لا توجد معايير دولية ثابتة للتعامل مع القضايا الدولية المتشابهة. فليبيا حدث فيها أقل مما يحدث في سوريا. لكن المواقف الدولية على الصعيد السوري كانت أقل بكثير مما يطمح إليه الشعب المطالب سلميا بحريته، بل إنها لم تبلغ، بأي حال ما بلغه رد الفعل الدولي القوي على ما حدث في ليبيا. الأمر ليس بحاجة إلى إعلان أن الجميع ليس له علاقة بالشأن الداخلي السوري، هذا لو سلمنا جدلاً أن الشأن الداخلي السوري نزيه ومنصف بشكل كامل.
سوريا جزء من المخطط الإيراني منذ أمد بعيد، وهو ما يثبته حديث قديم لحسن نصرالله في خطاب موثق على هذا الفيديو عند الحديث عن شكل النظام الذي يريده حزب الله في لبنان: اضغط هنا
وفيه يرد ما نصه: [في الوقت الحاضر ليس لدينا مشروع نظام في لبنان، نحن نعتقد بأن علينا أن نزيح الحالة الاستعمارية والإسرائيلية وحينئذٍ يمكن أن يُنفّذ مشروع، ومشروعنا الذي لا خيار لنا أن نتبنى غيره كوننا مؤمنين عقائديين هو مشروع الدولة الإسلامية وحكم الإسلام، وأن يكون لبنان ليس جمهورية إسلامية واحدة وإنما جزء من الجمهورية الإسلامية الكبرى التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق الولي الفقيه الإمام الخميني]. وهذا ما يعني أن ولاية صاحب الزمان ووليه في طهران ستمتد من إيران إلى لبنان، مرورا بالعراق وسوريا. وحسن نصرالله يقول أنه لا خيار بديل لديه أو لدى حزبه عن الولاء لهذه الجمهورية، وهو ما يفسر مواقف الحكومة اللبنانية الموالية لحزب الله ضد أي قرار دولي ضد ما يحدث في سوريا. كما يفسر الصمت الذي مارسته كثير من الدول العربية، وجامعتها، على ما يحدث في سوريا من قتل.
إلا أن إصرار الشعب السوري على نيل حريته، مع ما يتبع ذلك من قتل وحشي للمتظاهرين السلميين في الشارع السوري، وهو الردع الذي فاق كل حد، استدعى أخيراً ردود فعل دولية قوية كانت غائبة لوجود بُعد إقليمي وعقائدي، على مستوى الحكومة السورية وحزب الله الموالي لإيران، في الصراع الدائر داخل سوريا. فتركيا والمملكة العربية السعودية وعدد من دول الخليج وجدوا ألا خيار أمامهم إلا إدانة وحشية النظام السوري في قتله لشعبه المسالم، ولعل أهم صفعة تلقاها النظام السوري هو الموقف السعودي الذي جاء على لسان الملك عبدالله بن عبدالعزيز حين أعرب عن عدم قبول المملكة العربية السعودية لما يحدث في سوريا، وهو الوضع الذي أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء دون مبرر منطقي مهما كان.
وأخيراً، بدأت المواقف العربية والدولية تتكشف وتحزم أمرها لإدانة الوضع الإجرامي في سوريا، وهي المواقف التي قد تجعل إيران تتدخل بشكل مباشر أو عن طريق وسطائها في المنطقة وعلى رأسهم حزب الله من أجل حماية مشروعها الذي أعلنه حسن نصر الله منذ أمد بعيد، وهو المشروع المتمثل في قيام الدولة الإسلامية وحكم الإسلام، وأن يكون لبنان ليس جمهورية إسلامية واحدة وإنما جزء من الجمهورية الإسلامية الكبرى التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق الولي الفقيه الإمام الخميني!.
[email protected]