أصبح الآن من المؤكد عبر العديد من الدراسات والتقارير الميدانية أنّ العمليتين الإرهابيتين اللتين تمّ تنفيذهما في حي سوسة مقر غالبية الأجهزة الأمنية للنظام الأسدي يوم الثالث والعشرين من ديسمبر 2011 ، كانتا من فبركة وتنفيذ النظام مقدمة لوصول المراقبين العرب شهود الزور، ليظهر هذا النظام القمعي نفسه بأنّه مستهدف من تنظيمات إرهابية، لذلك سرعان ما اتهمت أجهزة النظام الإعلامية تنظيم القاعدة بالعمليتين قبل مرور دقائق على تنفيذهما، مما يدلّل على أنّ البيانات كانت معدة سلفا ليتم نشرها وإذاعتها فور تنفيذ أجهزة النظام للعمليتين، خاصة أنّ نظاما قتله ما يزال مستمرا بشكل يومي في حضور المراقبين العرب، ووصل عدد من قتلهم ما يزيد على ستة ألاف مواطن سوري، لا يهمه قتل أربعين أو خمسين آخرين في هاتين العمليتين الإرهابيتين ليبدو أنه نظام مسالم مستهدف من إرهابيي القاعدة.

واليوم فبركة إرهابية جديدة
واليوم السادس من يناير 2012، تقع عملية إرهابية جديدة في حي الميدان بدمشق راح ضحيتها حسب إعلام النظام حوالي 26 قتيلا وما يزيد على أربعين جريحا، وحسب تلفزيون النظام أنّ التفجير إرهابي استهدف حيّا شعبيا، وهذا يذكرنا بطبيعة العديد من العمليات الإرهابية التي تحدث في العراق، وطالما اتهم نظام المالكي نفسه نظام الأسد في دمشق بدعمها وتسهيل دخول الإرهابيين لتنفيذها. وهذا الحادث الإرهابي الجديد في دمشق بعد الحادثين السابقين يدلّ على أنّ النظام فقد كافة وسائل بقائه سوى فبركة أعمال إرهابية توهم السذج بأنّه نظام مستهدف من الإرهاب، لذلك كان منطقيا بيان جماعة الإخوان المسلمين السوريين عن عملية دمشق هذه بأنها من فبركات النظام لأنّ quot;النظام واجهزته وعصاباته وشبيحته هم وحدهم المستفيدون من هذا التفجير وهم وحدهم المالكون لادواته وهم وحدهم القادرون عليهquot;. وهذا منطقي لأنّ هذا النظام منذ ما يزيد على أربعين عاما يحكم قبضة أمنية لا مثيل لها، فلماذا ظهر الإرهاب والعمليات الإجرامية الآن بعد ثورة الشعب السوري ووصول المراقبين العرب؟. نعم..هذا فقط ليبدو النظام أنه ديمقراطي إنساني مستهدف من الإرهابيين!!!. لذلك فإنّ هذا النظام فعلا يختفي خلف تنظيم القاعدة والارهابيين والمندسين ليستدر تأييد العالم كما قال بيان الجماعة، وفعلا لا بدّ من تحقيق دولي و عربي في وقائع هذه التفجيرات التي لن تتوقف من قبل النظام والأيام القادمة شاهدة على ذلك، وأيضا التحليلات والمعلومات المتوفرة.

والأسئلة المنطقية ضمن سياق فبركات النظام
1 . هل قام تنظيم القاعدة أو أي تنظيم إرهابي آخر أيا كان اسمه أو مرجعيته بأية عملية إرهابية داخل سوريا منذ عام 2004 وقبله أيضا؟. وقصدت ذكر عام 2004 لأنه عام سقوط نظام صدام حسين في العراق، وبدء وتصاعد العمليات الإرهابية في العراق التي كان وما يزال البعض يعتبرها مقاومة، رغم أنّ الغالبية العظمى من ضحاياها هم عراقيون من كافة الملل والنحل، سنّة وشيعة ومسيحيون. فلماذا لم يقم هؤلاء الإرهابيون بأية عملية داخل سوريا حيث البعث السوري شقيق البعث العراقي؟. خاصة أنّه إذا كان أولئك الإرهابيون ينتمون للقاعدة التي كان يدّعي مسؤولها المقبور أسامة بن لادن بأنّه يتبع تعاليم الإسلام، فما كان عليه أن يستثني نظام الأسد البعثي الذي ارتكب مجازر بحق الإسلاميين لا مثيل لها، ويكفي التذكير بمذبحة مدينة حماة عام 1982 التي قتل فيها على الأقل ثلاثين ألف سوري بحجة أنهم ينتمون للإخوان المسلمين السوريين.

2 . إذا كان تنظيم القاعدة يستهدف أعداء الإسلام والمسلمين، فلماذا تناسى هذا التنظيم النظام البعثي الأسدي في سوريا طوال ما يزيد على أربعين عاما، رغم أنّ الدستور البعثي ( من الظلم تسميته دستورا بل قانونا) ينصّ في مادته رقم 49 على ( الحكم بالإعدام على كل من ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين ). ومن المهم ملاحظة نقطتين مهمتين في هذه المادة: الأولى خلفيتها الطائفية المقصودة حيث أنّ جماعة الإخوان المسلمين من السوريين السنّة و الأسود الحاكمون من السوريين العلويين. والثانية خلفيتها الإجرامية حيث من غير المعقول ولا المنطقي الحكم بالإعدام على شخص لمجرد انتمائه الفكري رغم عدم قيامه بأي عمل جنائي أو إجرامي. تصوروا لو هناك حزب أو جماعة استلم السلطة وأصدر نفس المادة بحق من ينتمي لحزب البعث، ماذا كان سيقول عنه أو بماذا سيصفه البعثيون؟. هل كان يكفي بحقه عندئذ أقل من صفة مجرم وقاتل ودموي ولا إنساني؟.

