لم يکنzwnj; في مخيلة أي رئيس مستبد أن يأتي يوم و يقول الشعب لسيادته quot;إرحلquot;. کما و لم تکن في أجندة الأنظمة الإستبدادية أي عزم لوضع برامج إصلاحية -ادارية أو سياسية- قبل مطالبة الشعب بها.

إنه زمن الحديث عن مفردتين -الإصلاح و التغيير-. الشعوب المضطهدة تطالب بتغيير الأنظمة المستبدة من أجل الحرية و العدالة و المساواة. و تقر تلك الأنظمة بضرورة الاصلاح ndash;صراحة- للإستجابة لرغبات الشعب، و ndash;ضمنآ- کذريعة من أجل البقاء.

ولکن يبقی quot;الإصلاحquot;، في قواميس الأنظمة المستبدة، ذو مدلول مختلف تمامآ عن معنی المصطلح نفسه. ففي وجه نظر تلك الأنظمة quot;الإصلاحquot; هو الحل الامثل لتفادي quot;تفكيك الوحدة الوطنيةquot; و التغلب علی quot;اللعبة الطائفيةquot; و وضع حد quot;للهيمنة الخارجية علی البلدquot;. أما مطالبة الشعوب بالحرية و الديمقراطية و العدالة فهي أفکار مستوردة لا تتناسب المجتمعات التي أعتادت علی، و من الوطنية، أن تستهلك الإنتاج المحلي من سلع البطش و العبودية و التسلط.

فإن کانت السلطات جادة في دعواتها الإصلاحية، و إن کانت تعمل من أجل الشعب، الشعب فقط، لما دعت الی تلك البرامج الإصلاحية مؤخرآ، بل لجعلتها مستفعلة داخل أجندة و هيکلة الحکم منذ أمد بعيد. فهذه الأنظمة کانت تعلم بوجود، بل و تخطط، لإضطهاد شعوبها و إستغلال و نهب ثرواتها منذ عقود. و لو کانت هذه الأنظمة تؤمن بالأصلاح لما لجأت الی فوهات البنادق و المدافع و رؤوس الحراب لقتل طالبي الإصلاح.

و يتسائل کل منا؛ هل من المعقول أن يستجيب الدکتاتور، أخيرآ، لمطالب شعب أضطهده لعقود، و يضع نفسه في دوامة إصلاحات خطيرة مهددة لسلطانه، إن لم يکن قد أدرك الأخطر اللاحق به، وهو إزالته من الحکم؟. و هل من المعقول أن يتنازل الحاکم المستبد بکل هذه السهولة عن صلاحياته المطلقة و الإمتيازات التي منحها، مسبقآ، لنفسه و لمن حوله؟.

و رغم کل ذلك فإن تلك الأنظمة قد دعت الی الإصلاح و معالجة الأوضاع، ولکن کل علی طريقتها الخاصة. حيث شاهدنا حلولآ و سيناریوهات متباينة، منها سلمية و أخری دموية مؤلمة. و الغرض من کل هذه الحلول السلمية و quot;المبارکةquot; و quot;الصالحةquot; و quot;القذافيةquot; و quot;الأسديةquot; کانت لتهدئة الشعوب الثائرة تارة و لقمع الثورات تارة اخری. و کلها محاولات لبقاء الأنظمة، غير الصالحة للحکم البشري، في الحکم. ولکن، و في النهاية، لم تفلح خطط السادة الرؤساء و أزلمتهم في إستعمال العنف ضد الشعوب الثائرة، فمنهم من دخل السجن في إنتظار مطرقة العدالة و منهم من لاذ بالفرار و منهم في إنتظار المصير المحتوم، و الثورات مستمرة.

کان أمل الشعوب أن يستقبل تعبيرهم السلمي، عن سأمهم من أداء الأنظمة الفاسدة، بحلول سلمية مرضية للجميع، ألا و هي؛ إصلاحات جذرية في أنظمة الحکم بعيدآ عن سفك الدماء من أجل تفعيل نهج ديمقراطي حقيقي، و وضع خطط و أجندة منظمة تنعکس رغبات الشعوب في العيش بحرية و کرامة.

و بما أن هذه الأنظمة قد أختارت أسلوب القمع لإسکات شعوبها، لذا يبدو أن قصدها من quot;الإصلاحquot;، من البدأ، کان مجرد quot;تحويلات مؤقتةquot; و عمليات جراحية تجميلية و حبوب لتهدئة غضب الشارع، و التي کلها أجندة متکررة هدفها إستغفال الشعوب، و لعبة سياسية مکشوفة، و، بصورة غير مباشرة، هي توسل الأنظمة المستبدة بالشعب للبقاء، و محاولة منها لشراء کرسي الحکم بأي ثمن. لذا يبدو أنه لم تکن لهذه الأنظمة أجندة جادة لتغيير النهج الإستبدادي المعمول به في الحکم أو أي عزم علی إصلاحه.

و في المقابل، يبدو أن ثمن مطالبة الشعوب بالتغيير و الإنتقال الی نظام ديمقراطي حقيقي هو أرواح بريئة توضع في صناديق الموت بدل أوراق التصويت في صناديق الاقتراع.