للتذكير لمن نسيّ فقط، فإنّ quot;حذامquot; هي المرأة العربية التي اشتهرت فيما يسمى عربيا quot;العصر الجاهليquot; بإسم زرقاء اليمامة، وكانت من صفاتها حدة البصر لدرجة أنّ لديها القدرة لتنبّيه قومها من هجمات قبائل أخرى متخفية بطرق لا يراها من كافة قبيلتها إلا هي، فإذا ما صدّقوها نجوا، وإن لم يصدّقوها هلكوا، لذلك شاع في وصف حالتها بيت الشعر المعروف:
إذا قالت حذام فصدّقوها فإنّ القول ما قالت حذام
وفي عصرنا الحالي حيث البقاء لمن هو أقوى، وأنّ التاريخ يكتبه الأقوياء، فمن المهم الوقوف عند تصريحات (حذام الأمريكية) متمثلة في تصريحين مهمين صدرا الأيام القليلة الماضية، يتعلقان بمستقبل نظام بشار الأسد.
أولا: التصريح الذي صدر مساء الاثنين الثلاثين من يناير 2012 عن الناطق بلسان البيت الأبيض quot;جي كيريquot; الذي قال فيه حرفيا: quot; إنّ النظام السوري فقد السيطرة وأنّ أيامه باتت معدودة.... النظام فقد السيطرة على الدولة وأيامه لن تطول وسقوطه بات حتميا وينبغي لمجلس الامن ألا يسمح لنظام الاسد بمواصلة استخدام العنف ضد شعبهquot;.
ثانيا: التصريح الذي صدر عن مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية quot;جيمس كلابرquot; خلال جلسة استماع عقدتها لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، يوم الثلاثاء الحادي والثلاثين من يناير 2011 ، حيث أكّد quot; أنّ نظام بشار الأسد سيسقط عاجلا أم آجلا. إنّ إيران وحزب الله يحاولان قدر المستطاع دعم نظام الأسد خوفا من سقوطهquot;.
الخلفية الميدانية لهذه المواقف
أولا: يمكن استقراؤها من الوقائع الميدانية في المدن والقرى السورية حيث تزداد وتيرة الثورة الشعبية السورية ضد نظام العائلة الأسدية المتحكمة في البلاد والعباد منذ 42 عاما فقط، وإذا تركت الأمور لهذه العائلة فسوف يتم توريث ابن بشار، ومما ليس مستبعدا أن يقوم بتعديل في قانون البعث الفاسد ليتم تسمية البلد والوطن والأرض السورية بإسم ( المملكة السورية الأسدية ). وعدم الغرابة واحتمال حدوث ذلك هو سابقة تغيير القانون نفسه عام 2000 خلال ثلاثة دقائق وسط تصفيق الانتهازيين الفاسدين البعثيين لوراثة بشار لأبيه حافظ الأسد، وهي سابقة ستظل صفعة سوداء مخزية في جبين هذا الحزب العبثي اللاعربي اللااشتراكي، لأنّ العربي لا يمارس هذا القتل اليومي فيمن يفترض أنهم أبناء شعبه، والاشتراكي لا يسمح بفساد أخوال الأسود وأصهارهم وأقاربهم الذين يستولون على غالبية البلاد والعباد والاقتصاد والثروة في سوريا المنكوبة بهم. وازدياد وتيرة هذه الثورة الشعبية والتأييد الداخلي لها هو ما جعل عمليات الجيش السوري الحر تقترب من أبواب العاصمة دمشق، وتنظيف بعض المناطق في ريف دمشق من النظام وعصاباته.
ثانيا: تصاعد جنون النظام يدلّ على تأكده من استمرار فقدانه السيطرة، وأجرّم دليل على جنون النظام استمرار القتل اليومي مما جعل معدل القتلى يوميا لا يقل عن أربعين قتيلا، وكان من قمة هذه الجرائم ما أكّدته الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الانسان يوم الاثنين الثلاثين من يناير 2012 حول قيام سلطات النظام الأسدي بإعدام مؤسس الجيش السوري الحرّ المقدم حسين هرموش الذي كان من أوائل العسكريين السوريين الذين انشقوا عن النظام تأييدا لشعبهم واستنكارا لمجازر النظام وعصاباته. وقد تمّت عملية الإعدام رميا بالرصاص، نفس الرصاص الذي يستمر في قتل الشعب السوري بواسطته بهمجية لا مثيل لها.
