لم يفاجئ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أمس، السوريين بquot;مقاوماتquot;(ه)، خصوصاً قوله في شقٍ منها بأنّ quot;من يعمل على إسقاط النظام السوري الممانع المقاوم، يخدم إسرائيلquot;. هذا ما كان يتوقعه السوريون من حزبه quot;المقاومquot;، قبل أن تشتعل شوارعه، ويخرج فيها على النظام، رافعاً شعار إسقاطه من دون رجعة.
الآن يعلن الرجل عن موقفه الفصيح quot;المقاومquot; لمقاومة الشعب السوري الذي يريد إسقاط النظام، وذلك لقناعة سيد المقاومة التامة بأنّ quot;سقوط النظام السوري، يعني صعود إسرائيلquot;.
لا أدري(كما لا يدري معي جلّ الشعب السوري) متى كان النظام السوري طيلة أكثر من 40 عاماً من quot;عداوته المفترضةquot; مع إسرائيل، نظاماً quot;مقاوماًquot; لإسرائيل لأجل إستعادة جولانه المحتل، الذي لم يخرج طيلة ما يقارب أربعة عقودٍ، أكثر من كونه quot;قميص عثمانquot;، يلبسه النظام في فلسطين ولبنان وجبهات quot;المقاوماتquot; العربية الأخرى، متى وإينما وكيفما شاء.
إسرائيل تعلم، أنّ ليس هناك عدوّ حمى أمنها على جبهته، أكثر من حماية النظام السوري لأمنها واستقرارها. ومن هنا تحديداً ربما جاء وصف هذا النظام في الأدبيات الإسرائيلية بquot;العدو المعتدلquot;، والذي يستحق لقب quot;العدو الأمينquot; بكلّ جدارة. فأمن إسرائيل، طيلة أربعة عقودٍ من quot;العداوة المعتدلةquot; بقيادة الأسدين الأب والإبن، كان من أمن هذا النظام، كما جاء في تصريحٍ لإمبراطور الإقتصاد السوري، وشريك النظام الأول، إبن خال الرئيس رامي مخلوف.
ليس من المستغرب بالطبع أن يدافع السيد عن النظام السوري، وأن يقف في صف quot;مقاومتهquot; ضد مقاومة الشعب السوري. لأنه يعلم تمام العلم أنّ سقوط نظام الأسد، سيعني سقوط quot;مقاومتهquot;، قليلاً أو كثيراً؛ تلك quot;المقاومةquot; التي طالما أججّها وجنّدها النظام السوري، للهروب بها إلى المزيد من الأمام، والمزيد من الخارج على حساب الداخل؛ أقصد داخله السوري الأكثر من متفاقم.
وقوف السيد إلى جانب quot;سوريا النظامquot; ضد quot;سوريا الشعبquot;، هو وقوفٌ يترجم حقيقته التي صعد بها، ويخشى الآن أن يسقط فيها، بمجرد سقوط النظام السوري، الذي كان ولا يزال وراء حقيقة صعوده quot;المقاومquot; في لبنان وخارجه.
من اعتاد على خطب السيد، يعلم جيداً أنّه لا يخفي قول ما يمكن أن يقدم عليه، لترجمة أقواله إلى أفعال، وفتاواه إلى ممارسات.
ما قاله سيد المقاومة أمس، في ضرورة الوقوف إلى جانب النظام السوري الضرورة، وضرورة حمايته من أيّ سقوط محتمل، كي لا تصعد إسرائيل، يعني على مستوى الفعل، أنّ ما قلناه وقيل من قبل، عن مشاركة أنصار من حزب الله في قمع المظاهرات والإحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط النظام السوري، ليس مجرد quot;إشاعاتquot; أو quot;قناعات مسبقةquot; أو quot;اتهاماتquot; لا أساس لها، وإنما هي وقائع حقيقية، نابعة من حقيقة حزب الله quot;الإيرانية السوريةquot;، التي عبرّ عنها السيد، أمس، في موقفه الواضح من الأزمة السورية.
السيد لم يلعب بالكلام، ولم يلفّ موقفه بعبارات غير مفهومة قابلة للشد والمطّ، وإنما قال بكلّ جرأة وصراحة ووضوح، كما أراد لموقفه هذا أن يكون، بأن quot;من يريد إسقاط النظام يخدم إسرائيلquot;، ومن يخدم إسرائيل، حسب قناعة السيد وحزبه، لا بدّ أن يُقاوم بشتى أنواع المقاومات الممكنة، لأن مقاومة العدو فرض، لا بل هو سيد كلّ الفروض.
السيد اختار، إذن، مقاومة الشعب السوري، جهة لمقاومته، لأن بقاء النظام هو من بقائه، كما صعوده هو من صعوده، وسقوطه هو من سقوطه.
لا حاجة للشعب السوري، من بعد كلام السيد، الذي ربط بين إسرائيل وبين كلّ من يريد للنظام الأسد السقوط، في أن يبحث عن أدلة، تثبت مشاركة حزب الله مع أجهزة الأمن السوري وشبيحته، في قتل وقمع واستخدام العنف المفرط ضد الشعب السوري، المشتعل في شوارعه، لأن موقف السيد، هو سيّد الأدلة.
فالسيّد إن قال فعل، كما يُقال عنه، وهو يقول عن نفسه دائماً.
النظام السوري، خبر على مدى عقودٍ من quot;صعودهquot; ما تسمى بquot;صخرة المقاومة والصمود والتصديquot;، كيف يصدّر أزماته الداخلية إلى الخارج، عن طريق quot;جيوب مقاومة تحت الطلبquot;، دشّنها هنا وهناك. خروج نصرالله الأخير على العالم، وإعلانه ضرورة المقاومة مع النظام السوري quot;الممانعquot; ضد إسرائيل وأعوانها ممّن يريدون إسقاط النظام(الشعب السوري)، يوحي بأنّ احتمال quot;تصديرquot; النظام السوري لأزمته الراهنة، إلى جيبه اللبناني، لا يزال قائماً.
سيّد المقاومة الذي يقاوم الشعب السوري الآن لأجل بقاء النظام، أثبت للبنان والعالم سقوط الشرعية عن سلاحه، في ذات الوقت الذي أسقط السوريون الشرعية عن نظام الأسد.
فلاشرعية ذاك السلاح، هو من لاشرعية هذا النظام، تماماً كحرية لبنان، التي هي من حرية سوريا.
التعليقات