التأريخ سفر کبير تجد في طياته کل ماهو نادر و غريب و استثنائي، وهوquot;أي التأريخquot;، معين و نبع لاينضب لکل طالب علم و معرفة او معلومة يدعم بها رأي او ثمة موقف ما هو بصدده، وأهمية الدور الخطير للتأريخ تنبع أساسا من أن الحوادث و الوقائع التي تقع هنا او هناك،quot;وحسب رأي بعضهمquot;، انما هي اساسا تکرار او صورة طبق الاصل لنماذج مشابهة او متقاربة وقعت في مناطق مختلفة من العالم، وکما وجدنا الشاهنشاه (ملك الملوك) الايراني محمد رضا بهلوي في أواخر السبعينيات من الالفية الماضية کان يجلس على برميل بارود يوشك على الانفجار في أية لحظة، فإن النظام الديني الاستبدادي المتخلف الذي أعقبه يجلس اليوم أيضا على برميل بارود ليس في طهران لوحدها وانما في دمشق و لبنان و العراق، حيث تعصف الاحداث بحلفاء لهم و تدفعهم لکي يصبحوا في مهب الريح، ولأجل ذلك فإن مهمة رجال الدين الحاکمين في طهران تبدو أکثر من عويصة و معقدة قياسا لما کان يعانيه الشاهنشاه الراحل، ولاسيما وان آخر شاهات إيران و على الرغم من دمويته و عنفه المفرط، لکنه و عندما أبصر شعبه يرفضه و يعاديه بالکامل، لم يملك سوى أن يرضخ للأمر الواقع و يغادر البلاد الى غير رجعة، أما ثلة رجال الدين الذين إغتالوا و صادروا ثورة الشعب الايراني، فلاتبدو في الافق حتى ولو أبسط إشارة تدل على أنهم يکنون ولو أدنى مستوى من الاحترام لموقف شعبهم الرافض لهم، فهم يعتقدونquot;کذبا و دجلاquot;، أنهم يمثلون الامام المهدي المنتظر وان وليهم الفقيه نائبه بالحق، ومن هنا فإن لهم الحقquot;الشرعي الکاملquot; في قمع و إبادة أي معارض لهم بإعتباره معارضا لحکم الإمام المهدي و الذي هو اساسا وبموجب الفقه الشيعي إمتداد لحکم الله، وعليه فإن کل معارض او مخالف للنظام انما هو خارج على الله ذاته! والحق أن معارضة هکذا نظام غريب و فريد من نوعه، ليس بتلك المهمة السهلة ان لم تکن مستحيلة، ولأجل ذلك لايجد المرء سوى أن يقول: کان الله في عون معارضي النظام الديني الايراني، والغريب أن هذا النظام لم يعترف او يقر يوما بوجود ثمة معارضة(حقيقية)له، وانما دأب کما هو حال کل الانظمة الشمولية و الاستبدادية على تجاهل معارضيه او الاستخفاف بهم أملا في إقناع الشعب الايراني بکونه يحظى على الرعاية و الدعم الشعبيين الکافيين، غير انه و مع کل الامکانيات غير المحدودة المتاحة أمامه، وعلى الرغم من کل تلك المحاولات و المساعي الحثيثة التي إبداها و على مختلف الاصعدة من أجل طمس و إزالة اسم و تأريخ منظمة مجاهدي خلق من اذهان و ضمائر الشعب الايراني، فإن هذه المنظمة التي عارضت نظام الشاه السابق بقوة و استمرت في معارضةquot;الشاه المعممquot;، لم يکن من السهل أبدا إزالة او محو اسمها بسهولة خصوصا وانها کانت صاحبة خبرة و ممارسة استثنائية في اساليب النضال و مقارعة الاستبداد من أجل الحرية، ولئن قد کان النظام الديني ومنذ أيامه الاولى بعد نجاح الثورة و أثناء محاولاته المستميتة من أجل إقناع منظمة مجاهدي خلق بالقبول بنظام ولاية الفقيه، قد سلك کل السبل و الطرق المتاحة و غير المتاحة من أجل إزاحة هذه المنظمة عن طريقها، فإنها وبعد أن تمکنت وعبر طرق و اساليب ملتوية و خبيثة من إقصاء هذه المنظمة، لم تتمکن من إزاحة و إقصاء أفکار و مبادئ و قيم هذه المنظمة التي إخضوضرت في أعماق مختلف الشرائح الايرانية ولاسيما الشعبية منها، ولذلك وبعد أن إستتب لها الامر ظاهريا، عمدت الى حجب کل الانباء المتعلقة بهذه المنظمة و تجاهلها أملا في دفع الناس رويدا رويدا لنسيانها و بعد النجاحات الکبيرة التي حققتها منظمة مجاهدي خلق على الاصعدة الدولية و تمکنها من فرض دورها و وجودها على الساحة الايرانية و إقناع الدول الاوربية بإخراجها من قائمة المنظمات الارهابية التي أدخلت اساسا ظلما فيها، وبعد أن سمع العالم کله بإقرار رجالات النظام الدموي بالدور الفعال لمنظمة مجاهدي خلق في الانتفاضة الشعبية بوجهه، بدأ النظام الايراني يتخوف من الاحتمالات المستقبلية لما قد تضطلع به المنظمة من دور شعبي رائد على صعيد إيران کلها، ولأجل ذلك فقد دشنت قوات الحرس والبسيج و وزارة المخابرات التابعة للنظام، بعد انتفاضة 2009 ولاسيما بعد جريمة المالكي في أشرف في الثامن من ابريل، حملة واسعة وغير مسبوقه عبر وسائل الإعلام والمواقع الألكترونيه ضد المجاهدين في استعراضات مكشوفه تحت عنوان ضحايا العنف والإرهاب. وهنالك الکثير من الادلة و الاثباتات التي تؤکد و بجلاء تعاظم شعبية منظمة مجاهدي خلق بين اوساط الشعب الايراني المختلفة ولاسيما لو تتبعنا خطوات و إقدامات النظام بحقها خلال الاشهر الماضية.