ثالثا: التصاعد المستمر في المواقف العربية والدولية المناهضة لجرائم النظام رغم استمرار الموقفين الروسي والصيني الداعمين لتلك الجرائم. هذا في الوقت الذي أبدى مشروع القرار العربي الذي تمّ تقديمه لمجلس الأمن ليونة وحكمة عالية عندما نصّ على تخلي بشار الأسد عن السلطة بشمل سلمي وتسليم صلاحياته لنائبه فاروق الشرع، مؤكدا على عدم التدخل العسكري الخارجي في النزاع الدائر في سوريا. ويطالب في الوقت ذاته بالوقف الفوري لجميع انتهاكات حقوق الإنسان ووقف الهجمات العسكرية ضد من يمارسون حقوقهم في حرية التعبير والتجمعات السلمية. وفي الوقت ذاته عرض عدة دول استضافة بشار الأسد إن تخلى عن السلطة وغادر سوريا مع عائلته. وأيضا ما يشبه التجميد الكامل لعمل شهود الزور بعثة المراقبين العرب، بعد سحب أكثر من دولة عربيها مراقبيها، أخرها الأردن يوم الخميس الثاني من فبراير 2012 .
رابعا: وهو الحاسم المتمثل في تزايد حالات الانشقاق عن جيش الأسد من الرتب العسكرية العالية وألاف الجنود، مما يعني أنّ ضمائر العديدين تصحو رافضة المشاركة في قتل شعبهم خدمة لأهداف ومصالح أسرة واحدة من بين خمسة وعشرين مليونا من الشعب السوري.
خامسا: التصعيد في نوعية الجرائم لتخويف الشعب، وهو تصعيد أتحدى أن حدث مثله في جرائم الاحتلال الإسرائيلي، ويكفي التذكير بجريمة يوم الأربعاء الأول من فبراير 2012 ، كما نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أفاد ( أن قوات الامن السورية قامت الاربعاء بإعدام ناشط في ريف دمشق والقت جثمانه أمام طفليه وزوجته مطالبا بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق بمقتله. وذكر المرصد في بيان تلقت فرانس برس نسخة منه أن quot;قوات الامن السورية في بلدة معضمية الشام (ريف دمشق) اقتحمت عند الساعة الواحدة من ظهر يوم الاربعاء الأول من فبراير 2012 ، منزل الناشط ناصر محمد سعيد الصغير (30 عام) فلاذ بالفرار الى سطح المنزل خوفا من الاعتقال .فقامت قوات الامن بتهديده باعتقال طفليه إن لم يسلم نفسه فصعدوا إلى سطح المنزل وأطلقوا عليه الرصاص وأردوه قتيلا وقاموا برمي جثمانه من على سطح المنزل أمام زوجته وطفليه ). بالله عليكم أيها المدافعون عن هذا النظام الشرير هل يقبل أي ضمير هكذا جريمة؟.
لكل هذه الحقائق المرعبة التي رغم استمرارها من النظام المتوحش على شعبه فقط، يواصل الشعب السوري ثورته ، رغم كل الخلافات بين المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق، وما يدور في أروقة الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي، فالحسم النهائي لمصير هذا النظام سيكون على يد الثورة السورية الداخلية، والجيش السوري الحرّ الذي يتصاعد ويتزايد عدد المنشقين عن جيش النظام من كافة الرتب والانضمام له للتسريع في الخلاص من هذا النظام. وبالتالي فما قالته حذام الأمريكية ليس من فراغ بل دراية بهذه الوقائع الميدانية في أرض سورية وشعبها البطل الذي صبر طويلا على ظلم نظام هذه العائلة...والخلاص قريب.. و إذا قالت حذام الأمريكية في وسائل الإعلام...وحذام السورية في المواجهة البطلة مع النظام فصدقوها.. فصدقوها!!.
ضمن هذا السياق تمرّ هذه الأيام الذكرى الثلاثون لمذبحة مدينة حماة التي نفذها حافظ الأسد وسرايا دفاع شقيقه رفعت التي تعتبر من أفدح جرائم النظام الأسدي وترقى لحد الإبادة الجماعية، حيث راح ضحيتها حسب كافة التقارير ما لايقل عن خمسة وثلاثين ألف مواطن سوري...وبالتالي فهو نظام متخصص في الجرائم ودوما بحق الشعب السوري واللبناني والفلسطيني..وبالتالي استحق لقب نظام المقاومة والممانعة.
[email protected]
التعليقات