لاريب من أن الضغوط المتزايدة من قبل النظام الايراني على حکومة السيد نوري المالکي من أجل حسم قضية معسکر أشرف و إغلاقه نهائيا، تؤدي أکلها بين الفترة و الاخرى من خلال تلك المظاهر و النشاطات العسکرية المتباينة ضد هذا المعسکر الذي يجمع داخله قرابة 3500 من أفراد منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة، وقد أدت الفعالية الاخيرة للجيش العراقي ضد المعسکر و التي اتسمت بطابع استثنائي غير مسبوق من الشدة و العنف، الى وقوع 35 قتيلا و أکثر من 300 جريحا من بين أفراد المعسکر من بينهم عدد من النساء.

وتسعى إيران من خلال ممارسة قدر کبير من الضغط و الابتزاز السياسي و الامني بحق حلفائها من الشيعة و الکورد داخل الحکومة العراقية، الى تحقيق أفضل المکاسب و الانجازات الممکنة خصوصا وان الاوضاع التي تمر بها المنطقة و العالم و طبيعة التداعيات و المستجدات الطارئة على مختلف الاصعدة، تدفع بطهران الى الاستعجال في عملية تسابق مع الاحداث و الزمن و تحاول تهيأة أفضل الظروف و المناخات المتاحة لها في أية مفاوضات او إتصالات سياسية قد تجريها مع المجتمع الدولي بخصوص المسائل العالقة بين الطرفين.

ولاغرو من أن الحکومة الايرانية قد مارست أکبر قدر ممکن من الضغط بشتى الصنوف و الألوان على حلفائها من الشيعة و الکورد داخل الحکومة العراقية، بحيث أنها قد أحرجت بشکل او بآخر حلفائها من الطرفين ولاسيما من الکورد الذين يشعرون بإحراج کبير من الانسياق خلف المطالب الايرانية التي لانهاية لها و التي تتجاوز في أغلب الاحيان مختلف الخطوط الحمراء المتعلقة بسيادة الدولة العراقية و إستقلالية قراراتها السياسية، لکن المشکلة تتجلى في أن طهران تمسك دوما حلفائها من الاماکن التي توجعهم و تضطرهم للإذعان لمطاليبها الخاصة، وقد کان لماهجمتها لمعسکرات بعض من الاحزاب الکوردية الايرانية المعارضة المستقرة في کويسنجقquot;بين محافظتي اربيل و السليمانيةquot; و زرکويزquot;قرب محافظة السليمانيةquot; وبموافقة و تنسيق مع أحد الحزبين الرئيسيين في إقليم کوردستان العراق، في بداية اواسط التسعينيات، أبلغ الاثر في ردود فعل سلبية داخل الشارع الکورديينquot;العراقي و الايرانيquot;ضد ذلك الحزب، وبنفس الوتيرة ولکن بردود فعل سلبية أکبر، سببت الحکومة الايرانية إحراجا بالغا لحکومة السيد نوري المالکي على الصعيد الدولي فيما يتعلق بالموقف من معسکر أشرف، إذ أن المطالب المتسمة بالصرامة من جانب الحکومة الايرانية فيما يتعلق بحسم قضية معسکر أشرف و إغلاقه و المقدمة للحکومة العراقية، قد دفعت الاخيرة لإرتکاب هفوات و أخطاء سياسية سببت لها الاحراج البالغ على أصعدة عدة بل وانها و بسبب من إنجرافها خلف المطاليب الايرانية قد وضعت نفسها وجها لوجه أمام المحاکم الاوربيةquot;الاسبانية منها على وجه الخصوصquot;،و التي باتت تنظر و بشکل جدي للعديد من الدعاوي المرفوعة على أفراد من الشرطة و الجيش و الحکومة العراقية ممن تسببوا بإلحاق الاذى او