أعترف أنني أكتب في زحمة من الأحداث المتلاحقة والنوعية، وأن هذه الأحداث من الكثافة حتى أننا بتنا ندعو الله بأن يثبت عقولنا لتكون قادرةً على استيعاب كل هذه الزلازل والعواصف، ولكن في نفس الوقت فنحن في مرحلة قد بعثت فيها الأمة من جديد وأعادت اكتشاف نفسها، ودبت فيها روح غير مسبوقة من الثقة بالنفس، فوجب أن نستغل هذه الروح في تحقيق أحلامنا التاريخية، لأن هذه الروح لا تتكرر كل يوم ولا حتى كل قرن، ومن الجريمة أن نتركها تتبدد دون استفادة مثلى منها، وكما يقول مالك بن نبي فإن صناعة الحضارة بحاجة إلى الروح قبل الحاجة إلى العقل..
أستلهم هنا مقولة أحد أصدقائي الفيسبوكيين (مشتقة من الفيس بوك)..إذا كان هذا الحلم سيتحقق حتماً يوماً ما، فلماذا لا نجعله يتحقق اليوم..
إن حلمنا التاريخي في العودة إلى فلسطين قد آن أوان تحقيقه، فالأمة في حالة غير مسبوقة من الروح العالية التي تسمح لها بهذه القفزة التاريخية، والكيان الصهيوني في حالة من الضعف والترنح وافتقاد الرؤية بما يغرينا بتسديد الضربات المركزة عليه لإسقاط مشروعه العنصري المناقض لكل قيم الدين والأخلاق..
أضم صوتي إلى أصوات مجموعة من الشباب الطموح عبر الانترنت الذين دعوا إلى زحف تاريخي مليوني تجاه فلسطين لإنهاء مأساة ستة ملايين لاجئ فلسطيني مستمرة منذ ثلاثة وستين عاماً..
لم لا ونحن في زمن تتحول فيه الأحلام سريعاً إلى حقائق، مما يغرينا بأن نحلم وأن نثابر لتجسيد أحلامنا وقد انتصر شغف الشباب على تجربة الشيوخ كما يقول صديق فيسبوكي آخر..
ولأنني أؤمن إيماناً يقينياً بأن إرادة الشعوب أقوى من كل التحديات، وأنه لا مكان للمستحيل إذا وجد الإيمان والإصرار فإنني أرجو أن تجد هذه الفكرة سريعاً من يتبناها ويدفع إلى تحقيقها من الجماعات الإنسانية والحقوقية ووسائل الإعلام، كما أضم جهدي بكل قوة لهؤلاء الشباب وأساهم معهم ببعض الأفكار:
* أقترح أن نحدد تاريخ 15-5-2011 ذكرى مرور ثلاث وستين سنةً على نكبة فلسطين يوم الزحف بما يمثله هذا التاريخ من دلالات، وحتى ذلك الحين فهناك فرصة للإعداد والتحشيد الجيد
* نستطيع أن نحشد الملايين للزحف على ثماني جبهات لإرباك العدو وتشتيت تركيزه هذه الجبهات هي:
قطاع غزة-الضفة الغربية-فلسطينيي الداخل-لاجئو لبنان من الحدود اللبنانية-لاجئو سوريا من الحدود السورية-لاجئو الأردن من الحدود الأردنية-لاجئو أوروبا من البحر عبر مئات السفن-يستطيع النشطاء الدوليون أن يتضامنوا مع الشعب الفلسطيني من جبهة سيناء أيضاً
* بإمكان إخواننا المصريين خير أجناد الأرض أن يناصرونا بمسيرة من خمسة مليون مصري تتوجه إلى حدود فلسطين من جبهة سيناء، تحت شعار التعاطف السلمي مع حقوق الشعب الفلسطيني.
* يجب أن تبتعد كل الفصائل والأيديولوجيات بشدة عن هذا الزحف ولا يرفع إلا العلم الفلسطيني حتى لا يستغل وجود هذه الفصائل صهيونياً وغربياً..
* يجب المحافظة على الطابع السلمي للزحف بكل إصرار، وعدم حمل أي نوع من أنواع السلاح، ورفع شعارات إنسانية بكل اللغات من قبيل (عاوز أرجع لبيتي)، ورفع مفاتيح البيوت التي هجر منها أجدادنا.
