فجرت جريمة أوسلو النقاش مجددا عن الإرهاب عموما، والإرهاب في الغرب خاصة. ومن المفيد متابعة ردود الفعل نرويجيا، وغربيا، وعربيا- إسلاميا.
لقد تناولنا موضوع الإرهاب عشرات المرات مع كل عملية quot;جهاديةquot; كبيرة، وفي مقالي بتاريخ 16 أبريل 2006 بعنوان quot; التطرف الإسلامي والعدوان على الآخرينquot;، وبعده مقال بعنوان quot;إنما باسم الله هم يقتلونquot; بتاريخ 3 مايو 2006، ذكرت ما يلي:
quot; إن التطرف والعنف باسم الدين ليسا منحصرين في الدين الإسلامي وحده؛ ومع أن البوذية أقل الأديان ذكرا للعنف، فقد وجدت في التسعينات الماضية منظمة بوذية إرهابية في اليابان، استخدمت الغاز في مترو طوكيو، مبررة ذلك باسم مكافحة الخروج على البوذية والعودة للبوذية quot; الأصليةquot;. كما أن العديد من حاخامات إسرائيل مجدوا اغتيال إسحاق رابين وبرروه توراتيا. أما بعض القسس اللوثريين والبرةستانتين المتطرفين في أميركا، فقد أنشئوا مليشيات صغيرة تهاجم المراكز الطبية التي تمارس الإجهاض، ومنهم من هاجموا نوادي خاصة بالمثليين جنسيا. وهؤلاء المتطرفون يدينون المسيحيين اللبراليين، كما يهاجمون المسيحيين المحافظين باعتبار أن أولئك انتهازيون وهؤلاء جبناء! وحركات السيخ تطورت في التسعينيات لترفع شعارات دينية مع شعار الانفصال [ ديني- سياسي]، ومارست سلسلة عمليات دموية ضد الهندو والدولة الهندية.
في كل هذه الحالات وأمثالها كانت تبريرات العنف الأعمى دينية، وباسم إعلاء كلمة الله وتنقية الدين من المرض والانحراف، وبعضها استخدم الدين لغرض سياسي.
وحالة بريفيك الإرهابي المجرم النرويجي تدخل في هذا الصنف من الإرهاب ولكنها أكثر تعقيدا بكثير. صحيح أنه أصولي مسيحي متطرف، ولكن مصدر غضبه وهوسه الأساسي هو موضوع الهجرة عموما، والهجرة المسلمة بوجه خاص، وأساسا، مستغلا تصرفات وأعمال فئات من المسلمين في النرويج، والغرب عامة، وهوس الخوف على quot; نقاوةquot; العنصر النرويجي وقيمه، لتبرير جريمته الشنعاء، وهو لم يقترفها ضد تجمعات مسلمين بل ضد الحكومة نفسها وضد شباب نرويجيين من حزب رئيس الوزراء العمالي. والجريمة تذكرنا بجريمة مشابهة، وأعني تفجير المبنى الفيدرالي في أوكلاهوما عام 1995 ، والذي أدى لمقتل 168 شخصا بينهم 19 طفلا وجرح أكثر من 500 شخصا- أي أكثر من ضعف ضحايا أوسلو. ماكفي، وهو اسم مجرم أوكلاهوما، كان جنديا في حرب الكويت، وقريبا من أوساط النازيين الجدد ، ووجه مركز كراهيته للدولة الفيدرالية وأحد رموزها، حيث كان يعتبر الدولة quot;وحشاquot;. وقد أعدم عام 2001 وحكم على شريكه بالمؤبد.
بريفيك يشترك مع ماكفي في كراهية الدولة، وفي القرب من غلاة العنصريين الغربيين في السويد وبريطانيا وغيرهما، ولكنه في الوقت نفسه، أصولي ديني متطرف، وهو ما لم يكتب عن ماكي وإن قيل إنه كان غاضبا لهجمة الشرطة على إحدى الطوائف في تكساس.
إن الإرهاب إرهاب. إنه جريمة، وغدر، وجبن، وكراهية عمياء، ولا يوجد ما يبرره. وكل تطرف يغذي تطرفا معاكسا، سواء كان تطرفا دينيا محضا، أو دينيا ndash; سياسيا ، أو سياسيا محضا. فعمليات المتطرفين الفلسطينيين في السبعينات كانت سياسية محضة، من خطف طيارات، وسفينة ركاب، وحادث ميونيخ، وحجز دبلوماسيين. وكذلك مع التنظيمات الفوضوية الإرهابية التي برزت في الثمانينيات خاصة، في اليابان وألمانيا وإيطاليا، والتي كان بعض عناصرها شريكا في عمليات المتطرفين الفلسطينيين. كذلك الحال مع منظمة الباسك الإسبانية التي تطالب بالاستقلال، ومع قوات الفارك في كولومبيا. والإيرا الإيرلندية كانت مزيجا من التطرف السياسي والديني.
إن ما تشترك فيه أصناف الإرهاب المذكورة [وأمثالها] مع الإرهاب quot; الجهاديquot; الإسلامي هو غريزة العنف، ومشاعر الكراهية العمياء، ولكنها بوجه عام أصناف quot; موضعيةquot; إن صح التعبير، أي موضعية جغرافيا ، فيما الإرهاب الإسلامي قد تحول لظاهرة عالمية ولخطر على نطاق مختلف البلدان والقارات، وبدأ بالعالم الإسلامي نفسه، سواء كان هو إرهاب دولة كإيران[ وتوابعها المسلحة كأحزاب الله ومليشيات مقتدى الصدر]، وكالسودان في دارفور، وكصربيا ميلسوفيتج وممارساته في التطهير العرقي، أو كان إرهاب شبكات إرهابية كالقاعدة، وطالبان [ وبالأمس دولة طالبان] .
إيلاف في 4-5 آب 2011

.