قد يبدو عنوان المقال صادما للبعض ؟ وقد يخيل للبعض الآخر بأن الظروف الميدانية العربية من واقع الثورات التغييرية العاصفة القائمة لاتسمح بمجرد التفكير بمثل الإحتمال الذي حمله العنوان أعلاه ؟ ، ولكنني أعود وأؤكد بأن نضال وصراع المراة العربية من أجل المساواة القانونية والعدالة ورفع الظلم و الحيف وهي مسؤوليات جمة تحملتها المراة العربية بثبات منذ مرحلة الإستقلال الوطني في خمسينيات وستينيات القرن الماضي هي اليوم على المحك بسبب حالة الإنكفاء الحضاري العربية السائدة للأسف ، وبسبب التقدم المضطرد لأحزاب الإسلام السياسي الأصولية التي يحمل بعضها وليس جميعها أفكار تقليدية تجاوزها الزمن بكثير ولم تعد تصلح أبدا للعصر الراهن ، كذلك الرأي المريض الذي أعلنه أحد قادة التيارات الأصولية الصاعدة في مصر خصوصا والذي يقول بأن ( وجه المرأة كفرجها حرام إظهاره )!! وهي أفكار كما نعتقد منافية تماما لعقيدة التوحيد الإسلامية التي تعتبر النساء شقائق الرجال ؟ كما أنها آراء تتضارب تماما مع التاريخ العربي الإسلامي الذي لعبت فيه النساء أدوار تاريخية مفصلية حاسمة !! ، والواقع إن الطريق السياسي والعملي الذي سلكته المراة المصرية طيلة تاريخ النضال الوطني الطويل هو مهدد اليوم بالكامل من سطوة تلك الجماعات وأفكارها الإنغلاقية المريضة المجافية للمنطق وللواقع وحتى لحقيقة الشريعة والدين ، كما أن سيادة العدمية والأفكار الرجعية الغريبة قد باتت من العوامل والأسباب التي تهدد الربيع الثوري العربي بتحويله لشتاء طالباني متجمد وبما يثير كل عوامل التوجس و الفتنة المختفية بين طيات ملابسنا وتلافيف أدمغتنا في الشرق القديم والتعيس ببعض قوى التغييرفيه التي تعيش في عوالم وهمية من صنعها وصنع متحجرات التاريخ لاعلاقة لها أبدا بعالمنا المعاصر ، ويهدد بنسف كل التحولات الإيجابية والمتغيرات الحضارية و المكتسبات التي حصلت عليها المرأة العربية بنضالها وتضحياتها ، المهم إن مصر اليوم وهي الكيان الأكبر في العالم العربي وتعتبر طليعة التغيير فيه تقف على أعتاب مرحلة دقيقة وحساسة وحاسمة من تاريخها العريق والطويل الحافل بالنجاحات والإخفاقات والمتغيرات المتسارعة ، فالإنتخابات الرئاسية على الأبواب ونتائجها ذات دلالات مستقبلية وحضارية كبرى للغاية ، ومصر التي دخلت السباق الحضاري بشكل رائد في الشرق وحققت جوانب فاعلة من التقدم قبل مرحلة النكوص والتراجع تعتبر بارومتر العالم العربي ودليله نحو المستقبل ، فهي إن فقدت دورا فما ذلك إلا لفترات مؤقتة لن تطول كثيرا وستنتهي مع إنتهاء أسبابها ، و كما نعلم فإن مرشحي الرئاسة في مصر تتباين توجهاتهم بين اليمين المتشدد الرجعي واليسار التقليدي وبين الذين لالون لهم ، فالجماعات الدينية لها مرشحيها الذين لايحملون تاريخا واضحا ، فيما للبعض الآخر من أمثال وزير الخارجية الأسبق وأمين عام الجامعة العربية الأسبق عمرو موسى تاريخ حافل في أروقة وكواليس النظام المصري القديم ولعب دورا مهما في تسويق طروحاته وكان وجها له رغم أنه اليوم يحاول إتخاذ وإعلان خط مغاير بالكامل إلا أن للتاريخ ضروراته وأحكامه التي لاتعرف التأويل ولا المناورة ، وهنالك الدكتور محمد البرادعي بخبرته القانونية الدولية يقف في قوائم الإنتظار ، كما أن هنالك بعض المرشحين من حملة مباخر المرحلة الناصرية العسكرية الدكتاتورية الذين مازالوا يتفاخرون ببضاعتهم الفاشلة الكاسدة التي هي سبب بلاء ومشاكل مصر ليحاولون ملكا متجددا لربما يكررون فيه دولة البكباشية والسجون الصحراوية وعصور الهزيمة المرة!!

وحدها المرأة المصرية يبدو أنها تقف اليوم متفرجة على حالة التشكل التاريخي الجديدة لمصر ، ليختفي إسمها إلا من بعض الرموز الشابة التي لا تمتلك الخبرة ولا التاريخ ولا التجربة ، وأعتقد بأن الفرصة قد باتت مناسبة لليوم لإعادة الإعتبار للتجربة النضالية للمرأة المصرية ولدورها الحضاري الرائد ومن أجل تطمين العالم وجيل المستقبل عن التوجه المصري العام فإنني لا أتردد عن الإفصاح عن دعوة السيدة جيهان السادات أرملة الرئيس الراحل الشهيد أنور السادات للتقدم بمزاولة العمل السياسي والترشيح للمنصب الرئاسي الذي آن الأوان لأن تتبؤاه سيدة كريمة ذات فكر سياسي متحرر ورؤية حضارية متقدمة،ونظافة يد سياسية لم تلوثها كل الدعايات المضادة والمسمومة والمشوهة التي لم تثبت شيئا بل كانت مجرد إتهامات كيدية ذات جوانب سياسية محضة ، لقد مثلت السيدة جيهان السادات مرحلة مهمة من مراحل التطور الإجتماعي المصري ، وعبرت عن مرحلة مهمة من المتغيرات القانونية التي نترك الحكم عليها للتاريخ ، وكانت صورة حضارية أمينة وصادقة لحيوية المرأة المصرية وثقافتها وأمانتها وإخلاصها الإنساني أيضا ، فهي لم تؤسس أبدا لنظام وراثي عائلي وربت أبنائها بعيدا بالكامل عن الرغبة بالإستحواذ على السلطة والثروة والمجد والنفوذ، وعاشت بعد رحيل زوجها الرئيس السادات بقناعة وشرف وتعيش من مرتبها كأستاذة جامعية لم يعرف عنها إمتلاكها للمليارات المنهوبة ، سيدة بحجم ومواصفات وتضحيات جيهان السادات أعتقد أنها أكثر من مناسبة للمنصب الرئاسي في مصر الجديدة إضافة للرمزية و الخصوصية التي تمثلها السيدة جيهان في المشهد المصري ، فالرئيس الراحل السادات لم يكن مجرد ( يوزباشي ) وصل للرئاسة بل كان رغم إختلاف التقويمات فيه و بعصره وسياساته عنوانا لمرحلة تغييرية مهمة وعاصفة من مراحل التاريخ المصري الحديث فهو بطل أكتوبر بعد البطل الأكبر وهو الشعب المصري ، وهو رجل السلام الذي دفع الفاتورة الغالية من دمه... في ترشيح السيدة جيهان السادات للرئاسة تطمين مباشر للقوى المجتمعية الحية ، و تمجيد وإحترام لشخصية المرأة المصرية المناضلة.. والله من وراء القصد..!.

[email protected]