العمل البطولي الذي حققته وحدات الكوماندوز الأمريكية المتخصصة في ملاحقة ومطاردة الإرهابيين يوم الأحد الأول من مايو، المتمثل في اصطياد وقتل الإرهابي الأول في العالم أسامة بن لادن، لاقى ترحيبا واسعا في كافة أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أوقع هذا الإرهابي ألاف القتلى في عملياته الإرهابية، وأيضا في موطنه المملكة العربية السعودية حيث قتل المئات ودمّر المنشآت، وكذلك في كافة أنحاء العالم حيث لم تسلم العديد من الدول العربية والإسلامية والأوربية والأفريقيه، من إرهاب قاعدته الذي كان وما يزال يتمّ بإسم الإسلام والمسلمين. ولم تقتصر الفرحة والبهجة لمقتله على الجهات الرسمية الأمريكية التي تمكنت من قتله، ولكن أيضا الفعاليات الشعبية العربية الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية، التي عبّرت صراحة عن الفرحة بهذا الإنجاز الذي خلّص الإسلام والمسلمين من شرّ جرائمه التي أساءت لهم وشوهت صورتهم و أشعلت الكراهية ضدهم.
نماذج من فرح مسلمي أمريكا
وكما نقلت إيلاف، فقد قال أسامة السبليني مدير مجلة quot;اراب اميركان نيوزquot; quot;نحن سعداء لنبأ مقتله، هذا الرجل ليس مسلما. لقد قتل من المسلمين أكثر مما قتل من الأميركيين عشرات ألالاف.... إنّ المسلمين سعداء لأنهم يريدون طي هذه الصفحة الحزينة. إنهم يعرفون أكثر من غيرهم مدى الضرر الذي ألحقه هذا الرجل بالعالم العربي والاسلاميquot;. وأضاف سبليني quot;لقد حققنا هدفا كبيرا لكن المعركة مستمرة. هناك متطرفون حولنا يريدون إلحاق الأذى بنا جميعا. سنكون متيقظين وسنبلغ عن أي أمر نشتبه به.
ورحب داود وليد رئيس مجلس العلاقات الاميركية الإسلامية في ميتشغن بمقتل بن لادن وقال: إنه يشكر الرئيس باراك اوباما لأنه ذكر بأنّ أميركا ليست ضد الاسلام. ودعا وليد الى الحذر بقوله quot;نحن سعداء لأن العدالة أخذت مجراها، ولكن الوضع لا يزال صعبا. هناك أناس فقدوا أعزاءا في هجمات 11 سبتمبر و في العراق وأفغانستان.... هدف الارهاب هو اخافتنا وتغيير نمط حياة الأميركيين. علينا ألا نجعل بن لادن أقوى في مماته مما كان في حياته. إن اصبحنا متشككين الواحد تجاه الاخر، سيواصل بن لادن إرهابنا من قاع المحيطquot;.
مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية
الذي يعتبر من أكبر المنظمات والمجالس التي تمثل وترعى مصالح مسلمي الولايات المتحدة، قد عبّر عن ارتياحة بمقتل هذا الإرهابي، وقال المجلس في بيان له: quot; إنه ينضم إلى المواطنين الأميركيين للإشادة بالإعلان عن تصفية العقل المدبر للقاعدة أسامة بن لادن باعتباره خطرا يهدد الولايات المتحدة والعالمquot;. وأضاف المجلس quot; أنّه طالما أعلن مرارا منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر إن بن لادن لم يكن أبدا ممثلا للمسلمين ولا للإسلامquot;.
والاتحاد العالمي للعلماء المسلمين
أيضا أعلن تأييده لعملية قتل ابن لادن، حيث أكد الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، الأستاذ أكمل الدين إحسان أوغلى، quot;على الموقف المبدئي لمنظمة المؤتمر الإسلامي المدين للإرهاب بجميع أشكاله. وقال إن الدين الإسلامي يرفض الإرهاب ويدينه ويعتبره من أخطر الجرائم التي يمكن أن ترتكب ضد الإنسانية، وقد شرّع الإسلام أقسى العقوبات بحق مرتكبيهquot;. وأقسى العقوبات هذه هي قتل القاتل، وهذا ما ناله القاتل ابن لادن، الذي لم يقتل نفسا واحدة بل عشرات ألالاف من الأمريكيين والأوربيين والعرب والمسلمين والأفريقيين.
وكذلك السلطة الوطنية الفلسطينية،
فقد صرح المتحدث باسم السلطة الفلسطينية، الدكتورغسان الخطيبquot; إن التخلص من بن لادن أمر مفيد للسلام في شتى أنحاء العالم، لكن المهم هو التغلب على الخطاب والأساليب العنيفة التي طبقها وشجعها بن لادن وآخرونquot;.
