هناك عدد من المؤشرات، بعد نيل السلطة الفلسطينية، العضوية غير الكاملة في الأمم المتحدة تدل على تأزم مقبل بين السلطة وإسرائيل، ومنها أولِّها:

القرارات والمخططات الاستيطانية:
فالقرار الاستيطاني ببناء ثلاثة آلاف وحدة سكنية شرقي القدس، يؤكد الهيمنة الإسرائيلية على القدس، ويمنع أنْ تكون القدس الشرقية عاصمةً للدولة الفلسطينية. ولا يبدو أنَّ هذا القرار إلا رأس الجبل الاستيطاني الجديد، وهو جزء من تهديدات حكومة نتنياهو على توجُّه السلطة إلى الأمم المتحدة، وحصولها على دولة غير كاملة العضوية.
فقد أوضحت الصحف الإسرائيلية تفاصيل المخطط الاستيطاني الجديد في المنطقة المذكورة، فالحكومة لديها خطة شاملة تتكون من خمس خطط فرعية، تشمل السكن والفنادق والمنطقة الصناعية وخزانات المياه. وحسب المخطط فإنه يشمل quot;1250quot; وحدة سكنية في جنوب هذه المنطقة، ويهدف بشكله النهائي لاستيعاب quot;35quot; ألف مستوطن.
وحسب صحيفة quot;هآرتسquot; فإن البناء في المنطقة(E1)، يؤدي إلى فصل شطري الضفة المحتلة إلى شمال متمثلة برام الله، وجنوب متمثلة ببت لحم.

وثمة مؤشرات أخرى جديدة من الطرفين، ولكنها، من السلطة، ردٌٌّ على مثيلاتها من إسرائيل، ولا سيما بعد أن بلغ الموقفُ الإسرائيلي حالةً غير مسبوقة من الانكشاف والعزلة الدولية، بعد التأييد القوي الذي حظي به المسعى الفلسطيني إلى الجمعية العامة.

ومن هذه المؤشرات:
التنسيق الأمني:
-تتحدث الصحافة الإسرائيلية عن توقُّف التنسيق الأمني أو ضعفه، وعن توقف قوات الأمن الفلسطينية عن العمل بشكل عملي ضد بنى (الإرهاب) في حماس، وهو أمر بالغ الأهمية والدلالة إذا صح، وهناك خشية إسرائيلية من تزايد الأعمال النضالية الجماهيرية، ضد قوات الاحتلال، في الضفة الغربية، كما حدث في الخليل، وغيرها، حيث تكررت حالات هروب جنود الاحتلال من أمام المتظاهرين الفلسطينيين الغاضبين، وهو ما يشي بارتفاع الحس الوطني، لدى قسم من الفلسطينيين، بعد مواجهات غزة، ونيل العضوية غير الكاملة في الأمم المتحدة.
التقارب بين فتح وحماس:
كما تجلى ذلك في المواقف laquo;الإيجابيةraquo; من الطرفين نحو إتمام المصالحة، وفي مشاركة وفد من قيادة فتح في احتفال حماس في انطلاقاتها في غزة، وتصريحات خالد مشعل، رئيس مكتب الحركة السياسي التي أكدت على قرب المصالحة، والبناء على القواسم المشتركة، والقبول بمنظمة التحرير مرجعية عامة، بعد إجراء إصلاحات عليها.
اعتقال قوات الأمن الفلسطيني:
-ثم الاعتقالات التي قامت بها إسرائيل لقوات في السلطة، وفي المخابرات؛ ما يوحي بتبدُّل في العلاقة، إذا امتدت هذه الاعتقالات وتوسعت.
شبكة أمان مالية عربية:
-وتَوَجُّه السلطة إلى الجامعة العربية لمناشدة الدول العربية تفعيل قرارها بشبكة الأمان 100 مليون دولار؛ ما يدل على خشية من استمرار حكومة نتنياهو في حجز أموال الضرائب، وموافقة الدول العربية على ذلك، بحسب تصريحات وزير خارجية السلطة، رياض المالكي.
حملة إسرائيلية دولية على عباس:
-وقيام إسرائيل بحملة دولية مضادة على quot;أبو مازنquot;؛ بسبب تحالفه مع حماس وسكوته عن تصريحات قادتها بــــ(تدمير إسرائيل)، ولعل تصريحات نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي quot;موشيه يعلونquot; التي لم يفرِّق فيها بين رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وخالد مشعل، أن تكون مقدمةً لهذا الهجوم.
تهديدات عباس:
- وكذلك تهديد عباس بإجراءات لم يعلنها، في حال نفذت إسرائيل مشاريعها الاستيطانية في منطقة E1 بأنه laquo; سيكون لنا موقف أخر، لأن هذا يعني القضاء على المشروع الفلسطينيraquo;.
اعتراف نتنياهو بصعوبة المرحلة:
-وتصريحات نتنياهو بأن إسرائيل ستواجه مرحلة من أصعب مراحلها قريبا، وتحذير إيهود أولمرت رئيس الحكومة السابق من أن إسرائيل تعيش عزلة دولية غير مسبوقة.
الموقف العربي الداعم:
-وإذا أضفنا إلى ذلك الموقف العربي الرسمي من حكم حماس في غزة، وتسابُق الدول والسياسيين العرب على تناقض توجهاتهم، من لبنان إلى العراق، مرورا بدول الربيع العربي الداعم والمحتفي بــــــ(النصر) الذي حققته حماس، مؤخرا في مواجهتها مع إسرائيل، ومن ثمَّ صمت الولايات المتحدة عن هذه الزيارات الداعمة، بل ثناؤها على الجهود المصرية التي أنجزت الهدنة، بالرغم من دعمها لحماس، فإن الموقف الدولي والأمريكي، تحديدا، لا يبدو مستاء، بقدر استياء حكومة نتنياهو، ولا مبديا رغبةً جِديةً في وقف هذا التنامي، نحو تقبُّل حماس، والاقتراب من المصالحة الفلسطينية.

