أراني متفقا مع ما طرحه الأستاذ أحمد أبو مطر في مقالته الأخيرة عن الأزمة المصرية المتفاقمة.
أولا تجب إدانة أعمال العنف التي انفجرت الأربعاء في ميدان التحرير، والتي صدرت عن بعض من سموا أنفسهم من مؤيدي مبارك. تلكم أعمال تجب إدانتها ومعاقبة من دبروها. وشخصيا لا أعتقد أنها كانت لصالح مبارك، وبالتالي، لا أتصور أن تبلغ سذاجته حد دفع حفنة من محترفي العنف بين من تظاهروا بحسن نية لصالحه.
لقد كان لخطاب مبارك وقع إيجابي لدى فريق من المعارضة لدرجة أنهم قرروا الشروع بالحوار مع عمر سليمان حالا، ولكن باستثناء الإخوان المسلمين وحليفهم البرادعي الذين أعلنوا رفض كل حوار قبل رحيل مبارك. أما المعتصمون من الشباب، فكانوا لا يزالون يطالبون برحيل الرئيس المصري.
أقول، ليس من المعقول أن يقبل مبارك بما حدث الأربعاء بعد أن اخترق صفوف المعارضة وأبدى موافقته على تلبية مطالب كبيرة من مطالب الشباب المنتفض. وإنما المعقول والمنطقي أن هناك من بعض أوساط الحزب الحاكم، من المتهمين بالفساد، من زجوا بحفنات من المخربين والمرتزقة وهواة العنف بين الجماهير التي تظاهرت تأييدا لمبارك. وكان بالإمكان أن يتظاهر الطرفان، ضد ومع، بسلام ولكن كل في ميدان مستقل بدلا من اقتحام ميدان التحرير، وما حدث من أعمال العدوان والعنف التي تسببت في وقوع قتلى وأكثر من 1500 جريح.
إن أمن مصر والمصريين في خطر، والخدمات تعاني مصاعب تنصب عواقبها على ملايين المصريين، والاقتصاد المصري يتعرض لخسائر كبرى كل يوم.
إن المهم هو تحقيق مطالب الشباب التي انفجرت الانتفاضة بسببها. والسياسة أخذ ورد وتنازلات متبادلة، رغم أن هناك مسألة الثقة المزعزعة، ولكن لابد من بذل كل الجهود الطيبة والحصيفة الممكنة لوقف النزيف والتوصل لحل وسط وفوري بما يضمن عمليا السير الجاد نحو تنفيذ ما وعد به مبارك من تعديلات وإصلاحات، وربما توسيع نطاق الحكومة لإشراك وجوه معروفة من المعارضة الوطنية.
لقد كان على الرئيس المصري أن يظهر مساء الأربعاء على الشاشة ويعلن أن الدم المصري غال عليه، وأنه قد خول عمر سليمان جزءا كبيرا من صلاحياته لقيادة عملية الحوار والمرحلة الانتقالية. موقف كهذا يشرفه ويعزز مكانته والوقت لم يفت بعد.
إن مصر العزيزة في وضع مهتز، وكل تطور سلبي خطير سيزعزع المنطقة كلها. الإخوان متربصون وينتظرون يومهم، وتاريخهم العنفي معروف، ولا يستطيع البرادعي إقناعنا بأنهم صاروا ديمقراطيين كما حاول ذلك في مقابلة مع السي. إن.إن؛ وإن إدارة أبماما تبرهن من جديد على مدى سذاجتها السياسية حين تتصل بالإخوان عبر مبعوث أوباما في القاهرة، مما يذكرنا بأوهام أستاذه كارتر حين أجرى مبعوثوه اتصالات مستمرة مع خميني عند بقائه في باريس، متوهما أنه سيكون صديق أميركا وحاميا للديمقراطية وحقوق الإنسان في إيران.
السياسة فن الممكن، والتنازلات السياسية لضرورية لصالح القضية الكبرى- أي مطالب الشباب- ضرورية، ولا تمس الثورية وإرادة النضال والتغيير. والأفضل أن يخلو شارع التحرير مؤقتا بانتظار ما سوف تسفر عنه المحادثات والإجراءات الدستورية والتشريعية والتنفيذية المنتظرة، في الطريق نحو الانتخابات القادمة. وهذا يتطلب أولا خطوة جدية كبرى من الرئيس المصري نفسه لأن مسألة الثقة مهمة جدا.
التعليقات