أيا كان الجواب، فإن الضحية هو شعب العراق، ووحدة العراق.
مصارعات السيد المالكي مع نائب رئيس الجهورية ونائبه هو، [ ولم تكن من قبل أية ثقة بين الطرفين]، قد جرى توقيتها مع الانسحاب الأميركي، وبعد عبارات الثناء الغبية التي أطلقها أوباما على ما يدعى بquot; الديمقراطية العراقيةquot;، وquot; الحكومة الأكثر تمثيلا في تاريخ العراقquot;!! وهي حكومة المحصاصة الطائفية والعرقية، والسجون السرية، والفساد الذي بلغ صيته السئ مختلف القارات.
ما يدعى بمؤامرة الهاشمي يستدعي لجنة تحيق دولية محايدة، لأنه لا يمكن الثقة بما تقدمه أجهزة تخضع كلها لرجل واحد، هو الذي يوجه الاتهام. وأما ما يدعى بquot;اعترافاتquot; من التلفزيون، فإن العراقيين لا يجهلون كيف كانت الاعترافات تفبرك وتزور بالتعذيب في سراديب المخابرات والأمن منذ 8 شباط المشئوم، وطوال عهد صدام حسين. وهذا لا يعني تكذيبا مني لرواية المؤامرة، ولكنني لا اعتبر مجرد تلك الاعترافات دليلا، إن لم تقم بالتحقيق لجنة محايدة ونزيهة، ويفضل أن تكون دولية.
الانسحاب الأميركي ترك العراق ساحة مفتوحة لنظام الفقيه، الذي بيديه كل أوراق ما يدعى بquot; العملية السياسيةquot; في العراق. وقد اقترف الجانب الأميركي أخطاء فادحة جدا منذ البداية، خصوصا حين وضع كل الثقة في الأحزاب الشيعية، التي ولد بعضها في إيران خلال الحرب مع العراق. وعندما يصدح اليوم بعض مستشاري المالكي بأناشيد النصر بمناسبة الانسحاب الأميركي، فإن عليهم عدم نسيان أنهم احتكروا السلطة بفضل الولايات المتحدة إياها. وكان معظم أطراف المعارضة العراقية زمن العهد السابق يتوجه لواشنطن طلبا للمساعدة في إزاحة نظام البعث الصدامي. ومن هنا جاء قانون بيل كلينتون باسم quot;تحرير العراقquot;، الذي طوره ونفذه جورج دبليو بوش بعد 11 سبتمبر.
الحرب العراقية لا تزال محل أخذ ورد؛ ومن المفارقات أن الرأي العام العربي، الذي لا يزال بغالبيته يدين تلك الحرب، هو الذي صار يحبذ اللجوء للغرب تحديدا [ أقصد لا لروسيا والصين]، باسمquot; المجتمع الدوليquot; لإسقاط القذافي مرة، والأسد مرة، وهكذا!
العراق اليوم مهدد فعلا بالتمزق والحروب الداخلية، طائفية، وربما عرقية أيضا فيما بعد، وقد برهن السيد المالكي، مع الأسف، على أن ما يهمه هو احتكار هيمنة حزبه وشخصه على السلطة تحت شعار quot; ما ننطيهاquot;[ لن نعطيها]. واللعبة التي يلعبها حاليا هي من أخطر ما تعرض له العراق بعد نظام صدام.
شخصيا، لا أرى في الأفق ما ينقذ العراق من عبث ومطامح وأطماع بعض ساسته وأحزابه الحاكمة، ومن صاعات ساسته، ومن الهيمنة الإيرانية الساحقة على مقدراته، ومن تخبط إدارة السيد اوباما الذي لم يعد من شيء يهمه غير إعادة انتخابه.
لقد عاني شعبنا، ولا يزال يعاني، من فشل حكامه في ضمان أبسط الخدمات له برغم أن ميزانية العراق قد تضخمت لتبلغ 100 مليار دولار، ولم تكن في العهد الملكي لتزيد عن بضع عشرات من الملايين [ لا المليارات]، ولكن كانت الخدمات بخير، وكانت بغداد من بين المدن الجميلة والآمنة في العالم، لا مدينة صارت في آخر القائمة الدولية للعيش فيها- مدينة الموت بالكواتم، ومدينة تملؤها المزابل، وحيث الانقطاع الكهربائي في الحر والبرد، وفي كل المواسم برغم المليارات quot;الضائعةquot;!
ما يجري اليوم في العراق مرعب حقا. فما العمل؟؟ وهل من معجزة!!