الامتعاض الإسرائيلي من الموقف الأمريكي من الدولة المراقب:
-وقد بدا الامتعاض الإسرائيلي، علنا، من الموقف الأمريكي الذي لم يعجبْهم، حين لم تقم واشنطن بخطوات جدية لمنع السلطة من الحصول على عضوية مراقب في الأمم المتحدة.

ردة الفعل الأمريكية والأوروبية على قرار الاستيطان:
-وكانت ردة الفعل الأمريكية والأوربية على قرار الاستيطان الإسرائيلي الذي جاء ردا على موافقة معظم دول العالم على الدولة المراقب لافتا، ومتقدما، بالقياس إلى المواقف السابقة؛ ما قد يشي بإدراك الأطراف الدولية لطبيعة المنعطف الحرج والمصيري الذي يبلغه مشروعُ الدولة الفلسطينية القابلة للحياة، في هذه المرحلة.

وحتى إسرائيل نفسها تبدو خاضعة، ولو جزئيا، لتفاهمات جعلتها تسكت عن دخول مشعل إلى غزة، آمنا، دون حتى تهديد، بينما ظلت ترفض دخول رمضان شلح الأمين العام للجهاد الإسلامي، وتهدد بقتله إذا هو دخلها؛ ما جعل خالد البطش، القيادي في laquo;الجهادraquo; يرفض هدنةً لا تسمح لشلح بدخول غزة، وهذا قد يدل على الموقف الإسرائيلي الأكثر تشددا من الفصائل الفلسطينية الأوثق علاقة بطهران.

ومع ذلك فإن الإسرائيليين يزدادون توجها نحو اليمين، بحسب استطلاعات الرأي، وهو ما لا يدع مجالا في الطرف الفلسطيني (المعتدل) لمزيد من التنازلات، بل هو كذلك مضطر إلى مقابلة الضربة بمثلها، ولا سيما ومشروعه الذي أقره العالم، نحو الدولة الفلسطينية يواجه تحدياتٍ عميقة، وخطيرة تمعن في تكريسها حكومة نتنياهو الذي لا منافس له، في هذه المرحلة.
[email protected].