشعوب والأمم (الآدمية ) مفاهيما ً بالية وقواعد تهالكت وأفعالا غير لائقة من أجل نيل الحقوق والمستحقات والأهداف، مفاهيم، مثل القتل العشوائي والإغتيال الغادر والتآمر ضد الصديق واعلان الحرب على عدو وهمي داخلي وإدعاء انتصارات وهي هزائم وخسارات وانحطاط وتراجع أو رمي أسباب الفشل على أقرب جار والصراخ العاطفي لإستجلاب عداوة الشعوب أجمعين بسبب اعتناق مذهبا ً مغايرا ً لدين كبير أو اعتناق دين معاد ٍ لكل أديان الأرض ويكفرها.كذلك سقطت نظرية (الغرب غرب والشرق شرق ) منذ زمن بعيد وبعيد جداً على الرغم ان هنالك وحتى اللحظة من يؤكد على هذا التمييز غير الدقيق بين جهتي الكوكب المسكين.

*****

سقط مفهوم (الشرق شرق ) مع توقف عجلات قطار الشرق السريع قبل ستة عقود من السنين ونيل المستعمرات البريطانية والفرنسية استقلالها السياسي المزعوم والفاشل لحد الأن وهجرة الفكر الشرقي الحر ّ وتوابعه التاريخية والفنية والمهنية الى مدن الضوء، ثم انمحى (مفهوم الشرق شرق ) كليا ً مع بزوغ اليابان والصين الشيوعية ونمور شرق آسيا وإنهيار سياسة الأبارتيد في جنوب افريقيا وسقوط اوربا الشرقية في عقود لاحقة وسنين متتابعة، بينما اصبح الغرب بمفاهيمه الإقتصادية والإجتماعية الحيوية اليومية وعلوم الطب والإقتصاد والتكنولوجيا المفتوحة بارزا في الصين الشيوعية الشعبية واليابان التقليدية والأمارات العربية وماليزيا الإسلامية ناهيك عن التقليد الإجتماعي والثقافي المصري واللبناني والمغربي وبعض الأحيان العراقي والخليجي quot; المشوهquot; لطرق الثقافة الغربية بشقيها الأنكلوسكسوني والفرانكفوني،وكما هو معروف ان المصريين واللبنانيين والسعوديين والعراقيين الإسلاميين هم من يقود الحكومات والمجتمعات والقبائل والعشائر والناس هناك وإن اختلفت مذاهبهم الدينية وشيعهم السياسية،اعتماداً على مفاهيم غربية تبدأ بأتفه التفاصيل وصولا الى البرلمان العام الذي يختلف جذريا ً في الفعل والتشريع مع مجالس الشورى المعينة في بعض تلك البلدان، البرلمان الشعبي الذي يفرز حكومة راجحة،من ترجيح الشعب لها،وليس لغيرها..!!

*****

من اكثر الأدلة على ان الغرب أصبح شرقا ً والعكس كذلك، أو الأصح الشرق العربي أصبح غربا ً مشوها ً وقبيحا ً والعكس غير ذلك !!!، هو مجال التكنولوجيا ذات المفهوم الغربي ndash; الأميركي على الخصوص، فيتم إتباع وتقليد وتنفيذ كافة النظم الإقتصادية والعمرانية ( المادية )، بينما يتم أيضا ًوبكل إصرار منع وتقنين النظم الروحية الإنسانية المتعلقة بالحرية والمساواة والعدالة وهي أساسات الإبتكار والإبداع والإنطلاق للعقل البشري المتجدد دائما ً،،بل يتم التشجيع و بشكل علني على الأميّة الفكرية والعنصرية الدينية والتفرقة الإجتماعية، فيصبح تجاور غير مستساغ للغربي والشرقي على سواء،فالمهندس التكنولوجي حين يوقع عقدا مع شركة خليجية لايجد في مسودة التعاقد فقرة تقول ( يمنع عليك منعا ً باتا ً تقبيل أو مضاجعة زوجتك أمام أربعة من رجال المسلمين اي المواطنين !!)، فليس هناك quot;مسلم quot; بل مواطن وشهادة مسلم هندي أو باكستاني لاتساوي quot; نصف ربعquot; شهادة امرأة خليجية كما هو مذكور في الشريعة الإسلامية quot;للذكر حق الأنثيينquot;، لكنه الغربي يلتزم بقواعد النظام العام والقواعد المتعارف عليها اجتماعيا وإنسانيا في كل بلد توجه اليه وعمل فيه لأنها ثانويات غير مهمة بالنسبة له، بينما العربي الشرقي ثانوياته رئيسية ورئيسياته ثانوية جدا ً، لاسيما الغرور والتباهي والزهو و والكذب الأسود وإدعاء التحرر والعفة والعدالة.