3 . كيف يمكن أن ننسى اتهامات نوري المالكي نفسه طوال السنوات الماضية للنظام السوري بتدريب إرهابيي القاعدة وإدخالهم للعراق بسياراتهم المفخخة لقتل العراقيين؟. ومن ينسى مطالبة المالكي للأمم المتحدة بالتدخل لوقف دعم النظام الأسدي للقاعدة والبعثيين الذين يمارسون الإرهاب في العراق ضد الجيش الأمريكي والعراقيين؟. ومن لا يتذكر أنّه بعد تفجيرات بغداد في التاسع عشر من أغسطس لعام 2009 ، إتهم المالكي شخصيا القاعدة والبعثيين المقيمين في دمشق بأنهم من قاموا بتلك العملية الإرهابية، وطالب النظام الأسدي بتسليم القياديين البعثيين محمد يونس الأحمد و سطام فرحان؟.

وفجأة يصبح نظام الأسد مستهدف من القاعدة ومدعوم من المالكي
تغيرت الأهداف والمصالح بعد ثورة الشعب السوري التي اندلعت ضد النظام الدموي في الخامس عشر من مارس 2011 ، فكشفت هذه الثورة اصطفافات جديدة بين الأنظمة حسب تركيبتها الداخلية وموقفها من شعوبها، فكان أشد الداعمين لنظام الأسد هو نظام الملالي في إيران لتشابه التركيبة خاصة قمع الشعوب ، فقمع نظام الملالي للشعب الإيراني الذي بدأ مظاهراته العارمة عام 2009 لا يقل دموية عن نظام الأسد، وما تغير موقف نوري المالكي من متهم لنظام الأسد إلى داعم إلا بسبب الأوامر الإيرانية التي لا يستطيع نظام المالكي رفضها بل تنفيذها حرفيا، لذلك لم يكن مستغربا أن يرفض نظام المالكي التصويت على أية عقوبات ضد نظام الأسد، ويقوم بعد ذلك بدور يسميه الوساطة.

تحذير من فبركات إرهابية قادمة لنظام الأسد
يلاحظ أنّه منذ اندلاع ثورة الشعب السوري، يحاول نظام الأسد الزجّ بلبنان في أحداث هذه الثورة عبر أكاذيب عديدة لا تمرّ على عاقل ، فمرة يدّعي دخول عناصر القاعدة الإرهابيين من لبنان، ومرة يدّعي تهريب أسلحة عبر الحدود اللبنانية لمجموعات إرهابية داخل سوريا، و يستند في ذلك على الدعم المخزي والمشين من حزب الله له، لأنّه من العار أن يقف حزب الله المقاوم مع نظام يقتل شعبه وسبق له أن اغتال قياديه عماد مغنية في نفس حي كفر سوسة الذي فبرّك فيه العمليتين الإرهابيتين.

بعض المعلومات تشير إلى احتمال قيام النظام الأسدي بفبركة عمليات إرهابية جديدة غير عملية دمشق الأخيرة، وستكون في مناطق علوية في سوريا ولبنان ليعطي الانطباع بأنها حرب طائفية من القاعدة ضد الطائفة الشيعية، وهذه آخر لعبة في جعبة النظام الذي يعرف انّ سقوطه بات حتميا، خاصة بعد الأنباء التي تؤكد أنّ النظام يقوم فعلا بعملية تخويف وسط الشعب السوري من الطائفة العلوية وغيرها من الأقليات من أن سقوطه يعني نهايتهم والقضاء عليهم، رغم أنّ هذه التخويفات والفبركات لن تمرّ على الشعب السوري من الطائفة العلوية المعروفة بانتمائها الوطني والتي تعرف أن نسيج الشعب السوري لا يعرف الاحتقان الطائفي مطلقا، وكذلك بقية الطوائف السورية الوطنية المنتمية للوطن وليس لأي نظام، التي لم تعرف يوما ما أية نعرة طائفية داخل المجتمع السوري الحضاري فعلا.

وهذه المعلومات ترقى لحدّ اليقين فانتظروا فبركات إرهابية جديدة لنظام الأسد في سوريا وفي لبنان تحديدا في بيروت وفي شمال لبنان. فتفجير دمشق الثالث يوم السادس من يناير 2012 لن يكون الأخير. هذا تحذيريرقى لمستوى المعلومات المؤكدة، والصحفي والكاتب ليس مطلوبا منه الإفصاح عن مصادر معلوماته..فانتظروا الإطلالات الجديدة لوليد المعلم وجهاد مقدسي باتهامات جديدة للقاعدة والتكفيريين والسلفيين وما سيستجد من تسميات يخترعها عباقرة النظام، ولا تستغربوا أشرطة فيديو جديدة فيها أبو عدس جديد مثل الذي بثّه تلفزيون النظام عام 2005 ، على أنّه هو من اغتال رفيق الحريري، والساذج من البشر كان سؤاله: لماذ أرسل ابو عدس الوهمي هذا شريطة لتلفزيون النظام الأسدي تحديدا؟.
[email protected]