الاضرار الروحية و المادية بأفراد معسکر أشرف، و يبدو أن الاحداث الاخيرة عقب الهجمة العنيفة التي شنتها القوات العراقية في 8 نيسان/ابريل2011، المنصرم، قد أدت الى ردود فعل قوية من داخل اوربا بشکل خاص بحيث أن وفدا رفيع المستوى برئاسة ستراون ستيفنسن، عضو البرلمان الاوربي و رئيس لجنة العلاقات مع العراق في البرلمان المذکور، قد قام خلال الايام الاخيرة بزيارة خاصة للعراق حيث إلتقى خلالها في بغداد و اربيل بالعديد من المسؤولين العراقيين الکبار من بينهم رئيس الجمهورية جلال الطالباني و رئيس البرلمان العراقي اسامة النجيفي و رئيس اقليم کوردستان مسعود البارزاني و وزير الخارجية هوشيار زيباري و الدکتور صالح المطلق و الدکتور أياد علاوي، حيث أثير مع الجميع عدة أمور من بينها قضية معسکر أشرف، حيث إنتقد رئيس الوفد المذکور بشدة المجزرة التي أرتکبت في 8 نيسان/ابريل2011، و إعتبرها إنتهاکا لحقوق الانسان الاساسية و احتقارا و إساءة للبرلمان الاوربي الذي أصدر قرارين بشکل محدد بخصوص أشرف مدعومين من قبل أغلبية کبيرة من أعضاء البرلمان الاوربي، يطلبان من الحکومة العراقية احترام الحقوق الانسانية للأشخاص ال3400، في معسکر أشرف وان لاتلجأ الى العنف، وأکد رئيس الوفد أيضا بأن الوفد مستعد للتوسط بعد العودة الى بروکسل في قرار طويل الامد لحل أزمة أشرف بالتباحث و الاتفاق مع مجلس الوزراء الاوربي و المفوضية الاوربية لإعادة استيطان سکان أشرف في کل من اوربا و الولايات المتحدة الامريکية و من المحتمل في کندا، غير أنه أکد في نفس الوقت(لسنا مستعدين للتفاوض طالما البندقية مصوبة)، ومصرا على أنهم لن يبدؤا بالتوسط في أي حل او قرار مالم تسحب الحکومة العراقية قواتها من أشرف و مالم تزود سکانه برعاية طبية مستعجلة للجرحى الذين حالتهم حرجة و خطرة و مالم يتم رفع الحصار عن المخيم و إعادة السلام و الحالة الطبيعية إليه. ويبدو أن هذا الکلام الذي قد تم إبلاغه الى اولئك المسؤولين العراقيين المشار إليهم آنفا ماعدا نوري المالکي نفسه الذي کان في زيارة لکوريا الجنوبية ابان زيارة الوفد، ليس من الهين تجاهله او التقليل من شأنه بل و يمکن إعتباره في نفس الوقت بمثابة بطاقة حمراء مرفوعة بوجه الحکومة العراقية و يجب أن لاتستهين به سيما وان الاوضاع التي تمر بها المنطقة و المستجدات و التداعيات الناجمة عنها لاتوفر للحکومة العراقية جوا و مناخا مناسبا لکي تستمر في موقفها المتعنت من معسکر أشرف وانها في کل الاحوال لاتتمکن بمفردها من حسم قضية هذا المعسکر لأن الغطاء الدولي الذي قد توفيره له بإمکانه الحيلولة دون تنفيذ المخططات الايرانية ضد أفراده المحميين اساسا بموجب قرارات دولية، والحق أن قضية معسکر أشرف و بعد کل الذي جرى بصدده خلال الاعوام السابقة، قد صار للحکومة العراقية کالشفرة المستقرة في وسط بلعومها فلاهي قادرة على بلعها و لابقادرة على إخراجها بإياديها، فهل ستستفاد من الفرصة الذهبية للجراح الاوربي وتخلص نفسها من هذه الشفرة؟!