*****

مازال العرب والمسلمون وشعوبهم ودولهم المؤثرة أو الهامشية الممزقة، لايفرقون بين مفهومي الحكومة والمعارضة،والشعب والحزب،والدولة والقبيلة،والبرلمان ومجلس الشورى عمدا ً وتحديا ً أو إهمالا وتنكرا ً للقوانين الدولية والحقوق المدنية لبني البشر. حسبهم أنهم خير الأمم في العرق ودينهم أرقى الأديان وثقافتهم ثابتة نقية لا دس فيها، مما جعل ماضيهم التاريخي عبارة عن إحتلال وغزو إستيطاني قاس ٍ، ومستقبلهم انعدام فكري و انقراض معنوي هائل، أما حاضرهم فبات يشكل خطرا ًعلى الحياة والمدنية والحضارة البشرية برمتها خاصة وأنهم مع معارضيهم الإسلاميين قد تبنوا القسوة في الحياة الدنيا من أجل الحياة الآخرة.فمجرد النظر الى إدارات دولهم نجد أغلبها حكومات غير قانونية شرعية و بلا معارضات قانونية شرعية، وقوانين السياسة الإجتماعية الطبيعية تتعارض مع ذلك، فالحكومة الشرعية القانونية يتحتم عليها وجود معارضة منافسة كي تكون شرعية،وحين تلجأ المعارضة الى خارج أرض الدولة بعيدا ً عن سلطات الحكومة،يعني ذلك أن الحكومة غير شرعية والمعارضة كذلك، فيبدأ هدر الدولة وانحطاط المجتمع وتغرب- نفي الفرد.

*****

المفهوم الغربي للحكومة يعني باختصار شديد ( ادارة المصالح واكتشاف المصادر وتحصيل الضرائب للدولة وتحقيق الرفاهية والأمن والتعليم للفرد والمجتمع والدفاع عن الدولة )،أما المعارضة فتعني ( اختلاف الطرق ووجهات النظر والتطبيقات في ادارة المصالح واكتشاف المصادر وتحصيل الضرائب للدولة من اجل تحقيق الرفاهية والأمن والتعليم للفرد والمجتمع والدفاع عن الدولة )، الغرب يأتي بحكوماته وفقا ً لصندوق الإقتراع وصوت الناخب، والمعارضة ايضا تتشكل وفقا ً لنتائج الإقتراع وصوت الناخب،لذلك تم استخدام كلمة quot;شفافية quot; المضادة للإستبداد والعزل والإلغاء واحترام الفرد والدولة والمجتمع.


*****

جرت انتخابات في العراق، وبانت النتائج،وعلى الرغم من أن العراق واقعيا ً مقسما ً ومجزء ً ليس بسبب اقليم كوردستان بل لصلاحيات المحافظات ومجالسها العشائرية والحزبية والدينية الواسعة التي ألغت مجالس القضاء وجعلت القانون المدني عشائريا ً نافذا ً لأول مرة في تاريخ العراق الحديث، لكنه دوليا ً ما زال يسمى بدولة العراق،ومع كل التأييد الدولي(الغربي ) الهائل لشعبه وتجربته الديمقراطية الفتيه والإصرار على مساعدته وتطويره، وعدم التأييد العربي ndash; الإسلامي لنهظته وتقدمه وتعافيه، فأن العراقيين ممن فازوا بصناديق الإقتراع واصوات الناخبين، يتحاربون ويتلاعنون ويهرعون لدول اسلامية وعربية لحل محنتهم الشرقية !! التي هي غربية أساسا ً،فالحل الشرقي يعتمد القبيلة والعشيرة والمذهب والعرق والدين والحزب واللون والطول والعرض والمصلحة الشخصية، والحل الغربي متوفر وموجود وفعلي وعملي ومطبق وناجح وبشري غير خيالي،وهو انتخابات الشعب كل الشعب اي كل البشر الذين يعيشون على تلك الأرض، وانتخابات الغرب ليس فيها رابح وخاسر، بل حاكم شرعي ومعارض ُمشرع،وفي بعض البلدان تكون رواتب زعيم المعارضة وربعه !! أكثر من رواتب رئيس الحكومة ووزرائه وربعه فلماذا هذا الجر ّ والعر ّ، فليس هناك بعد الأن حكومة عاهرة ومعارضة طاهرة،والعبرة للمتقين.