في بضعة اشهر فقط.. مشاهد حرفت وجهة موازين القوى في المنطقة عن مسارها المعهود، ومع تتالي سقوط التماثيل في وقت قياسي، تظهر مؤشرات تستجدي النظر بعمق في استحقاقات مرحلة لن تكون يسيرة، بقدر مابات طريق التضحية يسيرا لتحقيق حفنة من الكرامة.. مالبثت ان ارتفعت الى رد الاعتبار واعادة ماتم سلبه من ارادة الشعوب في الحرية والعدالة والديمقراطية، والتي لن ترضى فيما بعد باقل من سقوط الانظمة، كل هذا وسط حماقات الانظمة التي ما ان شعرت بوطأة رياح التغيير حتى ازدادت حماقة وجبنا وفي التعاطي مع الوضع الجديد.
الا ان داء الغباء لم يقتصر على الانظمة، بل اصاب اصدقاء الانظمة، المقامرين بهيبة بلدانهم مقابل عدم السماح للتدخل في معركة، الخاسر فيها من يسفك الدماء، والذين سيصطدمون بالتاكيد بارادة الشعوب ضد صفقات الصداقات الغير مشروعة.
ففى ظل سعى روسيا إلى استعادة مكانتها كمصدر رئيسي للسلاح فى المنطقة العربية، من خلال تنشيط صادراتها إلى عدد من حلفائها التقليديين، يبدو مشهد لهث موسكو الى حماية اسواقها في المنطقة مخزيا للدولة الروسية بل وكيانها، وهي تلعب دور الحامي لمنظومة القمع والاستبداد.
فالدرع الممانع الروسي في مجلس الامن، في وجه اصدار قرارات من شانها ان توقف اراقة الدماء في سوريا وقبلها في عدد من الدول، حل فيها موسم ربيع الثورات العربية، بات مؤرقاً للشارع العربي وحافزا لاعادة النظر في الدور الروسي المستقبلي في الشرق الاوسط.
ومايجعل مصداقية وهيبة الروس على المحك هو تجيش القيادة الروسية، عددا من محلليها عبر القنوات الاعلامية للدفاع عن النظام السوري، مكملة بذلك دور الاعلام السوري المضحك المبكي، وتروجيها على لسان وفد روسي زار سورية خلال الفترة الماضية، مفاده ان الحقائق التي لمسوها على أرض الواقع تتناقض تماما مع الصورة التي رسمتها لهم بعض وسائل الإعلام العربية والغربية قبل قدومهم إلى سورية، متهمة قنوات اعلامية بانها تعمل لمصلحة أجندات سياسية لاتهمها مصلحة الشعب السوري، كل هذا بهدف تغيير مسار الرأي العام من المجازر التي تمارس بحق المواطنين العزل.
التلفيق الاعلامي الروسي يبين استمرار التوجهات الأساسية للقيادة الروسية فيما يتعلق بسياستها القديمة الجديدة في المنطقة وشبح حربها الباردة مع امريكا على حساب الشعوب، والهاجس الروسي هذا جعلها غير قادرة على لعب دور حقيقى فى ملفات شائكة للمنطقة كعملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية، وفشلها في ايجاد موطئ قدم لها في العراق مابعد سقوط نظام صدام حسين، واخفاقها في دور الوساطة بشأن الملف النووي الايراني، وتبديدها مخاوف البلدان الخليجية من المد الايراني في المنطقة، فضلا عن دخولها دخولها تلقائيا في منظومة الممانعة والمقاومة المتهمة باعاقتها حل العديد من الملفات الانفة الذكر.
كل ذلك جعل روسيا تفقد دورها المستقبلي والذي تسعى اليه في ان تصبح قطبا مؤثرا في الساحة الشرق الاوسطية، فإن الشارع العربي لم يعد يدير بالاً لنظرية المؤامرة ومطامع الاستعمار والدخول مجددا في حرب وهمية مع الامبريالية، والبوابة الاقتصادية التي اختارتها روسيا عن طريق تصدير اسلحة تريق دماء الشعوب، سيكلفها مالاتستطيع تحمله من اعباء علاقات مشبوهة مع منظمومة القمع والاستبداد في المنطقة.
وان كانت احداث 11 من ايلول رسمت خارطة جديدة لامريكا في المنطقة، فان ربيع الثورات العربية سيرغم دولا كروسيا والصين للمثول امام موازين جديدة للقوى، ذات ابعاد اخلاقية في العرف الدولي.
- آخر تحديث :
التعليقات