عندما قالت هيلاري كلينتون إن الإيرانيين لا يريدون سيطرة العسكر[ أي حرس الثورة]، بادر البيت الأبيض للتصريح بأن القصد ليس تغيير النظام الإيراني، وإن اليد الأميركية لا تزال ممدودة لإيران. وموقف اليد الممدودة هو أيضا موقف مجموعة 5+ 1. ولكن، لقد مدت الأيدي سنوات، ونظام الفقيه يواصل التحدي، والعقوبات لم تردعه حتى وإن أثرت عليه. وكل ما يبدو من التطورات والمواقف هو الاتجاه الأميركي للتعايش مع القنبلة الإيرانية مقابل تسليح quot;الحلفاءquot; في المنطقة. إن هذه المواقف المتناقضة والمتذبذبة لها آثارها على سياسات دول المنطقة أيضا، التي هي أساسا مائعة تجاه الخطر الإيراني.

نرى مثلا أنه، بينما راحت إيران تخرب كما تشاء في الوضع اللبناني بواسطة حزب الله، وبالموافقة السورية، فإن لبنان الرسمي سوف يستقبل نجاد، والرئيس اللبناني التقي به في نيويورك. وإذ يطالب الرئيس اللبناني بالضغط على إسرائيل في موضوع المفاوضات، فإن أي مسئول لبناني لا يطالب بضغوط دولية لوقف العبث الإيراني الصارخ في البلاد لحد اقتحام حزب الله للمطار في تحد لهيبة الدولة، وتجييش الضغوط، مع سوريا، لإلغاء المحكمة الدولية. وبينما تمضي إيران نحو السباق النووي، فإن الجامعة العربية لا تجرؤ على إعلان قلق دولها من الخطر النووي الإيراني مع أن العديد منها يتشكى في الكواليس والمباحثات عند أميركا ودول غربية أخرى - علما بأن من الأنظمة العربية [قلة] من يرحب بحيازة إيران على القنبلة بأمل محو إسرائيل بها، ومن باب التضامن والتعاون. وهذه هي أيضا رغبة الشارع العربي وكثرة من المثقفين، الذين لا يتردد عدد منهم عن الإعلان في الصحف بأنهم مع حيازة إيران على القنبلة- طبعا بحجة إسرائيل. ولا يمكن لهؤلاء أن يجهلوا أن النظام الإيراني يتدخل في أرجاء المنطقة، ويدفع مشايعيه للنفخ في رياح الطائفية والتفرقة والفوضى في الخليج والعراق. كما أن إيران تواصل احتلال جزر عربية، وإن حيازتها على القنبلة سيمكنها من الإمعان في الغطرسة على العرب ودون أن تجرؤ على ضرب إسرائيل. أنظمة عربية تتسلح ودافعها هو الخوف من إيران لا من إسرائيل، ولكنها لا تجرؤ على التصريح بذلك علنا!! وفي العراق، راحت المليشيات العميلة لإيران تتحرش بالقوات الأميركية التي تتولى مهمة تدريب القوات العراقية بموجب اتفاقية أمنية. وأصابع إيران معروفة في أزمة الحكومة العراقية من خلال علاقاتها بجميع الأحزاب الشيعية الحاكمة، والمليشيات، وما يدعي بجمعيات خيرية. ودورها معروف في دعم موقف المالكي وائتلاف الحكيم في رفض نتائج الانتخابات التي جاءت لصالح العراقية.

أحمدي نجاد يعربد في نيويورك، مستفزا مشاعر الشعب الأميركي، ويبشر بزوال الرأسمالية، ويدعو لبرامج تنمية quot;بعقلية إلهيةquot;!- وهذا فيما الشعب الإيراني يعاني من مصاعب معيشية مستفحلة، ومن استبداد دموي شمولي طاحن. فالنظام الإيراني عاص على التقويم والإصلاح، وإن تقديم quot;الحوافزquot;له لن يردعه بل يزيده تحديا وانفلاتا. والخطر الإيراني يطوق الشعوب العربية، ويهددها.

إن النظام الإيراني خارج على القانون الدولي، وهو آهل للمغامرات، ولا حل للخطر غير تطويقه وعزله، عربيا ودوليا، وغير تقديم الدعم الفعال لنضال الإيرانيين الساعين من أجل تغيير النظام، إن كانوا داخل إيران أو خارجها. وأما آخر الدواء، فلا يمكن استثناء quot;الكي؟quot;؛ فمهما كانت آلام quot;الكيquot; المقصود هنا وتبعاته، فهي أقل سوءا من سرطان الخطر المحدق بالمنطقة وأمن العالم.