* يجب أن ترفع بكل اللغات العالمية خاصةً اللغة الإنجليزية.
* يفضل أن يتقدم المسيرات العجائز والشيوخ الذين كانوا شهوداً على النكبة وهؤلاء لا ينقصهم حماس للمشاركة وتلبية حلم عمرهم في أن يدفنوا في تراب الوطن.
* يجب حشد أكبر عدد ممكن من الأجانب من كل دول العالم وتقدمهم المسيرات لتصعيب الاوضاع على الصهاينة.
* على الإخوة الفلسطينيين والعرب والمسلمين المقيمين في أوروبا مسئولية خاصة بالبدء من هذه اللحظة في حملة تحشيدية وتعريف الرأي العام العالمي بالمظلمة التاريخية الكبرى التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، وبطبيعة التحرك المعتزم.
* يجب البعد كل الابتعاد عن شعارات من قبيل إبادة الكيان الصهيوني-رميه في البحر-حتى لا يستثار العالم ضدنا، ولنوحد الهدف بأننا نريد أن نعود إلى ديارنا التي هجرنا منها وليس أكثر من ذلك، وهو شعار أخلاقي إنساني قادر على تحشيد الشعوب العالمية لمساندتنا..
* الأوضاع الإقليمية الحالية ربما تساعد في ثني حكام دول الطوق عن التصدي لمثل هذا الزحف المليوني، لأنهم يعلمون أن أي تصد لهذه الزحوف سيؤدي إلى نقل المعركة إلى الداخل والإطاحة بهم، وربما يسمحون لهذه الملايين ويركبون الموجة في محاولة لحماية عروشهم، وهذا سيكون نصراً كبيراً لنا، وحتى لو لم يسمحوا فإن أي قوة على وجه الأرض لا يمكنها أن تتصدى لعزم الجماهير، وسيكونون هم الخاسرون..
* يجب عدم الاقتصار في عملية التحشيد على موقع الفيس بوك وحده، لأنه غير مضمون أن يسمح لنا بمواصلة نشاطنا وربما يلجأ تحت ضغط النفوذ الصهيوني إلى إغلاق الصفحات، لذلك يجب إنشاء أكثر من صفحة على الفيس بوك وتحشيد الملايين عليها، على ألا تكون متعارضة، بل يكون بينها تنسيق ووحدة في الأهداف والوسائل، كذلك ينبغي طرح هذه الأفكار على أكبر عدد من المنتديات والمجموعات البريدية لإحداث تكتل ملاييني خلف هذا الهدف..
* نحذر جميع المحبطين والمثبطين، وننصحهم أن يحتفظوا بتشاؤمهم لأنفسهم، وأن يقولوا خيراً أو يصمتوا، لأن أي تخذيل للأمة في ساعة الزحف هو خيانة لها، وأن الحقائق لا تفرض نفسها إلا على العاجزين البلهاء، أما المؤمنون فإنهم هم الذين يبادرون إلى فرض الحقائق بأنفسهم..
* لنتذكر أن كل الحسابات السياسية لا قيمة لها حين تواجه بإرادة الشعوب، وأن الشعوب هي التي ستفرض الحقائق في النهاية، وأنه لا مفر للعالم من الاعتراف بحقوقنا العادلة.
هذه مجرد أفكار أولية، وهي بحاجة إلى مزيد من الإثراء والإضافة لبلورة رؤية متكاملة ليوم الزحف..
وأذكر بقول الله عز وجل quot;ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبونquot; لعله يكون فيها إشارة ضمنية إلى أسلوب الزحف السلمي الذي بات أكثر الأساليب جدوى في هذا الزمان، ويحقق ما عجزت عن تحقيقه الطائرات والصواريخ..
إذا كان عنصر قوة الكيان الصهيوني هو فيما يمتلكه من أسلحة فتاكة، وترسانة نووية، فإن عنصر قوتنا هو في عدالة قضيتنا، وقدرتنا على حشد ملايين الأحرار سلمياً لمساندتنا، والعاقل هو من استغل عنصر قوته، وليس عنصر قوة عدوه..
والله ولي التوفيق..
[email protected]
التعليقات