كانت إعلانات التلفاز ذات الصوت العالي والمزعج تخترق آذاني وأنا منهمكة فى قراءة بعض الأشياء على الانترنت, وعندها سمعت شيئًا قد لوث آذانى وهو فى حقيقة الأمر شيئا قد يلوث الآذان والعقول والأخلاق معًا وهى إعلانات المنشطات الجنسية.

و فجأة عادت بى الذاكرة لفيلم وثائقى رأيته منذ أكثر من 15 عامًا فى إحدى القنوات الاخبارية المعروفة عن ختان الإناث فى مصر، وتحديدًا فى الأرياف و الصعيد, و المعاملة الغير آدمية لهؤلاء البنات, و هو المشهد الذى كلما مرت عليه السنين كلما ازداد ترسخًا فى عقلى , لماذا؟ لا أدرى.

و فجأه تبادر إلى ذهني سؤال هل هناك علاقة بين ما كان يحدث لإناثنا فى الماضى و بين ما يحدث لرجالنا فى الحاضر, و للأسف جاءت الإجابة نوعًا ما بنعم.. أنُّه قد توجد علاقه، نعم و لكن بشرط التقنين أو ما أسميه بميكنة المشاعر...

كانت تشتهرفى الماضى ظاهرة ختان الإناث، والمفاجأة غير الغريبة أنها ما زالت موجودة, قد تكون قد قلت قليلاً حيث تظهر المدنية، لكنها تزداد في اماكن أخرى ومازالت تتوارث فى كثير من العادات؟؟؟، ومازلت متوارثة باضطراد.

سارة خليف

وإلى الآن لا أعلم لماذا لم يأتى قانون صريح و قوى يجرم هذه العادة الجاهلية التى تقتل طفولة هذه البنت و تقتل أنوثتها الفطرية عندما تتكون امرأة, فنجنى عليها طفلة و شابة و إمراة. و كأن دون هذه العاده سينحرف سلوك الفتاة علمًا بأن نتيجه جيل الختان في جميع الأوقاتنتيجه فاشله.

و يزداد قهرى يومًا بعد يوم عندما أرى إمراه بسيطة لا تقوى على حماية إبنتها من أهلها ليقوموا بختانها.. و تتوارث الأفكار حتى تتحول هذه المرأه من إمرأه منّ الله عليها بالفطره و الإحساس والحنان إلى إمراه مميكنه لأداء واجبتها الزوجية و الأمومية والمنزلية. فالله تعالى عندما خلق المرأه جعل المحرك الأساسى لها دائما المشاعر، التّى تأتى من القلب مباشرةً، حتى أنهم قالوا قديما ( قلب الأم).

و تتحول المرأه إلى أداة ضغط معنوي ونفسى شديد من ما تعانيه من ظروف الحياه الصعبة، و بين ضغوط العادات و التقاليد و بين أنها قبل وبعد كل ذلك أنثى ذات مشاعر راقيه قتلناها فيها دون أذنها....

أما فى الماضى القريب كانت هناك عادة مبتزله اسمها إعلانات المنشطات الجنسيه على بعض القنوات الفضائية المفتوحة، و الغريب أنها إزدادت ومن بعد 25 يناير تحديدًا بشكل غير رقابى يخدش من حياء الرجل وحياء المرأه، بل حياء المجتمع كله.

و دعنى أوضح أننى غير مؤيده أو معارضه لهذه الأعلانات، ولكن إعتراضى هنا ينصب على كيفيه تداولها فى القنوات المفتوحة و بشكل مبتزل، وأن كان لا بد من إداره النايل سات و الرقابة من وقف هذه الإعلانات على وجه السرعة، و القيام بهذه الإعلانات فى القنوات المشفره و المحدده لهذا الغرض فقط.

فالمشكله لا تنحصر الى هذا الحد فقط، فعندما كنت أتحدث إلى بعض الأصدقاء من الصيادله أشاروا الى شىء أخطر، و هو تداول ما دون الثلاثين لهذه المقويات مما يجعل الاعتماد النفسى عليها يبدأ مبكرًا عند الرجل، و فضلاً عن أستعمال مشاعره يبدأ فى أستعمال المقويات لرضاء المرأه التىّ أغتصبنا مشاعرها فى بدايه الحديث. ويتحول الطرفان من هنا الى أدوات للواجبات الزوجيه فضلاً عن الحياه الزوجيه الّتى تسودها المشاعر. و تتحول الغرائز الفطرية فى المرأة و الرجل إلى عادات متوسعةً فى المجتمع ككل، ما عدا ما بقى من المخلوقات على فطرتها كالقطط والكلاب الّتى لا تملك سوى الأحساس حتى تسوود الميكنه جميع المشاعر.

فأنا لا أدري إلى متى ستظل مصرنا دولة دون قوانين صارمة و قاطعة فى تجريم ختان الإناث و التحرش. وإلى متى سيظل إعلامنا تسهو الرقابه فيه هكذا على مثل هذه الأعلانات. و إلى متى ستظل دولتنا الراعى الرسمى لميكنه المشاعر.

فى النهايه لا يمكن التعميم ولا يمكن أن ننكر أن لدينا شريحه فى المجتمع المصرى مميكنه المشاعر، و ليست هذه الأسباب الوحيده التى تؤدى إلى ميكنه المشاعر و إنما الأسباب تتزايد يوما بعد يوم جريا وراء الحياة المادية، وأن نفتن بالمظهر فضلاً عن الجوه، و أن نترك الطبيعة سعيًا وراء المدنية الحديثة... فهنيئَا بالأجيال القادمة.

[email protected]