إرهابيون يندبون على مقتل الإرهابي
رغم هذه الفرحة العالمية العارمة لمقتل هذا الإرهابي، إلا أنّ إرهابيين مثله بكوا وندبوا حزنا عليه، مطلقين عليه لقب المجاهد والشيخ والشهيد، وأبرز هؤلاء من هو على شاكلته المدعو عمر بكري السوري اللبناني المطرود من بريطانيا والمقيم في طرابلس شمال لبنان، حيث اعتبر ( أنّ المنطقة العربية خسرت quot;قائدًا باستشهادquot; اسامة بن لادن ) وقال quot; إنّ نبأ استشهاد الشيخ أسامة محزن ومفرح في الوقت نفسه. محزن لأننا خسرنا قائدًا في هذه المنطقة العربية، ومفرح لأنه نال ما كان يتمناه وهي الشهادةquot;. وهو بذلك يعتبر نفسه ممن يحملون مفاتيح الجنة وموزعي أنواط الشهادة، فهو من يقرّر أنه شهيد أم إرهابي. ومن المعروف أنّ هذا عمر بكري، يحاكم امام القضاء اللبناني بتهمة quot;الانتماء الى تنظيم مسلحquot; وحيازة أسلحة ومتفجرات. وكان القضاء اللبناني قد أصدر حكمًا غيابيًا بالسجن مدى الحياة في حق بكري في 12 نوفمبر 2010، وتم توقيفه لمدة أيام بعد صدور الحكم، قبل الافراج عنه مجددًا بكفالة، وبدء محاكمة جديدة بحجة عدم حضوره جلسات المحاكمة السابقة. وهناك جلسة محددة لمحاكمته في شهر تموز المقبل. وبسبب دعمه للإرهاب والإرهابيين سبق أن طردته المملكة العربية السعودية عام 1986 من أراضيها، وفي العام 2005 منعته السلطات البريطانية من العودة لبريطانيا، ومنذ ذلك الوقت وهو في طرابلس شمال لبنان في انتظار محاكمته من جديد.
هنية: غلطة الشاطر بألف
أمّا زعيم حركة حماس في غزة اسماعيل هنية، فقد ندب وبكى على موت هذا الإرهابي بكل المقاييس، فقد وصفه للصحفيين بأنه (مجاهد عربي )، داعيا الله أن يتغمده برحمته مع الشهداء والأبرار. إنّ هذا التصريح سوف يدعم وجهات نظر الجهات والدوائر التي تصنّف حماس بأنها حركة إرهابية، وأعتقد أن هذا التصريح حتى لو كان ينسجم مع توجهات حماس وهنية، فلم يكن هناك داع لإصداره ساعات قبل توقيع حماس وفتح اتفاق المصالحة في القاهرة، وسط تخوف وترقب من العديد من الدوائر العالمية أيضا، فيما يتعلق بما ستؤول إليه مسيرة مفاوضات السلام مع دولة إسرائيل، هذه المفاوضات التي لا ترفضها حماس، بل تطالب الفصائل الفلسطينية بعدم إطلاق الرصاص على قوات الاحتلال، وتعتقل من يقوم بذلك. فكيف ينسجم هذا مع تمجيد الإرهابي ابن لادن؟. خاصة أنّ اسماعيل هنية هو من أصدر الأمر بقصف مسجد ابن تيمية في مدينة رفح في أغسطس 2009، وهدمه على رأس الشيخ الدكتور عبد اللطيف موسى وحوالي ثلاثين من أنصاره، لأنه حسب بيان حماس سلفي متطرف. هذا مع العلم أنّ الشيخ الدكتور لم يقتل أي إنسان، لا أمريكيا ولا عربيا ولا مسلما. فمن يفهم هذه الإزدواجية والتناقضات الحمساوية؟.
هل فكّر اسماعيل هنية قبل إصدار تصريحه المعيب هذا؟
أولا: في ردود فعل ألاف من عائلات ضحايا تفجيراته الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر لعام 2011، ومن بينهم مئات من العرب والمسلمين؟.
ثانيا: في ردود فعل ألاف من عائلات ضحايا إرهاب بن لادن في الأردن ومسقط رأسه السعودية والعديد من الدول العربية والإسلامية والأوربية والأفريقية؟
ثالثا: وهل يستطيع أن يذكّرنا بمعطيات وحيثيات اعتباره الإرهابي بن لادن مجاهدا وشهيدا؟. هل أطلق هو وقاعدته الإرهابية رصاصة على الاحتلال الإسرائيلي؟.
لذلك استنكرت الولايات المتحدة الأمريكية تصريح اسماعيل هنية المشين هذا، الذي لم يعط أية نقطة إيجابية لصالح الشعب الفلسطيني.
