مما لاشك فيه ان للحصان مكانة مميزة في التاريخ العربي ولم ينقطع تاريخ هذا الارث في مخيلتنا العربية في عصرنا الحالي رغم التحول الجذري والمذهل في طرق وأليات النقل والحروب وحتى السباق، وكما للفرس العربي هذه المكانة فللفارس العربي ايضا مكانة لاتقل شأن حينما رافقته تاريخيا سمات النبل والشجاعة والايثار والكرم والوفاء والصدق.

ولااعرف حقيقة لماذا يصر بعض رموز الديكتاتورية العربي الحاكمة من الاصنام التي سقطت او التي في طريقها للسقوط على التبجح بنشر صورهم وهم يركبون الخيول رغم ان أغلبهم لاهم من المتسابقين ولاهم ممن يحملون ولو قشور اخلاق الفرسان والفروسية التاريخية التي تعلمناها او التي وصلت الينا بكتب التاريخ وبقصائد الشعر العربي المتفرد الجميل.

وفي مقارنة بسيطة مع الرموز السياسية الغربية سوف لن تجد مثل هذه الصور في واجهات الاعلام الغربية رغم ان اغلبهم فعلا يمارس ركوب الخيل منذ طفولته كجزء من ثقافة متوافرة في المجتمعات الغربية. لكن الفرق بين اصنامنا ورموز الغرب ان الاول ديكتاتور لايهمه راي عامة الناس ولاتحكمه ضوابط كابحة لنزعاته الشخصية والثاني منتخب ديمقراطيا ويحكمه دستور يفرق بشكل واضح بين العام والخاص. وقد تكون معركة البغال التي قادها صنم مصر في ميدان التحرير قبل عدة ايام ضد ثوار مصر خير صورة على مستوى الهمجية والاقحام واللا مبالاة الرسمية العربية بمشاعر ورغبات الجمهور العربي.

اما الحصانة فاعتقد لايوجد في كل الارض حاكم مصون غير مسؤول مثل الحاكم العربي المطلق وهي ميزة حكم نتفرد بها على بقية الامم وبشكل اكبر من مذهل واكثر من معيب، ولو اجاد المراقب التعمق بها وجمع تفاصيلها الانسانية الصغيرة والكبيرة لوصل بكائه حد النحيب والصراخ، واذا كان صنم العراق قد اخذ القصاص العادل باعدامه، فان صنم تونس ورغم كل الكوارث التي ورثها لتونس ورغم انه خلال اسبوع واحد فقط لاغير قتل اكثر من 280 مواطن فلم نسمع احد سال عن هذه الجريمة الكبرى بل وكأن الامور انتهت بهروبه عن كرسي الحكم مع مليارات مسروقة من ثروات الشعب التونسي وبقيت ام محمد البوعزيزي وبقية الامهات التونسيات يربطن الليل بالنهار بخيوط حزن الامهات على فقدان فلذات الاكباد. ونفس الشيء ينطبق على صنم مصر فلقد قتل حسني مايزيد على 300 مواطن مصري خلال اسبوعين ومع تلاشي حسني لم نسمع هناك من يطالب بدماء هولاء حتى من قبل الشباب الثوار فالجميع يتكلم عن الانتخابات والدستور وأليات الحكم القادم!

انه نوع من النسيان والتجاهل الشعبي البائس تقابله حصانة غير مبررة لكل الحكام العرب الساقطين والذين في طريق السقوط وهي حصانة للقتل والبطش دون اي رادع قانوني بعد ان غاب ومنذ عقود طويلة الرادع الانساني والاخلاقي عند الاصنام العربية الديكتاتورية فاصبحت دماء الشعوب العربية بحار يتفنن بها الحاكم العربي في طرق السباحة والغوص بها والاستباحة المفرطة لها وماحدث ومايحدث في مصر وتونس واليمن والبحرين والجزائر وليبيا ليس اول ولااخر المشوار في هذه الحصانة الدموية العربية الغريبة على كل الاعراف والتقاليد الانسانية السليمة.

واما الحصافة.. وفي تعريف مبسط لها وكما جاء في لسان العرب quot; حصف.. الحصافة بالضم.. اذا كان جيد الرأي ومحكم العقل.. والحصيف الرجل المحكم عقله.. اي الحكيم quot; وهذه صفة اخرى مغتصبة من قبل الحاكم العربي فيقال في بعض وسائل الاعلام العربي المطبل ان الحاكم العربي quot; فلان quot; رجل حصيف وحكيم، رغم ان هذا الحصيف بلده يدمر وشعبه يقتل ونسبة الاميه تتزايد والجوع ينتهك اعراض الناس والفقر يهتك الدين ويقتل أنسانية الانسان ومع ذلك فالحاكم العربي هو.. فارس ومصون وحصيف!! وهذه هي الطامة الكبرى التي قيل عنها..

حديثك في الشتاء حديث الصيف
وشتوي الحديث أذا تصيف
فتخلط فيه من هذا وذاك
فما أدري أأحمق أنت أم حصيف !!؟.

[email protected]