لا شك ان فوز حزب التنمية والعدالة قد افرح القاصي والداني من ابناء الامة العربية والاسلامية.. والتي استقبلت الخبر بفرحة عارمة اثلجت الصدور وحركت اليأس و الفتور الذي سكن النفوس فأمات القلوب وقتل الامل ذلك الامل الذي عاشه كل عربي وكل مسلم في ان يتذوق يوما طعم الكرامة أو يشم رائحتها ولو بموقف بسيط....وبالرغم من انني لست منجما فلكيا الا انني ارى بشائر النصر والخير قد هلت واسفرت على هذه الامة في هذا العام المبارك 2011 والذي بدأ بسقوط اصنام تونس ومصر ثم تبعه جهر الشعوب بكفرها بباقي الاصنام حتى ولو لم تسقط بعد.

ويتسال البعض عن اسباب هذه الفرحة والتي عمت قلوب وعقول المسلمين عامة والعرب خاصة...سيما وان الارث التركي في البلاد العربية والذي عكسته صفحات المناهج الدراسية وعززته المسلسلات السورية يشكل ذكرى مؤلمة وحزينة بل وتؤكد الاستنتاجات التي خلص اليها كتّاب التاريخ وهم يستعرضون تاريخ الدولة التركية وحكمها للعرب بأن اسباب التاخر والجهل الذي عانته الامة العربية ولا زالت آثاره ونتائجه الى سياسة الحكم التركي في ذلك الوقت...ولان الذكريات المؤلمة تترتب في الذاكرة بحسب تسلسلها الزمني الاحدث فالاحدث فلقد طوت صفحة الظلم التركي صفحة الاستعمار الغربي والتي طوتها صفحات الاحتلال الاسرائيلي السوداء والتي لا زالت مفتوحة...

لا احد يستطيع ان ينكر بأن الاتراك كانوا في يوم من الايام اعداء للعرب هذا طبعا اذا اردنا ان نكون موضوعيين ونبتعد عن العاطفة ونظرية المؤامرة والتي لطالما كانت القاعدة التي ننطلق منها في حكمنا على الامور...ولا ننكر ايضا بأن الدور التركي في القضايا العربية بقي سلبيا حتى وقت قريب...والسبب طبعا هو سيطرة العلمانيين على السلطة من خلال المؤسسة العسكرية التركية والتي كانت صلواتها ونسكها وتعبدها للدين العلماني من خلال عدائها للعرب والاسلام...ونفي الهوية الاسلامية عن الدولة التركية..

ولم توفر ثمنا او فرصة في ابعاد وانكار هذه الهوية...وقد نجحت الى حد ما في اقناع الغرب بأن تركيا دولة علمانية بإمتياز ولا تشوبها شائبة الاسلام وهذا بدوره ادى الى دخول تركيا في حلف الناتو وفتح المجال امامها كي تزدهر وتتقدم وتتوافر لها مقومات المؤسسية ودولة القانون والتي حتما سيتحقق فيها جوهر الديمقراطية وغايتها وهو حكم الشعب للشعب وترجمة وترسيخ القاعدة القانونية -التي تتضمنها شكليا اغلب دساتير الدول العربية ndash; بأن الشعب أو الامة هي مصدر السلطات..

ولان اغلب الشعب التركي عقيدته اسلامية وثقافته عربية اسلامية فمن الطبيعي ان تحكمه سلطة او ان يختار سلطة تعكس هذه العقيدة وهذه الثقافة...والتي تلونت بعدة الوان سياسية بدء من حزب الفضيلة بقيادة نجم الدين اربكان والذي حورب من العلمانيين بشراسة وخسر الجولة الاولى معهم وصولا الى حزب التنمية والعدالة والذي كسب وبعد حرب سياسية ضروس الجولة الاخيرة والتي تتوجت بالنصر الساحق لهذا الحزب بقيادة الابطال رجب اردوغان وعبدالله غل اصحاب الايادي النظيفة والمواقف الشريفة تجاه الامة العربية وقضاياها وابناءها...ظهرت بوادر غيرتهم وحميتهم حينما رفضوا ان يضرب العراق او ان تدخله القوات الامريكية من الاراضي التركية..ثم جاهروا بحبهم وولائهم لدينهم واخوانهم في العقيدة في احداث غزة...وهاهم اليوم وبعد فوزهم العظيم يمتطون صهوة الجواد التركي الاصيل ويلوح قائدهم اردوغان بسيف النصر الذي اهداه الى القدس ونابلس والضفة الغربية ولبنان...فلله درك يا اردوغان ياوريث المجد وفارس بني عثمان.

اللهم انصر من نصر عبادك واخذل من خذلهم