الطيف الكردي، اي القومية الثانية في الوطن، لم يحظ بأكثرمن عدة كلمات في خطاب الرئيس السوري وليته لم يلفظها. لماذا يحتاج هذا الطيف الى المزيد من التوضيح حول قضيته والجريمة التي ارتكبت بحقه طيلة العقود السابقة؟
الامر هنا ليس الحصول على امتيازات خاصة.
هذا الطيف تعرض الى كارثة ونكبة لم يحدث سابقاً في تاريخ سوريا. الكارثة اسمها الحقيقي هو: تعريب المنطقة الكرية الذي تم تطبيقه بحذافيره. الذنب هنا ليس ذنب الرئيس وجلاوزته فقط، بقدر ماهو ذنب المعارضة السورية والسياسيين والمفكرين والصحفيين وجميع منظمات المجتمع المدني الذين لم يأتوا على ذكر هذه الجريمة العنصرية وتسميتها باسمها الحقيقي quot;سياسة التعريبquot;.
الاحصاء لايعني التعريب، بل كان خطوة من خطوات مؤامرة التعريب المشؤوم.
المراوغون يتهربون من ذكرالحقيقة بقولهم: لقد تعرض السوريون جميعاً الى الظلم على يد النظام ولا فرق بيننا. هؤلاء يعتقدون انهم يمارسون الخدع السياسية وفن المناورات للتهرب من الواقع، بل يعطي الانطباع انهم يباركون الامر الواقع بعد جريمة التعريب!.
المراوغة والتعامي عن الحقائق اوصل نظام دمشق الحالي الى ماهو عليه الآن بما فيه استباحتة الدم السوري.
المطلوب هنا هو اصلاح ما قد افسده النظام واعادة الحق الى كل السوريين دون استثناء.
الكرد تعرضوا الى جريمة التعريب على ايدي النظام، ولهذا يجب ازالة التعريب وآثاره واجتثاثه. هذا هو المطلب الكردي بكل بساطة.
هل بدأت جريمة التعريب على يد الاسرة الاسدية؟.طبعاً لا.
سياسة التعريب كانت سياسة الدولة وفوق كل الحكومات وفي كل العهود.
الجريمة بدأت في عهد الوحدة بين مصر وسوريا حيث تم وضع تفاصيل خطة المؤامرة وجاء الاحصاء في عهد الانفصال وثم جاء التطبيق الفعلي للتعريب على يد البعث وقائده quot;بطل العروبةquot; حافظ الاسد. في عهده تم الاستيلاء على اراضي الكرد فلاحين ومُلاك. استقدمت العشائر العربية والمعروفون بعرب الغمر من ريف حلب والرقة.
حافظ الاسد بنى القرى النموذجية وحسب تعبير مهندس خطة التعريب المقبور محمد طلب هلال quot;المستوطنات العربيةquot; وقال وبالحرف الواحد :quot;على غرار المستوطنات الاسرائيليةquot; ليتم تعريب المنطقة والتخلص من الكرد.
انه لمن سخرية القدر ان يكون هلال مولوداً في درعا الشهيدة ويأتي اسمه الى جانب الشرفاء من اهلها في السجلات المدنية.
الرئيس وبـquot;إطلالتهquot; على الشعب استغرب وجود 64 الف موطن سوري خارج عن القانون، ولكنه لم يستغرب وجود اكثر من مليون مواطن كردي سوري مهاجر على اطراف مدينتي دمشق وحلب وغيرها بسبب سياسة التفقير كأداة لإجبار الكرد على التهجير وكبند اخير تم تطبيقه في خطة التعريب.
المُهجرون الكرد اصبحوا الآن القوة التي تبعث الرعب والفزع في اوصال النظام. تصوروا لو ان مئات الآلاف من هؤلاء الهائمين على وجوههم انطلقوا الى ساحات تلك المدن!. بلا شك سيكون بداية النهاية للنظام، حيث ان تلك الجموع الغفيرة ستشكل حافزاً للأطياف الاخرى للمشاركة في المسيرات والتي ستكون مليونية.
على كل معارض او تنظيمات معارضة التوقف ملياً امام هذه التراجيديا الجريمة وما يعنيه التفقير والتهجير على ارض الواقع المعاش.
النظام بليد وغبي ومجرم....
ولكن سكوت المعارضة ككل والطيف العربي بشكل خاص عن ذكرالتعريب كجريمة تم تطبيقها وعدم تقديم الوعد والعهد بازالة التعريب وآثاره واعادة الامور الى نصابها سوف تؤدي الى نتائج خطيرة لا تحمد عقباها.
ما هي الجدوى من اعادة الجنسية الى مواطن تعرض للتهجير وفقدان كل شيء بما فيه ما تركه الآباء والاجداد؟؟؟. ليس هناك امكانية قراءة الفاتحة على قبورهم بعدما تم الاستيلاء على ارضه وملكه.
الاحزاب الكردية مطالبة بقطع اية اتصالات مع اي طرف معارض لا يعلن جهاراً الالتزام بازالة التعريب وآثاراه.
هذه قضية انسانية بحتة قبل ان تكون سياسية وحلها سيضمن اللحمة الوطنية السورية والتي يطمح اليها جميع السوريين.
د. بنكي حاجو
طبيب كردي سوري
التعليقات