ولو قمنا بإلقاء نظرة سريعة على تلك الاستعراضات التي جرت خلال شهر حزيران الماضي، فإن هناك الکثير من الامثلة نورد أهمها:
1-مؤتمر وزارة المخابرات في جماران لمدة يومين.
في 23 حزيران عقدت وزارة المخابرات في حسينية جماران مؤتمر quot; شهداء الإرهاب quot; تحدث فيه كل من حيدر مصلحي وزير المخابرات والعميد في الحرس حسين همداني قائد قوات الحرس بطهران والعميد في الحرس فضلي والعميد الحرسي محمد رضا نقدي قائد قوات البسيج.
وجاء في تقارير داخلية حول هذا المؤتمر :
-الهدف الاساسي من هذا المؤتمرquot;مواجهة التأثير الواسع للمجاهدين في شباب ايران quot;
-طلب مصلحي شخصيا من أحمدي نجاد التحدث في هذا المؤتمر وقد رفض طلبه لأنه يعترض على كون مصلحي وزيرا.
-شارك في هذا البرنامج 17 من صحفيي النظام قاموا بتغطية المؤتمر بالتقارير الاخبارية والصور وتوزيعها على وكالات الانباء والمواقع الالكترونيه بما فيها وكالة ايرنا بعد الحذف والتعديل من قبل وزارة المخابرات.
-عقدت وزارة المخابرات هذا المؤتمر بإسم هابيليان ( احدى الدوائر التابعة لمديرية دائرة المعلومات بالوزارة ) واحضروا بعض العائلات من quot;ضحايا اغتيالات المجاهدين quot; مع كمية من الملفات وقوائم الاسماء الى المؤتمر.
-كان أمين مؤتمر (شهداء الإرهاب) روح الله رستمي أحد المسؤولين بوزارة المخابرات والذي يقدم نفسه كأحد المسؤولين في مركز هابيليان.
2 ndash; إلغاء تجمع امام السفارة الفرنسيه بطهران
افادت التقارير الداخلية للنظام: أن وزارة المخابرات بواسطة جمعية هابيليان أعدت على غرار السنوات الماضيه برنامجا للإحتجاج على برنامج فيلبنت (التجمع الكبير للمقاومة الذي عقد يوم 18 يونيو في ضاحية باريس) تقوم بموجبه هابيليان بتجميع ما يسمى عائلات شهداء الإرهاب ( المعدومين ) للاحتجاج امام السفارة الفرنسيه. ولكن بعد تقييم الموقف تم الغاء التجمع.
3 ndash; كلمة مصلحي في مؤتمر جمعية الدفاع عن ضحايا الإرهاب في الشرق الأوسط
وكالة انباء مهر 23 حزيران: القى حيدر مصلحي وزير المخابرات كلمة في المؤتمر الثالث لجمعية الدفاع عن ضحايا الإرهاب في الشرق الأوسط قال فيها:
- انني أطالب البسيج وهذه الجمعية بأن يقوموا بتعريف جيل اليوم من الشباب على الطبيعه الحقيقيه للإرهابيين، فهؤلاء الشباب لم يكونوا في بداية الثوره ولايعرفون شيئا عن المنافقين.
- انني بصفتي المسؤول عن جهاز الأمن والمخابرات في البلاد أحذر المسؤولين بأن يراقبوا جديا ما يدور حولهم لأن الإستكبار يقوم اليوم بتوظيف النفاق كأحد الأدوات والأمريكيون في مرحلة الإصلاحات يستفيدون من النفاق للتسلل والتأثير وتغيير الأسلوب ويسعون لتوجيه ضربات قاسية الى النظام باستخدام المنافقين.
