هل يمكن لرئيس دولة أن يستقيل؟ وماذا لو كانت الاستقالة لرئيس دولة عربية مثلا؟ هل هذا ممكن؟ وكيف ستستقبل الشعوب مثل هذه الاستقالة؟

كلها أسئلة تبدو منطقية ومشروعة في عالم السياسة،وفي الدول الديمقراطية التي يسود فيها الإحترام المتبادل بين الحاكم والشعب،الحاكم الذي يقسم علي مراعاة مصالح الشعب،والشعب الذي لايخاف انتقاد الحاكم اذا ما اخطأ، هكذا وفي هذا الإطار جاءت استقالة الرئيس الألماني quot;هورست كولر quot; الذي تقدم بها صباح الاثنين31 مايو إلى المستشارة الألمانية quot;أنجيلا ميركيل quot; لتعطي درسا جديدا في دروس الديمقراطية والعلاقة بين الحاكم والشعب.

كانت الاستقالة مفاجئة وتسترعي الانتباه والمتابعة بغض النظر عن فاعلية الرئيس الألماني في نظام الحكم في ألمانيا الذي يعتبر المستشارة الألمانية هي الحاكم الفعلي والشخص القوي في البلاد، ورغم انه منصب الرئيس هو منصب شرفي في ألمانيا، إلا انه يبقي واجهة لألمانيا تحسب أقواله وأفعاله علي سياسة بلاده.

هذه الاستقالة الصامتة والمباغتة تطرح سؤالا عن إمكانية إستقالة الرؤساء بالفعل،وأين نحن في عالمنا العربي من مثل هذه الاستقالات والتنازلات التي هدفها الأول هو الحفاظ علي هيبة الدولة ومن أجل إحترام الديمقراطية بل والأهم من هذا وذاك هو إحترام إرادة الشعوب وأخذ رأيها في الاعتبار وفي مقدمة الأولويات لدي الحاكم،هذا بالضبط ما فعله الرئيس الألماني في أسباب استقالته.
إنه تصريح وحيد ليس أكثر هو الذي دفعه لتقديم إستقالته، تصريح وحيد انتقده الشعب الألماني بشدة لم يري بعده الرئيس هورست كولر اي سبب وجيه لاستمراره في منصبه.
كان الرئيس الألماني قبل أيام قليلة في زيارة للقوات الألمانية العاملة في أفغانستان وهناك شدد علي مشروعية عملهم هناك قائلا quot;إن من حق ألمانيا القيام بتدخلات عسكرية لدعم مصالحها،خاصة تلك المتعلقة بالتجارة الخارجية وتأمين طرق التجارة الدولية التي تعتمد عليها ألمانيا في اقتصادها، كما أن لألمانيا أيضا الحق في التدخل في المنازعات الدولية للقضاء علي الاضطرابات الإقليمية التي تؤثر علي فرص التجارة والعمل والدخل.
هذا هو كل ما قاله الرئيسquot; هورست كولرquot; ورغم أن التصريح لا يبدو بهذا الشكل من الأهمية التي يمكن أن يقدم رئيس دولة استقالته بسببها، إلا أن عاصفة من الاحتجاجات قامت في ألمانيا بسبب هذه التصريحات التي رأها البعض منفلته وبعيدة عن الحقيقة ورأي آخرون إن الرئيس لم يتحرى الدقة في اختيار ألفاظه إذ كيف لألمانيا أن تتدخل في نزاعات دولية دون العمل في إطار دولي وهو الأمر الذي يشين دور ألمانيا في لعب دور في السلام العالمي، كثيرون من الألمان ذهبوا بعد هذه التصريحات بالتوجه إلى سؤال رئيسهم عن علاقة القوات الألمانية الموجودة في أفغانستان وتصريحه بمشروعية عملهم في تأمين طرق التجارة الدولية ! وأين طرق التجارة الدولية هذه في أفغانستان؟ هي اسئلة مشروعة طرحها الشارع الالماني ساخرا من رئيسه، وهو الأمر الذي أوقع الرئيس في حرج شديد أمام الشعب الألماني فتقدم باستقالته علي الفور، ورغم محاولة المستشارة الألمانية ووزير الخارجية علي محاولة إثناء الرئيس عن الاستقالة إلا انه أصر عليها احتراما للشعب والديمقراطية ومكانة المانيا التي يجب أن تحسب الكلمات بشأن سياستها بكل دقة.

إن درس استقالة الرئيس الألماني يجب ألا تمر دون استخلاص الدروس والعبر منها خاصة في الدول التي لا تري فيها غير الحاكم الواحد والوزير الواحد والحزب الواحد.


فهل يا تري في دولنا المحروسة كم وزير استقال بسبب تصريحات كذب فيها علي الشعب؟، أو رئيس تنحي عن حكم الشعب ليترك لغيره المجال في التجديد والإحلال والتبديل حتي تنصلح أحوال البلاد والعباد؟.تري كم مسؤول في البلاد يهتم برأي الشعب ولا يقوم بتزوير أرادته في صناديق الانتخاب ليبقي رغما عن انفه ممثلا له في المجالس النيابية أو في السلطة.