لم يبق سوى اسبوعين الى المهلة التي حددتها حكومة نوري المالكي لاغلاق مخيم أشرف في العراق. و مع أن كثيرين من الخيرين في العالم طلبوا بإلحاح من حكومة المالكي تأجيل هذه المهلة، لكنها تؤكد وتصرّ على القرار الذي اعلنته هذه الحكومة بعد يوم من الهجوم الوحشي على أشرف في الثامن من شهر إبريل من هذا العام.

أن هذا النوع من الاصرار والتعنت يشير إلى مماثلة توجه النظامين الايراني والعراقي في هذه المجالات. فكما أن النظام الايراني لايعير أي اهمية للقرارات الدولية ولقرارات مجلس الامن وغيرها وللعقوبات المفروضة على هذا النظام وللادانة الدولية الواسعة في مختلف الهئيات والاجهزة الدولية لعشرات المرات بسبب انتهاكه الصارخ لحقوق الانسان، فهكذا تعمل الحكومة العراقية التي تولدّت من التقارب بين النظام الايراني والحكومة الامريكية في العراق.

لهذا السبب مع أن الامين العام للامم المتحدة وممثل الامين العام في العراق رئيس اليونامي والبارونة اشتون وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي وعديداً من وزراء الخارجية في الدول الاوربية كبريطانيا وايرلندا وبلجيكا و هولندا وكندا و... ومئات من الشخصيات السياسية ونواب البرلمانات طلبوا من الحكومة العراقية ضرورة تأجيل هذا الموعد، لكنها لم تقبل هذا الطلب، بل بالعكس تماماً شددّت أكثر من السابق على قرارها الذي يترجم قبل كلّ شيء إملاء النظام الايراني.

الموقف العراقي لايثير كثيرا من الاستغراب لانه يأتي منسجماً مع موقف النظام الايراني ويشير إلى أن النظامين يشربان من منهل واحد وهو ولاية الفقيه. فلاعجب أن أحد المرافقين لوفد الحكومة العراقية في زيارتها للولايات المتحدة الذي دخل البيت الابيض هو هادي العامري الذي كان يقيم في إيران.

اذن لامجال للغموض والشك في أن خطة القضاء على أشرف وعلى مجاهدي خلق ليست خطة عراقية بل هي خطة الملالي الحاكمين في ايران. لأن الشعب العراقي بالملايين من جميع المذاهب والاديان والاعراق والقيادات السياسية والحزبية بكل اطيافها ورؤساء العشائر والقبائل من كل أنحاء العراق ورجال الثقافة والقانون اعلنوا مئات المرات بأنهم مع مجاهدي خلق ومع بقائهم في العراق.

فالقضية ليست قضية السيادة الوطنية العراقية التي تتذرع اليها حكومة المالكي احياناً لارتكاب المجازر والجرائم ضد سكّان أشرف، لأن مجاهدي خلق لم يمسّوا سيادة العراق، بل بالعكس كانوا ولايزالون laquo;الرقم الصعب في موازنة القوى في العراقraquo; لصالح الشعب العراقي، كما جاء في بيان خمسة ملايين ومائتي مليون عراقي. بمعنى أن وجود مجاهدي خلق في العراق بجانب القوى الوطنية العراقية يصوت كرامة العراق وسيادته أمام مساعي إيران لنيل هذه السيادة وإحكام سيطرتها على العراق.

وكان أشرف ما بين 2004 و2009 محطّ آلاف مؤلفة من أبناء الشعب العراقي للقاءات وللاحتفال بالمناسبات الدينية والوطنية، في وقت لم يكن العراق مؤمّنا في الاساس لعقد مثل هذه الاجتماعات. وهكذا اجتمع، على سبيل المثال، أكثر من خمسين ألف عراقي لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف عام 2004 في أشرف.

وفي ما يتعلق بالشأن العراقي الداخلي فإن سكان أشرف أعلنوا وعملوا خلال هذه السنوات من أجل المحافظة على سيادة العراق على أشرف أيضاً حيث أنهم اعطوا للعراقيين المباني والمنشآت التي بنوها بجانب أشرف لسكن ومبيت القوى الامنية العراقية، كما أنهم رفعوا أعلام العراق على مختلف مناطق المخيم وغير ذلك مما يرمز إلى تمسكهم واحترامهم بالسيادة العراقية.

وكما قال احد كبار الساسة العراقيين اذا كان المالكي صادقاً في عراقيته وملتزماً بمصالح الشعب العراقي لكان عليه أن يتعلم من أشرف ويجعل من أشرف نموذجاً ومثالاً لجميع أنحاء العراق حيث أن سكّان أشرف استطاعوا خلال هذه السنوات من بناء مجتمع إنساني حضاري مسالم من خلال الركون على أنفسهم وكفاءتهم الذاتية وإرادتهم الانسانية.
لكنّ المالكي وحيث أن ليس له سوى تطبيق أجندة ولاية الفقيه في العراق وفي أشرف فلايشكّ في قتل سكّان أشرف وارتكاب المجازر بحقهم ونهب وسلب ممتلكاتهم وفرض الحصار الظالم اللاإنساني عليهم وشنّ حرب نفسية و... مما يندى له جبين أي إنسان ناهيك عن أن يكون هذا الانسان مسلماً.

وأرى من المستحسن أن أنقل هنا فقرات مما جاء في كتاب أمير المؤمنين علي بن ابي طالب إلي مالك الاشتر النخعي حين ولّاه مصر حيث كتب له:
laquo;ثُمَّ اعْلَمْ يَا مَالِكُ أَنِّي قَدْ وَجَّهْتُكَ إِلَى بِلَادٍ قَدْ جَرَتْ عَلَيْهَا دُوَلٌ قَبْلَكَ مِنْ عَدْلٍ وَ جَوْرٍ وَ أَنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِكَ فِي مِثْلِ مَا كُنْتَ تَنْظُرُ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلَاةِ قَبْلَكَ وَ يَقُولُونَ فِيكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ...وَ أَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ وَ الْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَ اللُّطْفَ بِهِمْ وَ لَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ وَ إِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ...raquo;
يبدو أن المالكي اختار أن يكون laquo;سبعا ضارياraquo; على laquo;الرعيةraquo; من أبناء الشعب العراقي وعلى سكّان أشرف. فمن الافضل نقل الفقرات التالية من الكتاب المذكور التي يعتبر المالكي مخاطبا لها:

laquo;وَ مَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللَّهِ كَانَ اللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَ مَنْ خَاصَمَهُ اللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ وَ كَانَ لِلَّهِ حَرْباً حَتَّى يَنْزِعَ أَوْ يَتُوبَ وَ لَيْسَ شَيْrlm;ءٌ أَدْعَى إِلَى تَغْيِيرِ نِعْمَةِ اللَّهِ وَ تَعْجِيلِ نِقْمَتِهِ مِنْ إِقَامَةٍ عَلَى ظُلْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ دَعْوَةَ الْمُضْطَهَدِينَ وَ هُوَ لِلظَّالِمِينَ بِالْمِرْصَادِraquo;.
ولا عذر لمن انذر.


رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية