بعد أن تم فصله أو إستقالته من رئاسة لجنة السياسات فى الحزب الوطنى فى مصر، وبعد تنحى والده عن رئاسة الجمهورية، اصبح السيد / جمال مبارك (خالى شغل)، ولمناقشة الخطوة التالية جلس جمال فى شرم الشيخ بالفيلا فى الغرفة الشتوية فى صباح البحر الأحمر المشمس مع زوجته السيدة / خديجة الجمال ووالدته السيدة سوزان مبارك وأمامهم طقم شاى وبعض قطع الجاتوه، ودار بينه وبينهم الحديث التالى:
خديجة: إيه ياجيمى ناوى تعمل إيه بعد ما سبت الحزب؟
سوزان: يعنى إيه حيعمل إيه؟ أهو يخليه معانا دلوقت لغاية ما نشوف حنعمل إيه.
خديجة: طيب ما تيجى نسافر إنجلترا ياجيمى، البلد دى ما بقتش تنفع لنا.
جمال: أنا مش ممكن أسافر وأسيب بابا وخاصة بعد ما ساب الرئاسة.
سوزان: يعنى إيه يادودى تسافروا إنجلترا، عاوزين تسيبونا فى ظروف زى دى؟
خديجة: أنا قصدى نسافر بس لغاية ما الأمور تهدأ.
جمال: أنا قلت لك يا دودى مش ممكن أسيب بابا، أنا حاأبتدى أدور على شغل.
خديجة: إيه رأيك تشتغل مع دادى؟
خديجة: لأ .. يا دودى.. أخوه علاء أولى بيه، إيه رأيك تشتغل مع علاء ياجيمى؟
جمال: أنا ما أقدرش أشتغل مع علاء ... أولا: ما بأفهمش فى شغله، ثانيا: ما أعتقدش إننا حنقدر نتفاهم مع بعض، ولسه متخانق معاه خناقة لرب السما فى القصر الجمهورى فى مصر إمبارح.
سوزان: والله ياجيمى رئاسة الجمهورية كانت أحسن شغلانة لايقة عليك.
خديجة: منه لله أونكل عمر سليمان، هو إللى قال فى تصريح صحفى إن جمال مش ناوى يرشح نفسه للرئاسة.
جمال: ما أعرفش جاب الكلام ده منين؟ أنا مواطن مصرى ومن حقى أرشح نفسى للرئاسة زى أى مواطن.
خديجة: طيب إيه العمل؟ حتفضل قاعد كده فى البيت لا شغلة ولا مشغلة؟
جمال: جرى إيه يادودى؟ إنت ناقصك حاجة؟ وأنا على العموم ... ضرورى أشتغل.
سوزان: إنت مش كنت بتشتغل فى بنك أوف أمريكا؟ ما تحاول تشتغل معاهم تانى.
جمال: قفلوا فروعهم فى مصر.
خديجة: طيب ما تشوف بنك تانى.
جمال: أنا بكرة عندى (إنترفيو) لمنصب مدير بنك جديد حيفتح فى القاهرة.
سوزان: موفق إن شاء الله يا جيمى.
....
فى اليوم الثانى يذهب جمال مبارك لمقابلة رئيس بنك quot;بوركينا فاسو ناشونال بنكquot; فى فندق الهيلتون بشرم الشيخ.
دخل جمال الفندق وهو يتخفى خلف نظارة سوداء ويلبس برنيطة، وصعد إلى الجناح الرئاسى المقيم فيه رئيس البنك، وطرق الباب وفتحت له فتاة إفريقية جميلة قدمت نفسها على أنها سكرتيرة رئيس البنك، وقالت له تفضل ولو سمحت تعطينى سيرتك الذاتية، وسلمها جمال ورقتين عليهما سيرته الذاتية المهنية. وطلبت منه الفتاه الإنتظار فى الصالون الملحق بالجناح.
وجلس جمال على فوتيه مريح فى الصالون ونظر إلى منظر خليج نعمة بالبحر الأحمر من الدور الخامس ، وتذكر منظر كان يراه يوميا من مكتبه بالحزب الوطنى، منظر كوبرى قصر النيل على بعد خطوات من ميدان التحرير ذلك الميدان الذى كان سببا فى جلوسه فى إنتظار رئيس بنك بوركينا فاسو، لم يتعود جمال مبارك على إنتظار أى أحد، الناس كبيرهم قبل صغيرهم كانوا ينتظرونه بالساعات وأحيانا كانوا ينتظرون مجرد إلتفاتة أو إبتسامة أو تلويح باليد، الآن هو ينتظر رئيس هذا البنك لأكثر من نصف ساعة، ولكن (معلهش) الصبر جميل.
وأخيرا دخل عليه رئيس بنك بوركينا فاسو ناشونال بنك، وكان يتوقع شخصا إفريقيا ففوجئ بشخص بدا من شكله ولهجته أنه فرنسى، ودار بينهما الحديث التالى:
رئيس البنك: هل تعرف الفرنسية؟
جمال: أنا أعرف فرنساوى لكنى أفضل أتكلم إنجليزى.
رئيس البنك: خلاص نتكلم إنجليزى.
جمال: أوكى.
رئيس البنك: أحب أعرفك على البنك بتاعنا، إحنا البنك بتاعنا عبارة عن شراكة ما بين بنك باريس وبنك بوركينا فاسو وأطلقنا عليه :quot; بنك بوركينا فاسو ناشونالquot;، وإحنا ناويين ننتشر فى كل أفريقيا، وأهم بلاد عاوزين ننتشر فيها إلى جانب بوركينا فاسو هى مصر ونيجيريا وجنوب أفريقيا.
جمال: دى حاجة عظيمة جدا وخطوة فى الإتجاه الصحيح.
رئيس البنك: كلمنى شوية عن نفسك، إيه آخر وظيفة كنت بتعملها
جمال (بتلعثم): أنا كنت رئيس لجنة السياسات فى الحزب الوطنى المصرى
رئيس البنك: يعنى إيه مش فاهم، دى كانت وظيفة ولا عمل تطوعى.
جمال: لأ ... هى الحقيقة كانت عمل تطوعى
رئيس البنك: يعنى كنت يتاخد مرتب من الوظيفة السياسية دى؟
جمال: لأ.. الحقيقة أنا ما كنتش باآخد مرتب .
رئيس البنك: طيب كنت عايش منين؟
جمال: أنا لى بعض الإستثمارات إللى بتدخل لى عوائد.
رئيس البنك: يعنى عوائد فى حدود كام فى السنة؟
جمال: حوالى نصف مليون دولار فى السنة.
رئيس البنك: ياه... ده أكثر كثير من ضعف ما أتحصل عليه أنا من البنك، طيب عاوز تشتغل ليه، مادام بيجى لك الدخل ده.
جمال: أنا أولا مش واثق إن الدخل ده حيستمر وخاصة بعد أن ترك والدى منصب الرئاسة، وثانيا: أنا أموت لو قعدت فى البيت.
رئيس البنك: طيب أحكى لى شوية كنت بتعمل إيه بالضبط فى الحزب الوطنى؟
جمال: أنا كنت باأضع سياسات الحزب، وكنت باشجع رجال الأعمال على الإنضمام للحزب، وقدرنا نزود أعضاء الحزب إلى 4 مليون عضو.
رئيس البنك: أنا كنت بأتابع مع العالم كله أخبار ثورة 25 يناير المصرية، وما كنتش شايف أى أثر فى الشارع لأعضاء حزبك إللى بتحكى عليهم.
جمال: أولا دى ما كانتش ثورة، ودول بعض الإرهابيين المسلمين إللى كانوا عاوزين ينتقموا من والدى لأنه كان واقف لهم بالمرصاد، وحا افكرك مصر حتقع فى إيدين الإرهابيين وحتكون أسوأ من إيران
رئيس البنك: يعنى إيه رأيك ما فيش داعى نفتح فرع للبنك فى مصر؟
جمال: ده طبعا شئ يرجع لكم، ومصر بلد كبيرة وفيها أعمال كبيرة.
رئيس البنك: وفى تقديرك هل نجح حزبك أم فشل؟
جمال: أنا أعتقد إن الحاجات إللى كنت باأحاول أعملها للحزب كانت سابقة لأوانها وأنا كنت سابق عصرى، وإذا كنت تعتبر ده فشل، ده رأيك.
رئيس البنك: لكن إزاى خبرتك فى الحزب تقدر تفيد البنك؟
جمال: أنا لى علاقات ممتازة فى البلد، ومحاور متميز وإدارى ناجح.
رئيس البنك (يحاول أن يدارى إبتسامة): وتعتقد علاقاتك الممتازة حتستمر بعد خروج والدك وخروجك من الحكم؟
جمال: أكيد، إنت ما تعرفش أنا لى أفضال أد إيه على ناس كثيرة فى مصر، أنا فيه ناس عملتهم من ما فيش، واصبحوا على قمة السلطة والثروة.
رئيس البنك: طيب أحكى لى عن خبرتك البنكية.
جمال: أنا كنت باشتغل فى بنك أوف أمريكا فى مصر ولندن.
رئيس البنك: بس الكلام ده من زمان قوى.
جمال: آه بس أنا لسه أقدر أدير أى بنك.
رئيس البنك: وهل تعتقد إن الناس فى مصر حتحب تشوف جمال مبارك بيشتغل رئيس بنك فى القاهرة، بعد ثورة 25 يناير؟
جمال (بعصبية): برضه حتقوللى ثورة، ما قلت لك دى حركة شغب، حتى لو كان نزل فى الشارع 2 مليون شخص، مصر فيها 83 مليون مانزلوش الشارع، كل دول كانوا معانا، وحتشوف صدق كلامى بعد الأمور ما تهدى.
رئيس البنك: إسمح لى أسألك سؤال شخصى؟
جمالك إتفضل.
رئيس البنك: إنا سمعت إن السنة إللى فاتت أخدت مراتك وسافرت لندن عشان تولد هناك، ياترى إيه السبب؟ هو ما فيش مستشفيات ولادة فى مصر؟
جمال: والله دى كانت رغبتها، وما حبتش أكسر لها الرغبة دى، أوعى تصدق كلام الإشاعات إنى كنت عاوز بنتى تاخد الجنسية الإنجليزية، أنا معتز بجنسيتى المصرية جدا.
رئيس البنك: طيب آخر سؤال: ياترى تتوقع إنك تاخد كام فى منصب مدير فرع القاهرة.
جمال: أنا الفلوس ما تهمنيش قوى؟ أنا المهم إنى أشتغل، ولكن ممكن أكتفى بخمسن ألف دولار فى الشهر وده أقل من مدرب خوزيه مدرب فريق النادى الأهلى لكرة القدم.
رئيس البنك (يحاول أن يدارى إبتسامة أخرى، وينهض منهيا المقابلة): طيب مستر جمال إحنا حنتصل بيك، ما فيش داعى تتصل بينا!!
[email protected]