بحثت كثيرا في سبب دعم الولايات المتحدة للتيار الإسلامي المتشدد وفي النهاية أنتهيت لخمس افتراضات،أولها عرقلة المشروع النووي الإيراني عن طريق حرب سنية شيعية في المنطقة تعرقل المشروع الإيراني وتنقذ الإقتصاد الغربي و الأمريكي من الإنهيار، أو ضمان عدم تهييج الرأي العام العربي علي الولايات المتحدة في حالة ضربها أو اسرائيل للمفاعل النووي الإيراني، وثانيها توطين أهالي غزة في سيناء لتقليل الكثافة السكانية في غزة وأبعاد المقاومة الفلسطينية عن أراضي إسرائيل، وثالثها تجميع كل الإرهابيين المنتشرين في العالم في منطقة الشرق الأوسط فى بلادهم الأصلية، ورابعها أن تاريخ جماعات الإسلام السياسي تاريخ عنف وتصادم فهي تتحد عندما تواجه عدو مشترك وعندما تنتهي منه تعود لتحارب بعضها البعض مما سيؤدي لتقسيم الدول في الشرق الأوسط لدويلات صغيرة، اما خامس الافتراضات هو أن المزاج الشرق أوسطي مزاج إسلامي وقد حاول الغرب تشجيع الديمقراضية ونشر ثقافة حقوق الإنسان وأنفق الغرب مليارات الدولارات ولكنهم فشلوا، فوجودا الحل فى أن يصل الإسلاميون للحكم وعندما يصلون للحكم سينكشفون ويتعرون وسيفقدوا شعبيتهم وتبدأ شعوب الشرق الأوسط ذاتيا في التحول للنظام الليبرالي الغربي المنفتح.
هذه كانت الأفتراضات الخمسة التي وضعتها كسبب لدعم الولايات المتحدة للإسلام السياسي وتمنيت أن يكون الفرض الخامس هو الصحيح، والأيام تثبت لي يوما بعد يوم أنه هو الأصح والأقرب للتحقيق، فكلنا كنا نعرف انه في حالة وجود انتخابات ديمقراطية في أي بلد عربي أو ذات أغلبية إسلامية سيكسب فيها التيار الإسلامي بلا منازع وهذا ما حدث في مصر وفي تونس. إذا الخلاص من التيار الإسلامي ليس محاربته وإبعادة عن الساحة ودفعه للعمل في الظلام وتمثيل دور الضحية المفتري عليه، ولكن الحل في إعطائهم الفرصة كاملة والسماح لهم بالعمل في النور والوصول لسدة الحكم وساعتها ستلفظهم شعوبهم.
ولو نظرنا لما يحدث في مصر مثلا لوجدنا أن الإخوان كانوا لا يريدون المنصب الرئاسي ولكن بعد مشاورات مع الولايات المتحدة ترشحوا للرئاسة وكلنا نتذكر كيف دفعت الولايات المتحدة المجلس العسكري علي تسليم السلطة ل quot;محمد مرسيquot;، وبعد وصول quot;مرسيquot; للرئاسة أنخفضت شعبية الإخوان المسلمين فرأينا رموز المجتمع التي ساندت مرسي ضد شفيق قد انقلبت عليه، مثل محمود سعد وعبدالحليم قنديل وعلاء الاسوانى وخيري رمضان وحمدي قنديل حتي أن بلال فضل قال كنت اتمني قطع يدي قبل أن اعطي صوتي لمرسي، أما يسري فودة فقد قدم إعتذارا لكل صوت حصل عليه مرسي من خلال برنامجة الشهير.
تستطيع أن تشعر مدي مساندة الولايات المتحدة للإخوان عن طريق الإعلان الدستوري ومسودة الدستور فلأول مرة في تاريخها لا تدين أمريكا خروج نظام علي الشرعية وتعديه علي السلطة القضائية، كما أنها أغمضت العين عن انسحاب التيار المدني والأقليات من اللجنة التأسيسة، وازاء هذه التصرفات يصب التيار الليبرالي غضبه علي الولايات المتحدة بينما التيار الإسلامي يقدم لها الشكر عن طريق وقف اطلاق النار في غزة الذي اعطي فيه مرسي لإسرائيل ما رفض مبارك السماح به فتعهد بأن يمنع المقاومة الفلسطينية من تهديد أمن إسرائيل ووافق علي وجود قوات أمريكية في سيناء لتراقب وقف إطلاق النار.
الموقف ظهر جليا بعد المظاهرات الحاشدة التي نظمها التيار المدني والتي وصلت في يوم واحد لخمسة وعشرون مليون مصري في الشوارع أي أكثرمن ضعف الرقم الذي خرج ضد مياركquot; حسب وكالة رويترquot;، وبالرغم من حدوث هرج ومرج وعدم قدرة الشرطة علي السيطرة إلا أن القوات المسلحة لم تتدخل، والسبب أن فى المظاهرات الأولي ضد مبارك كانت هناك إرادة دولية للتغيير أما الآن فالإرادة غير موجودة وحتي في حالة نزول الجيش سينزل ليساند النظام كما حدث في 1986.
اللعبه بين الإخوان والولايات المتحدة كلعبة القط والفأر، فالإخوان يقدمون تنازلات للولايات المتحدة وينتظرون السيطرة علي مصر وبعدها سيظهرون الوجه الحقيقي لهم، وأمريكا تساندهم مساندة من يسمن خروف للذبح او ان يعطي شخص الأدوات والمعدات والأموال اللازمة ليحفر قبره بيده. فلو أرادت أمريكا اسقاط مرسي لأسقطته ولكنها تريد بقاءه في السلطة لاطول فترة ممكنه حتي لا تكون هناك حجة لأحد من أنهم لم يأخذوا فرصتهم كاملة،و تريد من الشعوب العربية أن تري وتشعر وتعيش في معاناة حقيقية تحت نظام الإخوان كتلك التي يعيشها الإيرانيون، فالغرب يريد أن تدفع الشعوب ثمن تعلمها حتي تفيق وتعي الدرس جيدا.
مدة بقاء الإخوان تعتمد علي ذكاء الشعب المصري وعلي مدي قدرته علي كشف الإخوان وسرعته في الإنتقال من التيار الديني للتيار المدني، فكلما كان التحول بين المصريين كبيرا كلما كانت المدة أقل وكلما كان التحول بطيئا كلما طالت المدة، وعندما يفقد التيار الإسلامي شعبيته وتصل لنسبة ضئيلة جدا ستتدخل الولايات المتحدة للقضاء عليه وتسلم السلطة للتيار المدني، هناك معلومات نشرت عن المخابرات الأمريكية تقول أن الإستقرار سيعود للشرق الأوسط سنة 2030 أي بعد ثمانية عشر سنة، ولكني أراهن علي ذكاء المصريين واعتقد أن الثمانية عشر سنة ستكون ثمانية عشر شهرا فما نراه في الشارع المصري شئ مذهل، وعندما يسقط حكم الإخوان في مصر سيسقط الإسلام السياسي في كل المنطقة وبذلك يكون الغرب قد قضي نهائياً علي التنظيم العالمي للإخوان المسلمين.
- آخر تحديث :
التعليقات