نشرت صحيفة وول سريت مؤخرا مقالا بعنوان quot;الأقلية المسيحية المضطهدة في مصرquot; بقلم موهب زكي، المدير السابق لمركز ابن خلدون في القاهرة، رأيت انه من المهم ترجمة أهم محتوياته لقراء إيلاف، تعميما للفائدة. وفي ما يلي أهم ما جاء في المقال:

quot;منذ أسابيع قليلة، اجتمع حوالي 3 آلاف شخص من المسلمين الغاضبين بمدينة مرسى مطروح الساحلية. حدث ذلك بعد صلاة الجمعة التي ألقى فيها إمام المسجد خطبة طالب فيها بتطهير المدينة من المسيحيين الكفار. و كانت النتيجة تدمير 18 مسكنا و 23 متجرا و 16 سيارة، بينما لجا حوالي 400 قبطي إلى داخل الكنيسة حيث بقوا لمدة 10 ساعات.

ما حصل في مرسى مطروح لم يكن حدثا عابرا، إذ أتى ضمن سلسلة متكررة من الإعمال العدوانية تعرض لها أفراد الأقلية المسيحية في مصر، خلال السنة الماضية، نذكر منها ما حصل في قرية كفر البربري في 21 يونيو، في مدينة فرشوت في 23 نوفمبر و في قرية شوشة في 23 نوفمبر. ثم جاءت أحداث نجع حمادي التي أطلقت فيها مجموعات النار على مواطنين مسيحيين كانوا يهمون بمغادرة الكنيسة بعد احتفالات الكريسماس يوم 6 يناير، حيث قتل 7 أشخاص و جرح 62 شخصا بإصابات بالغة.

بالرغم من تعرض الأقباط لهجمات متفرقة منذ زمن طويل، إلا أن عنف السنوات الأخيرة بدا يأخذ شكل عملية تطهير منهجية، أدت إلى هروب آلاف المسيحيين من أماكن سكنهم. و من المهم التنويه أن تدخل قوات الشرطة كانت يأتي دائما متأخرا، رغم دعوات الضحايا الملحة. كما يجبر الجرحى بعد كل هجوم على قبول الصلح مع المهاجمين حتى لا تتم محاكمتهم. و تجدر الإشارة هنا إلى انه حتى اللحظة لم يصدر أي حكم لمعاقبة مرتكبي هذه الجرائم من المسلمين.

و بما أن الحكومة لا تقيم أي اعتبار للأقلية القبطية فقد شجع هذا على تفشي حالة العداء لهم من قبل عدد كبير من المواطنين المسلمين من مختلف الطبقات الاجتماعية. و ساهم الأزهر، المؤسسة السنية الأشهر عالميا، في استشراء حالة العداء هذه من خلال التعاليم التي يقوم بنشرها لدى الطلاب، حيث اصدر منشورا يعتبر الإنجيل كتابا محرفا و المسيحية ديانة وثنية. أما كتاب quot;الإقناعquot; الذي يمثل المنهج الرسمي للأزهر الموجه لطلاب الثانوية فهو يبرر عدم جواز إعدام مسلم ارتكب جريمة قتل غير المسلم (صفحة 146)، كما أن الدية التي يتوجب دفعها عند اقتراف جريمة قتل المسيحي أو اليهودي لا تساوى إلا ثلث الدية التي يتوجب دفعها عند قتل إنسان مسلم (صفحة 187)... و هكذا تغرس مدارس الأزهر التي تحظي بمساعدة الحكومة في أذهان الطلبة منذ الصغر تعاليم عدم التسامح و الاحتقار و الكراهية إزاء المسيحيين الأقباط و بصفة اكبر إزاء اليهود.

لقد تعود أقباط مصر الذين يمثلون حوالي 12% من مجموع السكان على التمييز ضدهم بما في ذلك على المستوى الرسمي. حيث لا يمكن بناء أو حتى ترميم كنيسة دون مرسوم رئاسي. كما أن المواطنين الأقباط مغيبون من سلك المخابرات و الأمن باعتبارهم خطرا في حد ذاتهم. و هذا التمييز نابع عن اعتقاد راسخ في التفكير الجماعي للنخب الحاكمة و الأغلبية المسلمة على حد سواء، إذ تعتبر هذه الأغلبية انه من غير المعقول المطالبة بالمساواة بين المسلمين و الكفار في دولة ذات أغلبية مسلمة.

بالرغم من المعاناة الطويلة للأقباط ما زالت الحكومة تؤكد بما يدع للسخرية بأنه لا وجود للطائفية في البلاد، و تتهم بالخيانة المواطنين الذين يعملون على شد انتباه الرأي العام العالمي إلى محنتهم. و تجدر الإشارة هنا إلا انه رغم نداءات الأقباط المتواصلة لم تقم الولايات المتحدة الأمريكية و الغرب عموما بأي شيء يذكر للضغط على النظام المصري من اجل العمل على التسامح بين مختلف فئات المجتمع. و بطبيعة الحال لن يتم التخلص من وضع الذمية للأقباط بالكلام المعسول. فالأمر يتطلب النضال الوطني المتواصل بدعم من الضغط الدولي. و الأقباط لا يطالبون بتسامح المسلمين معهم بل بالمساواة الكاملة في الحقوق.quot; انتهى

بالرغم من حصول تقدم كبير في مجال حماية حقوق الأقليات في العالم و الدور الذي تلعبه الأقليات في المجتمعات الحرة على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي، مازالت الدول العربية تصر على تجاهل قضايا الأقليات لديها، مما أدى إلى تراكم المشاكل و تمت إدانة أكثر من بلد عربي من طرف المنظمات الحقوقية الدولية الفاعلة. و المأمول أن تسارع دولنا في إعطاء قضايا الأقليات الأولوية التي تستحقها، و ذلك إحقاقا للحق و نظرا للدور الرائد الذي يمكن أن تلعبه هذه الأقليات و في مقدمتها الأقليات المسيحية في دفع عجلة التقدم.
[email protected]