مع کل تلك الضغوط و النداءات الدولية الموجهة للحکومة العراقية بتأجيل مهلة إغلاق معسکر أشرف، يتصرف المالکي و کأن الامر لايعنيه و يبدو انه سائر قدما بإتجاه تنفيذ وعده و مواجهة کل الاحتمالات و النتائج المترتبة عليه من جراء ذلك.

الضغوط القادمة من ساسة و مشرعين اوربيين و أمريکان من أجل إقناع الحکومة العراقية بتأجيل موعد إغلاق المعسکر الى إشعار آخر، تلقى تفهما عميقا من لدن الاوساط السياسية في المنطقة، بل وأن هناك نوع من(التفهم) و(التعاطف) مع هذا المطلب الانساني خصوصا وأن هذه الاوساط السياسية تعلم جيدا ان إزاحة صخرة أشرف من أمام النظام الايراني سوف تکون کفيلة بمنحه فرصة کبيرة کي يتفرغ لأمور أخرى، ولاسيما وان التخلي عن معسکر أشرف بهذه السهولة قد تدفع النظام الايراني الى المزيد من التشدد و التعنت في مواقفه المختلفة و تحثه على فرض شروط و مطاليب أخرى على دول المنطقة بصورة خاصة و على العالم بصورة عامة.

أهمية معسکر أشرف تجلت للمنطقة و العالم بعد کل تلك الضغوط السياسية و الامنية و العسکرية المتتالية للنظام الايراني على الحکومة العراقية من أجل الاسراع بتصفية ملف معسکر أشرف، ولاريب من أن المجتمع الدولي قد إنتبه کثيرا لهذه الحقيقة و على الرغم من تحرکه (المتأخر جدا)، لکنه قد لايفکر بالتفريط بسهولة بهذا المعسکر الذي يمثل معقلا مهما للمعارضة الايرانية و له تأثير کبير و ملفت للنظر على الشارع الايراني بإعتراف النظام نفسه، ولذلك فقد تکون هناك خلف الکواليس ثمة تحرکات و إتصالاتquot;خاصةquot;، لإيجاد حل وسط من شأنه وضع حل مقبول لمهلة المالکي.

النظام الايراني الذي يعيش عزلة غير مسبوقة و يشهد تراجعا ملحوظا في أدائه على مختلف الاصعدة، يعلم جيدا ان نجاحه في إجبار المالکي على الاستمرار قدما لإغلاق معسکر أشرف، سيکون من شأنه تقوية موقفه السياسي و الامني على صعيد الداخل الايراني و المنطقة و العالم، و يعلم في نفس الوقت ان فشله و إخفاقه في ذلك سوف يساهم في المزيد من الاحباط و التراجع له على الاصعدة الثلاثة الآنفة الذکر، رغم أنه يدرك أن تحقيق هذا المطلب صعب و بالغ التعقيد.

معسکر أشرف، وعلى الرغم من الحصار المفروض عليه و کل تلك الخسائر البشرية و المادية التي تکبدها، يظهر للعيان بأنه قد نجح في إيصال قضيته للعالم کله و جعل کل الامور تحت الاضواء و على المکشوف، بل و يرى بعض من المراقبين و المحللين السياسيين أنه(أي معسکر أشرف)، قد نجح في جر قدم النظام الايراني الى مواجهة استثنائية لها جوانب و أبعاد عديدة وقد صار طرفا بحد ذاته في مواجهة النظام الديني وان العالم کله قد بات يدرك بأن الصراع الدائر بين النظام الايراني و معسکر أشرف، هو صراع وجود او فناء، صراع نظام و بديل سياسي يقارعه منذ أکثر من ثلاثة عقود، هذه الحقيقة يظهر ان نوري المالکي لايجيد قراءتها بدقة و إستکناه مابين سطورها من حقائق مهمة أخرى، ولو أصر المالکي على موقفه للنهاية و قام بإغلاق أشرف وفق السيناريو المرسوم حاليا، فإنه و مما لاشك فيه سيتحمل نتائج عمله هذا مستقبلا، نتائج ستکون بمثابة ألغام سياسية موزعة على عدة مراحل بالاضافة الى إحتمالات و خيارات أخرى، فهل سيفکر المالکي بتلك النتائج؟