ونفس الموقف من الإخوان المسلمين المصريين،
إلا أنه كان أكثر مواربة من موقف هنية، فقد أعلنوا ذلك بشكل خجول رافضين لإسلوب الاغتيالات واستخدام العنف الذي أدّى لمقتل الإرهابي بن لادن، متمسكين حسب بيانهم بالمحاكمة العادلة لأي متهم بارتكاب جريمة مهما كانت. ونفس الأسئلة تقريبا توجه للإخوان المسلمين. لماذا لم تطالبوا في حينها محاكمة الإرهابي بن لادن وإرهابييه الذين ارتكبوا عشرات العمليات، أدّت لمقتل ألأف الضحايا الأبرياء من مختلف الجنسيات والديانات؟. لماذا لم تدينوا أعمال هؤلاء الإرهابيين في كافة أنحاء العالم، وفي داخل بلدكم مصر، حيث فجّروا العديد من المنشآت، وقتلوا مئات من المصريين مسلمين وأقباطا؟. لماذا الكيل بمكيالين؟ هل هذه هي عدالة الإسلام الذي تدّعون أنه مرشدكم وهاديكم؟
أما شيخ الأزهر أحمد الطيب،
فقد أغضبه إلقاء جثة هذا الإرهابي في البحر، لأنّ هذا حسب رأيه (يتنافي مع كل القيم الدينية والأعراف الإنسانية ولا يجوز في الشريعة الإسلامية التمثيل بالأموات مهما كانت مللهم فإكرام الميت دفنه). وأيضا نفس التساؤلات لفضيلة الشيخ: أين كانت فتاويك عندما قتل هذا الإرهابي ألاف البشر الأبرياء في العديد من الدول؟. أين كنت من قول الله تعالى: (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)؟. ولماذا لم نسمع رأيا أو فتوى لك في إلقاء الإرهابي بن لادن لجثث ألاف الأبرياء من مجمعي التجارة العالميين في نيويورك؟.
وكذلك إخوان الأردن،
إذ نفس الإزدواجية والكيل بمكيالين ودوما باسم الإسلام، فهم وكلاء الله الشرعيين الذين لا يأتيهم الخطأ مطلقا. فالقيادي في إخوان الأردن ورئيس مجلس شورى الجماعة عبد اللطيف عربيات، يصرّح قائلا: (إنه رغم نهج بن لادن الذي أثار حفيظة العالم بأسره لضربه برجي التجارة العالميين، إلا أن قتل القوات الأمريكية له هي جريمة مضافة لسلسة جرائم الولايات المتحدة الأمريكية وهي من كبريات الجرائم وتحد جديد للمسلمين....بن لادن أخطأ وجعل من تدميره للبرجين فرصة لأمريكا لتخريب العالم الإسلامي واحتلال العراق وأفغانستان وغيرها.. لكننا نسأل الله أن يتقبله لديه). وهل هناك من يفهم أيضا هذه الإزدواجية والشخبطات؟ فعربيات يعترف بجريمة بن لادن وتدميره برجي التجارة العالميين، وفي الوقت ذاته يبكي عليه، ولا يطالب بتنفيذ العقوبة القرآنية بحقه، وهي القتل للقاتل خاصة قتل الأبرياء.
وهو ليس غريبا على نهج الإخوان المتلبسين لرداء الإسلام، فقد سبق أن بكوا الإرهابي الزرقاوي الذي قتل حوالي 180 بريئا من مواطنيهم الأردنيين في تفجيرات فنادق عمّان الثلاثة عام 2005، وذهب ثلاثة من نوابهم للمشاركة في بيت عزائه في مدينة الزرقاء متحدين مشاعر ألاف من ذوي الضحايا الأبرياء، ولم يكتفوا بذلك بل أقاموا له حفلات خطابة وتمجيدا في مجمع النقابات، واصدروا له شهادة مجاهد وشهيد.
ورغم كل هذا الندب والحزن من مدّعي وكالة الله في الأرض، فقد تخلّص العالم أجمع من إرهابي قاتل بامتياز مشين، أساء لصورة العرب والمسلمين والإسلام في كافة المحافل الدولية...لذلك فلا بكاء ولا حزن على القتلة، إذ (وبشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين )، وهذا هو حين بن لادن قد جاء، وذهب إلى أعماق البحر الذي نأمل أن لا تلوث جثته ماءه، وفي انتظار عمل بطولي آخر يقتل بقية قيادات الإرهابيين مثل أيمن الظواهري و العولقي، وكل من يقتل الأبرياء من كافة القوميات والجنسيات والديانات. لأنّ المنطق القرآني الإلهي يقول ( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ). نعم..وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..صدق الله العظيم.. لتعارفوا..وليس لتتقاتلوا وتقتلوا الإبرياء أيها الإرهابيون..وهذه الإدانة الصريحة لكافة أنواع الإرهاب والقتل أيا كان مرتكبه في أية دولة وأية قارة.
[email protected]
التعليقات