- زمرة المنافقين هذه الاعوام لايعملون كالسنوات الأولى من الثورة بل يتصرفون بما يتناسب مع الزمن الراهن ويستغلون الاشخاص الاشرار للوصول الى اهدافهم المشؤومه لذا فانني احذر المسؤولين على كل المستويات بان يراقبوا حولهم.
4 ndash; اجتماع بوزارة داخلية النظام ضد المجاهدين.
جاء في التقارير الداخلية للنظام: أنه في صباح يوم 25 يونيو 2011 عقد اجتماع بوزارة الداخلية اجتماع ضد المجاهدين حضره ممثلو وزارة المخابرات والعميد الحرسي محمد رضا نقدي رئيس منظمة البسيج ومساعدو نقدي ومسؤولون بمنظمة مخابرات قوات الحرس.
5 ndash; موقف مصلحي من أشرف
وكالة ايرنا 25 يونيو: قال حيدر مصلحي في ختام جلسة مجلس الوزراء لجمع من الصحفيين:... المسؤولون العراقيون اتخذوا حتى الآن اجراءات جيده لتحديد الوضع في مخيم اشرف ووعدونا بان يتخذوا قريبا اجراءات جيدة بخصوص وضع المنافقين وهذا المخيم.
6 ndash; كلمة مصلحي في صلاة الجمعة بطهران في 15 يوليو
اكد مصلحي في كلمة قبل صلاة الجمعه على دور وزارة المخابرات في المحافظة على النظام وقال: المنافقون وتيارات التأزيم والتوتير داخل النظام مستمرون في مساعيهم لتغيير القضايا الاساسية والثانويه للنظام.
7 ndash;مؤتمر لجنود امام الزمان المجهولين !!
عقدت وزارة المخابرات في 19 يوليو مؤتمرا لرفع معنويات مرتزقتها، وجاء في الأخبار المتعلقه بهذا المؤتمر أن quot; وزارة المخابرات عقدت مؤتمر جنود إمام الزمان المجهولين (!) لتكريم الجهود والخدمات المتخفية) لكوادر وزارة المخابرات...quot;
وتحدث في المؤتمر الملا احمد جنتي، والعميد الحرسي مصطفي نجار وزير الداخلية وحيدر مصلحي وزير المخابرات. ووصف المتحدثون وزارة المخابرات بأنها الأهم والأكثر حساسية والأكثر اساسية في اجهزة الحكم في النظام وثمنوا جهود مرتزقة وزارة المخابرات.
تقييم خطة واجراءات النظام ضد المجاهدين
جاء في التقارير الداخلية للنظام التي اعدها الخبراء التابعون لوزارة المخابرات ما يلي :
-منهاج عمل وزارة المخابرات
quot; منهاج عمل وزارة المخابرات يتمركز في ان تجعل جميع المناطق غير أمنة للمنافقين وهدفه ان لاتبقى لهم مكانا يستطيعون فيه ان ينشطوا ويعلنوا عن تواجدهم، وينبغي ان تكون جميع الاماكن غبر آمنة للمنافقين.
-نفوذ المجاهدين داخل اجهزة النظام
quot; فيما يتعلق بالمجاهدين فان المشاكل ليست واحدة او اثنتين. احدى هذه المشاكل تأثير تيار المنافقين في اوساط المسؤولين من الدرجة الأولى والدرجة الثانية، وقد ناقشت ذلك جديا اجهزة ومنظمات الجمهورية الإسلامية، و تناول حيدر مصلحي هذه القضية في مؤتمر شهداء الإرهاب ( 23 حزيران 2011 ) وطرحها خلال مقابلة بصورة مغلقة، المنافقون بخدعهم وادواتهم المعقده تمكنوا من النفوذ الى اجهزتنا ( النظام ) وهدف وزارة المخابرات الآن هو ان يشعر المسؤولون السابقون واللاحقون بحساسية اكثر في هذا المجال.
أما بخصوص دور المنظمة في الانتفاضة الايرانية المندلعة بوجه النظام فإنه قبل الإضطرابات قدمت عدة تقارير الى المسؤولين بأن المجاهدين نشطون جدا ويخططون لإسقاط النظام بالحرب الناعمه ولكن المسؤولين يستخفون بهذه التقارير ويقولون لا يا سيد ... فهذا السيد رجوي لم يظهر على التلفزيون منذ 5 الى 6 سنوات وهو قد تلاشى، ولكن بعد هذه الإضطرابات تنبهوا الى ان هذه هي احدى مشكلاتهم، ووفقا للمعلومات والإحصاءات والرسوم البيانيه فان ما يقرب من 60% من الاضطرابات كان بفعل دور المجاهدين، وكان لهم اعضاء في طهران والمدن الاخرى والاعتقالاتتظهر ذلك، فأكبر الانشطة والتخطيط والبرامج في الإضطرابات كان من عمل المجاهدين...
فالمجاهدون هم ايضا احدى المعضلات والمشكلات لذا تم التوصل الى نتيجة مفادها ان الحديث عن المجاهدين يجب أن لايتوقف على الإطلاق.