مع إقتراب العد التنازلي للموعد المجحف و اللاقانوني الذي حدده رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي من اجل إخلاء معسکر أشرف، تتجه الانظار الدولية و بصورة غير عادية بإتجاه هذا المعسکر و يزداد القلق و التوجس الدولي بوتائر متصاعدة من التوقعات و الاحتمالات السلبية بخصوص ذلك.

القلق الدولي الذي يترجم و بشکل ملفت للنظر في مواقف و تصريحات و نداءات متباينة تطالب الحکومة العراقية بضرورة مراجعة موقفها المعلن من تلك المهلة و تمديدها حتى يتيسر إيجاد حل وسط أمثل يضمن و يکفل حقوق سکان أشرف مثلما يلبي المطالب العراقية المعلنة(وليست المضمرة)، لکن عدم تجاوب الحکومة العراقية مع تلك المواقف و التصريحات و النداءات و کذلك عدم طرحها لموقف واضح و جلي من ذلك، زاد من حدة القلق و التوجس الدوليين من السياق غير المطمئن الذي تتجه إليه الامور فيما يتعلق بقضية معسکر أشرف.

إکتمال الانسحاب الامريکي من العراق و سفر رئيس الوزراء العراقي الى واشنطن عشية ذلك، يسبغ المزيد من الاهمية و الحساسية على قضية معسکر أشرف، ولاسيما وان المالکي قد أطلق من هناك تصريحات مثيرة للقلق و الشك و الريبة لصحيفة (ول ستريت جورنال)، والتي إعترف فيها و بشکل صريح بأن قمع سکان أشرف و مهلة 31 کانون الاول(ديسمبر)2011 لغلق أشرف و نقلهم القسري يأتي کله بأمر و طلب من النظام الايراني مؤکدا بأن إنسحاب القوات الامريکية من العراق هو رغبة النظام الايراني إذ أکد للصحيفة المذکورة:( إذا كانت الذريعة لدى إيران أن تواجد القوات الأمريكية على أرض العراق خطر يهدد الأمن القومي الإيراني فلم يعد هناك هذا الخطر... هناك قضية متبقية لنا مع إيران وهي وجود مجاهدي خلق وأولئك الذين يخلقون المتاعب للإيرانيين وهذه القضية أيضا في طريقها للحل سوف تنتهي.)، ونقل عن المالکي أيضا قوله للصحيفة المذکورةquot; إذا تم نقل مجاهدي خلق إلى مكان آخر حتى نهاية هذا العام بمساعدة من الأمم المتحدة، ففي هذه الحالة لا داعي لتدخل إيران في شؤون العراق) مضيفا بأن وبعد ذلك سيتصدى بقوة لأي نوع من تدخل إيران في الشأن الداخلي العراقي.

ان الاعتراف الخطير للمالکي بتدخل النظام الايراني في الشأن الداخلي العراقي بخصوص قضية معسکر أشرف، وعلى الرغم من انه بمثابة بديهية لدى مختلف الاوساط السياسية في العالم، لکنه يکتسب أهمية إستثنائية ذلك إنه يمثل خرقا فاضحا لکل القوانين المتبعة بشأن حقوق اللاجئين و الهاربين من قمع و إضطهاد نظام سياسي الى دولة أخرى، وهو أمر غير مسبوق بأن يعمد نظام سياسي إستبدادي الى دفع دولة أخرى ذات سيادة لإصدار قرارات تعسفية ضد أناس هاربين من جورها و ظلمها او من أولئك الذين هاجروا الى خارج وطنهم من أجل مواصلة النضال ضد الاستبداد و هو أمر مشروع تسمح به کل الاعراف و القوانين الدولية ذات الطابع الانساني، لکن المالکي و في خرق فاضح و غير مشروع أبدا لهکذا أعراف و معايير و قوانين إنسانية، يتباهى بأنه و من خلال إستجابته للضغوط الايرانية فإنه سيتقي شر التدخل الايراني! وهذا لعمري کلام فيه خطل حيث أن نظاما يمتلك هکذا نفوذ على دولة ذات موقع مهم و حساس کالعراق، ليس من الممکن أبدا أن يضحي او يقلل من نفوذه من أجل إستجابة الحکومة العراقية لطلب من طلباته المهمة وانما من شأن ذلك أن يفتح الابواب العراقية على مصاريعها أمام رغبات و أهواء و نزوات النظام الايراني و ستساهم بالمزيد من إستصغار الدور الوطني العراقي في صناعة و صياغة القرار السياسي العراقي.

ان الموقف و على ضوء ماأسلفنا، يظهر بوضوح أن خطوط ثمة مؤامرة بشعة من نوعها ضد أناس لاجئين محميين بموجب قرارات جنيف بدأت تکتمل رويدا رويدا وان المهلة التي حددها المالکي لإغلاق معسکر أشرف، ليست هي بمهلة من أجل تغيير مکان سکان أشرف و نقلهم الى مکان آخر بقدر ماهي مهلة من أجل تصفيتهم و إنهاء قضيتهم و الدور المهم و الحساس جدا الذي يلعبونه في الشارع الايراني، انها وبحسب کل المعطيات التي تظهر لحد الان مهلة الموت الذي ينتظر 3400 من سکان أشرف، فهل سيسمح المجتمع الدولي بهذه الجريمة في وضح النهار؟!