مازالت الدنيا لم تقعد في العراق على المستوى الشعبي والرسمي على ضوء تصريحات اسامة النجيفي رئيس البرلمانالعراقي التي فجرها من واشنطن حينما اشار الى quot; شعور السنة العرب بالتهميش والتفكير بتشكيل الاقليم السني واحتمال الانفصال عن العراق !!quot;. المفارقة ان وطن هذه التصريحات كانت واشنطن عاصمةquot; الاحتلال quot; التي طالما كان النجيفي اكثر الحاح من غيره باستعمال وصفالاحتلال للتغير الجذري والتاريخي والانساني الذي حدث في العراق في نيسان 2003.والمفارقة الاخرى ان زيارة النجيفي الى واشنطن تمت بشكل لايمت بصلة الى العمل السياسي والبرلماني والرسمي المشترك، حيث سافر دون علم اعضاء البرلمان ودون التسيق مع اي قائمة صغيرةاو كبيرة في هذا البرلمان العتيد !! والمفارقة الادهى ان النجيفي لم يختار لمرافقته سوى اعضاء من قائمته البرلمانية دون غيرهم، فهل الزيارة كانت شخصية؟ فلماذا اذنيلوذ بالعلم العراقي اذا كانت كذلك؟ ام ان الزيارة كانت خاصة بالقائمة التي ينتمياليها النجيفي، والسؤال هنا من يتحمل تكاليف السفر والتي تصل الى مئات الالاف منالدولارات، هل ستدفع من جيبه الخاص او من خزائن البرلمان التي لاتنتهي!!، هذا الطلسم العراقي الغريب الذي يخلط العام بالخاص والذي تتداخل فيه الحدود والمساحات بين ماهو شخصي او رسمي. وحتىذلك الحين الذي لن يحين بالقريب المنظور، اعتقد ان الرجوع الى جوهر التصريحاتسيكون الاهم في جوهر موضوع هذه الزيارة الخفية.

مسألة شعور السنة العرببالتهميش اعتقد انه غير واقعي وان وجد هذا الشعور الكاذب عند البعض فتلك رواسبتاريخية قديمة يجب التخلص منها لمواكبة أسس العراق الجديد الذي تحكمه الديمقراطية والدستور وهو ضمان للجميع دون استثناء في تمثيل ديمغرافي سياسي واقعي لايمكن التلاعب او العبث بعقارب ساعته لانه حينها سيكون الزلال نفسه وسيقول الجميع بحسرة او دونها كان هنا العراق وهذا هو الجانب الاخطر في الموضوع. اما مسالة الفيدرالية والاقاليم فذلك حق دستوري وقانوني تكمن خطورته بان يكون دعوة للتقسيم او الانفصالكما جاء في تصريح النجيفي، ومع ذلك سيكون الخاسر الاكبر هو المنفصل دون غيره بحكم حقائق الجغرافية والتاريخ والسياسة والاقتصاد العراقي، رغم ان هناك يقين شبه تام بان ابناء هذه المحافظات المعنية لايفكرون بهذه الطريقة الانفصالية.


اختار النجيفي واشنطن دونغيرها لاطلاق هذه التصريحات الاستفزازية الخطيرة، وفات عليه كما يبدو ان صدى هذهالتصريحات سيكون في العراق اكثر قوة من امريكا نفسها وان ذلك سيكون حافز للبحث عمالم يصرح به النجيفي بشكل علني في الاجتماعات المعلنة وغير المعلن منها في واشنطن،كما فات عليه ان المزاج العام العراقي قد تغير بشكل جذري عند غالبية العراقيين منذعام 2007 تقريبا و بعد نجاح خطة الرئيس المالكي بفرض الامن والقانون على الجميعدون تميز. لذلك حصاد هذه التصريحات كان الرفض من غالبية الشعب ومن كل اعضاءالبرلمان العراقي بما فيها القائمة العراقية التي ينتمي اليها النجيفي.


قد تكون المبررات انالنجيفي خانه التعبير او ان تصريحاته حرفت وان هناك خطأ بالفهم والتفسير، كل هذهالمفردات التراجعية ممكن استخدامها في عالم السياسة لكن الاخطر في الموضوع انذاكرة الشعب العراقي ستجد مكان مناسب لهذه التصريحات وسيتم استدعائها مع كل فاصلاو حاجز مهم في الحياة العراقية السياسية والشعبية. وحينها لن تفيد كل جمل وتعابير خيانة التعبير واخواتها لان العراقيين من سماتهم التاريخية انهم لايحاسبون على الخطأ في حينه بل تتراكم الاخطاء ويتم تجميعها ليوم فتح السجلات ورفع القلم، قد يكون هذا السلوك التراكمي يحمل الكثير من السلبيات بين جوانبه لكنه في النهاية واقع يجب التعامل معه في كلا الحالتين ان كان غدا ناظره قريب او أبعد من ذلك بقليل.


[email protected]