خمسة عشر طفلا أسقطوا نظام الأسد في درعا حين كتبوا على جدران مدرستهم يسقط نظام الأسد، لما تأثروا بما شاهدوه من ثورات شعبية في تونس ومصر وليبيا، دون أن يعي عقلهم ماذا يعني ذلك. أعتقال أجهزة الأمن السورية لهم وتعذيبهم بوحشية، كان بداية لنار ثورة سورية تزداد عنفوانا وأصرارا كلما أصرّ الأسد ومخابراته على معالجة ما يحدث عبر القمع والقتل والعسكر، وأساليب التضليل والكذب بحق ثورة الحرية والديمقراطية السورية، فبداية أتهموا بيشمركة كردستان العراق والفلسطينيين، ومن ثم تحولوا لبلورة أساطير مجنونة هو أن من يهاجم الشعب هم السلفييون، ولهذا وجدنا الفرقة الرابعة للجيش بقيادة شقيق الرئيس السوري( ماهر الأسد) توجه مدافعها ودباباتها نحو أهالي درعا البلد وكأنها في حرب تحريرية ضد اسرائيل. في حين ظلت جبهة الجولان خامدة منذ احتلالها عام 1967.

الحقيقة أن نظام الأسد سقط من جامع العمري في درعا، وقبلها في 2004 أسقطه الكرد في القامشلي وعامودا حين أردوا تماثيل الأسد الأب والأبن أرضا، وهذا ما لم نشهده من قبل في التاريخ البعثي بسوريا.

النظام يسير في عناده واستبداده لنتيجة واحدة وهي السقوط تباعا لصدام و لمبارك وزين عابدين والقذافي قريبا، وفي الجهة الأخرى يصرّ الشعب السوري الثائر على اسقاط الأسد ونظامه ونيل الحرية حتى النهاية، في ظل قلق دولي وصمت تحوّل لمناقشات وراء الكواليس والعلن أحيانا، لمعاقبة حكومة دمشق ووقفها عند حدّها، لما ترتكبه من عمليات قتل وارهاب وصلت إلى حد التمثيل بجثث الشهداء، ولكن سيكون ذلك حين يصل النظام في اجرامه لمجاذر فظيعة وكبيرة بحق ثوار سوريا.

الأمر الهام ماذا يعني سقوط نظام الأسد؟ سقوط أخر ظلّ بعثي في المنطقة من بقايا ميشيل عفلق. هذا السقوط الذي سينعكس ايجابيا على كل منطقة الشرق الأوسط، وخاصة لبنان الذي سيتحرر من عقدته السياسية ومن هيمنة حزب الله على مشروع دولة لبنان المستقلة، حيث سينعزل حزب الله عن طهران ويدخل في قوقعة فردية. أيضا ستفقد حماس شريانها السوري واللوجستي وستشهد الساحة الفلسطينية هدوءا وارتياحا من سقوط نظام أساء للقضية الفلسطينية واخفى قادتها ونشطائها في السجون والمعتقلات، ومارس القتل بحقهم في بيروت، وأساء لقائدهم ياسر عرفات كثيرا، سقوط النظام السوري هو فرصة للمجتمع الدولي لأن يرتاح من عقدة الشرق الأوسط ومشاكله في العراق، لبنان، وفلسطين، وتركيا، وبصمات النظام البعثي فيها ودوره السلبي في اشعال الحرائق ومن ثم عرضه للغرب وللعرب عن حلول بشروط هو يفرضها. لقد سقط النظام في سوريا شعبيا، ويحتاج الأمر لزمن ليس بالكثير ليختفي عن التاريخ، لكن السوريون ينتظرون بلهفة قرارا دوليا يستكمل هذا السقوط ويدخل الأسد ومرتكبوا الجرائم بحق السوريين في عزلة عربية ودولية،وفرض عقوبات توفر الحماية والسلامة للمتظاهرين واهاليهم، وتدفع بطموحات الشعب السوري في الحرية والديمقراطية نحو بر الأمان وبأقل وقت وخسائر.

واشنطن