الخلط بين الدين والإيمان، والمتدين والمؤمن، وعدم الفرز بينهما من حيث الأولوية مشكلة تصيب غالبية البشر. وهو يؤدي الى تراجع الغايات وتقدم الوسائل والهامشي على الأساسي.

الدين سواء كان الإسلام أم المسيحية أم اليهودية : هو أيديولوجيا وموروث خاضع لقانون النسبية، والتفسير والتأويل، والتوظيف الشخصي والسياسي والإجتماعي، والإستثمار المشروع وغير المشروع. والدين إختزال لله، وهو يدعي إحتكار الحقيقة والإيمان.

وينتج عن الأديان والطوائف بالضرورة قولبة للحياة والروح والعقل وللإنسان، والدين بوصفه أيديولوجيا بشرية لديه مشروع لتأطير حياة الأفراد والجماعات داخل قيود وسجون الأحكام والعقائد، وبالتالي فهو قتل للحرية.

وقد رافقت مسيرة الأديان طوال التاريخ الإنشقاقات الطائفية، وإنقسام الطائفة نفسها الى فرق صغيرة، ونتج عن ذلك الصراعات و مشاعر الكراهية والتعصب والحروب وقتل البشر بإسم الله!

بينما الإيمان بالله هو شعور مطلق يحلق في فضاء الحب والحرية، وهو تجربة باطنية فردية ليست مرتبطة بأيديولوجيا الجماعة. وكلما تعمق الإيمان بالله.. زادت حالة الترقي الروحي والإنساني لدى المؤمن، وبما ان لايمان لايدخل في تنافس وصراع مع الآخرين، ويظل في حدود المشاعر الباطنية فإنه ينفتح في علاقة إنسانية على الآخر المختلف و يشيع السلام والمحبة، في حين التعمق في الدين سيؤدي حتما الى التعصب وإدعاء إحتكار الحقيقة والإيمان وتكفير الآخر المغاير.

والإيمان بالله ليس بحاجة الى أحكام وعقائد الدين وسلطة رجال الدين، انه شعور حر طليق يتجه نحو قوى عليا مجهولة خلقت هذا الكون ومافيه، هذه القوى أطلق عليها إسم رمزي هو الله أو الرب أو الخالق... آمنا بها. وبما ان المؤمن متحرر من أحكام الدين وقيوده، فهو لايستكين للأجوبة الجاهزة التي قدمتها الأديان، بل يظل في حالة تساؤل وبحث ومكابدة لمعرفة حقيقة وطبيعة وصفات سر الأسرار الخالق العظيم. وإستغراق المؤمن بالدهشة والحيرة والقلق والتساؤل يكون مصحوبا بمشاعر الحب لله، فالإيمان شعور متحرك لايهدأ.

وعند فرز الأولويات نجد : أن الدين وسيلة، و الإيمان غاية، والدين أحيانا يتعارض مع العقل ومصالح الإنسان وعدالة الله. بينما الإيمان يسعى نحو الخير والحرية.

[email protected]