الزواج كما هو معلوم عقد اجتماعي بين الرجل والمرأة لتكوين اسرة وانجاب ذرية ومصالح اخرى مشتركة تأتي على مر الايام، والزواج انواع ؛ زواج طويل الامد وهو الشائع عند كافة الشرائح البشرية والشرائع السماوية، وزواج قصير الامد، مؤقت، قد يدوم لساعات او ايام اواسابيع بحسب الظروف، وهو مايعرف عند اخواننا الشيعة بزواج المتعة، يكفي هذا الزواج ان يتبادل الطرفان المعنيان بعض الاعجابquot;الجنسي طبعاquot; ليتم في التو واللحظة وفي أي مكان يشاءان من دون كتابة نفقة او مهر او عدة او اضاعة وقت في اخذ الموافقة الاصولية من الاهل والاقارب او صرف الاموال في اقامة حفلات العرس واجراءات روتينية من هذا القبيل، وهذا الزواج لا يختلف كثيرا عن الزواج المعمول به في الدول الغربية الذي يسمى بزواج الاصدقاء ( friend)والذي يقضي باقتران الرجل بالمرأة والعيش معا تحت سقف واحد (كاصدقاء ) بحجة دراسة طبائع البعض بشكل عملي وقد ينجبان ويملآن البيت اولادا واحفادا وهما ما زالا يدرسان البعضquot;ايضا كاصدقاءquot;من دون الالتزام بقيود الزواج التقليديةquot;الباليةquot; لفترة قد تطول او تقصر بحسب اختيار الطرفين وعلى ضوء فترة الاختبارquot;testquot;يقرران نوعية العلاقة التي يريدانها مع مراعاة الفارق الكبير بين طبيعة المجتمعين ؛ ففي المجتمعات الغربية راجت هذه العادة واصبحت احدى معالمها الحضارية منذ عشرات السنين في حين مازال زواج المتعة يجد رفضا قاطعا من جانب مجتمعاتنا الاسلامية، على الرغم من انتشاره الواسع في ايران وفي بعض مناطق العراق كما يقال.. و كذلك يوجد زواج اخر يتم بين المرأةquot;الغانيةquot;وبين الرجلquot;الزبونquot;الهدف منه افراغ الشهوة الجنسيةquot;عند الرجلquot; والتجارة و التكسبquot;عند المرأةquot;، وهذا الزواج قديم قدم الانسان، اقدم مهنة مارسها الانسان.. خلاصة القول ان الزواج السياسي في العراق بين الفرقاء و الاحزاب مثله مثل الزواج quot;الاجتماعيquot;قائم على مصالح ولكن مع فارق بسيط ان الزواج السياسي لا يشترط فيه القبول والرضى والحب في بعض الاحيان كما في الزواج الاعتيادي، بل يشترط فيه الخضوع والتسليم للامر الواقع ومراعاة مصالح المنظومة السياسية في المنطقة والدخول الاجباري في اللعبة السياسية التي يديرها الكبار يعني quot;الزواج بالاكراهquot;، وهذا الزواج يعتبر عند الفقهاء والمشرعين باطلا quot;من ساسه الى راسهquot;، ويفتقد اهم اركان الزواج الصحيح وهي الحرية في الاختيار و التكافؤ والود المتبادل والعيش الطبيعي المشترك من دون حقد او ضغينة او تربص...وهو ما لا نجده عند الكثير من الفرقاء السياسيين العراقيين....
وثمة نوع اخر من الزواج لا يختلف كثيرا عن الانواع الاخرى التي ذكرناها وان بدا مختلفا بعض الشيءquot;في الممارسات الشكلية فقطquot; وهو الزواجquot;السياسيquot; وهذا الزواج يتم بين الاحزاب و الحركات والكتل والائتلافات السياسية بدافع المصلحة بانواعها، وعلى ضوء هذه المصالح المشتركة ترتفع وتنخفض العلاقات بينها، وقد تستمر تلك العلاقات لفترة محدودة كما في زواج المتعة، ثم تبدأ المنازعات في الظهور وقد تنتهي بكوارث مثال ذلك ما جرى بين رئيس الوزراء quot;نوري المالكيquot; وبين جيش المهدي الذي يرأسهquot;مقتدى الصدرquot;عام 2005 بعد ان كانا اكثر من سمن على عسل تربطهما علاقة عقائدية و سياسية جيدة، فجأة تدهورت تلك العلاقة ودخلا في نزاع دموي شديد بسبب تعارض مصالحهماquot;النفطيةquot;وquot;الانتخابيةquot;في البصرة، وللعلم ان معظم العلاقات السياسية بين الاحزاب العراقية هي علاقات مؤقتة على الطريقة الشيعية، لا يوجد بينها زواج دائمي يقوم على اساس الاحترام المتبادل و المفاهيم المشتركة و القيم الوطنية العليا، بل مجرد نزوة عابرة او هوس طائفي او عرقي مؤقت ينتهي بانتهاء المصلحة، حتى بين الاحزاب التي تحمل نفس الشعارات وتدعو لفكرة واحدة، ومن بينها الاحزاب الدينية والاحزاب الكردية، ونجاح الزواج بين هذه الاحزاب من عدمه مرهون بالمتغيرات التي تطرأ على قواعد اللعبة السياسية التي ارساها الكبار في المنطقة، وهي قواعد صارمة لا يمكن لاحد من هذه الاحزاب ان يتجاوزها او يتجاهلها مهما ادعت الوطنية او رفعت شعارات ثورية فارغة، ندعو الله ان لا يطرأ تغيير كبير على هذه القواعد لننعم بالسلامquot;الهشquot; لاطول فترة..
- آخر تحديث :
التعليقات