ء- تلخيص لما سبق

ربما من المفيد، وقبل تناول قضايا الهجرة وإشكالياتها، وهي متشعبة وكثيرة، تلخيص وجهة نظري عن الأخطار الداخلية والخارجية التي تواجه الغرب، ومنها مشاكل الهجرة، والهجرة الإسلامية على وجه الخصوص. و هذه هي النقاط الأساسية بكل اختصار:-

quot;الديمقراطيات الغربية هي المنتصرة في آخر المطافquot;، كما ورد في أول مقالاتي بعنوان quot; ابتزاز الديمقراطيات الغربية واختراقهاquot;، في مارس 2009. إنها تنتصر برغم نكسات وهزائم وقتية ومصاعب كبرى، سياسية واجتماعية واقتصادية، وبرغم الأعداء. وبعد انتهاء مرحلة الحرب الباردة، حلت حرب الإرهاب الجهادي وتفشي التطرف الإسلامي ومخاطر الأنظمة المتمردة على القانون الدولي كإيران وكوريا الشمالية؛-

إذا كانت هذه الدول ذات أنظمة قائمة على الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية النسبية، فذلك لا ينفي أن لها، وفيها، جوانب وسياسات وممارسات سلبية، ولكنها لا تقرر الجوهر في أنظمتها والعنصر الحاسم. ونحن إنما نقارنها ببقية أنظمة العالم فترجح كفتها؛- الديمقراطيات الغربية، وبحكم ديمقراطيتها نفسها، يمكن ابتزازها خارجيا، واستغلال حرياتها وقضائها داخليا، كما فعل دعاة الإرهاب والمتطرفون؛ -

نعم، هناك مخاوف متزايدة بين السكان الغربيين من نطرف فئات من المسلمين، ومن عمليات الإرهاب، فضلا عما يسمعونه من عمليات مطاردة المسيحيين في العالم الإسلامي، وهذا أخذ بالتحول التدريجي لتكوين فكرة سلبية عن الإسلام نفسه. ويعتبر 68 بالمائة من الفرنسيين و70 بالمائة من الألمان أن المسلمين والأشخاص من أصول مسلمة لم يندمجوا جيدا في مجتمعاتهم؛-

إن غض نظر الساسة والمثقفين ورجال الدين العرب والمسلمين في بلدانهم عن عواقب ممارسات التطرف الإسلامي في الغرب، وما تثار داخل المجوعة المسلمة المهاجرة، من وقت لآخر، من مشاكل للمجتمع، هي أكثر من مشاكل أية مجموعة أخرى من أهل الهجرة - [ تعدد الزوجات، زواج القاصرات، قتل الشرف، البرقع والنقاب، الصلاة في الشوارع ،ألخ.]؛ نقول إن غض النظر عن عواقب هذا ليس لصالح مسلمي الغرب لأن التغاضي والسلبية أو التبرير والتزكية إنما تخلق لدى الغربيين الانطباع بان جمهرة المسلمين، في الغرب وبلدان الأصل، راضون عن تلك الأعمال والتصرفات السلبية المنافية للقيم الغربية. كما يجب، وقبل توجيه الاتهامات للأخر بالعنصرية، أن ننظر إلى واقع حالنا وإلى الثقافة السائدة في العالم الإسلامي والتي تستثني الغربي،[ رغم الركض المندفع لبلاده!!]، ونعتبر غير المسلمين عندنا مواطني الدرجة الثانية، أو حتى أعداء، ولا نحترم الحرية الدينية وحرية الرأي. وإذا كان صوابا نقد كتاب غربي مسيء أو رسم أو برنامج ما، فلنحاسب أولا دعاة تكفير غير المسلمين في بلداننا، والتمييز الديني والعنصري الفاضح ، والمكانة المتدنية للمرأة في أغلب أنحاء العالم الإسلامي.وفيما يخص الهجرة عموما، فثمة ممارسات نابية بين كثرة من اللاجئين سوف نذكر بعضها. وهناك مشاكل وأعباء الهجرة السرية عن طريق تجار التهريب وقوارب الموت، وما يشكله المهاجرون السريون من أعباء كبرى على الدول الغربية وأهلها.

ب- كيف نتناول مشاكل الهجرة للغرب:

1 ndash; يجب النظر للظواهر العامة وليس اعتبار بعض الحالات الفردية، التي لا نعرف ظروفها وتفاصيلها، منطلقات ومعايير لإصدار الأحكام؛2

ndash; المجتمعات الغربية لم تكن مغلقة أمام الهجرة، وليست مغلقة، ولن تكون قلاعا حصينة مغلقة، وذلك لأسباب سوف نبينها، وأولها الحاجة للمهارات المهاجرة من أجل التنمية الاقتصادية؛3

ndash; منذ التسعينيات، وخصوصا منذ 11 سبتمبر ، أعادت الدول الغربية النظر في قوانين الهجرة باتجاه مكافحة الهجرة السرية المستمرة، ووضع ضوابط للهجرة quot; الرسميةquot;، وكذلك فرض مراقبة صارمة على الحدود. وسوف نأتي في المقال التالي إلى تدابير بعض الدول الغربية كألمانيا والسويد وأسبانيا وهولندا وفرنسا وغيرها. كما نتوقف لدى التجربة الأميركية؛

4 ndash; إن دول الاتحاد الأوروبي تلتزم بمقررات الاتحاد، ومنها إعطاء الأولوية في العمل والتدريب لرعايا دولها في دول أخرى عضو؛5

ndash; إن في الدول الغربية قوانين تكافح وتحاسب العنصرية، وفي فرنسا مثلا، يكون مجرد التنويه باللون أو الأصل أو الدين تنويه السخرية أو الاستهجان، عرضة لعقاب قانوني صارم. نعم هناك تنظيمات عنصرية فعلا، ولكنها لا تجرؤ على إعلان عنصريتها المكشوفة. وفي هذا الصدد يجب تعريف العنصرية ضد الأجانب تعريفا دقيقا، فقد اعتدنا على أن نصف بالعنصري كل سياسي غربي أو حزب أو حكومة، إذا طالبوا بالرقابة على الهجرة أو تحديدها وبمكافحة الهجرة السرية [ التهريب]. فحزب الديمقراطيين السويدي لا يمكن وصفه بالعنصري لمجرد أن له موقفا صارما من مد الهجرة وزخمها؛

6 ndash; في سوق العمل يأخذون الأفضل ولو كان من أبناء الهجرة. كما يراعون الأعمار، مفضلين الشبان الأكفاء فيما لو تعادلت المواصفات. وهذه قاعدة دولية معتمدة في الأمم المتحدة وكالاتها المتخصصة عند توظيف موظفيها الجدد؛7

ndash; ما معنى quot; المهاجرquot;؟ هناك المجموعات التالية: - طالبو العمل؛ طالبو الدراسة والتدريب ما فوق الجامعي؛ طالبو اللجوء السياسي والإنساني. والصنف الأخير تدرس قضايا كل منهم، فإذا تبينت مصداقية المعلومات المقدمة من الشخص منح اللجوء مع تخصيص سكن ومرتب ورعاية صحية. وهذه القاعدة مقدسة في الدول الغربية، مع العلم بأن هناك حالات غش كثيرة عندما يدعي شخص ما أنه مضطهد في بلاده ويتبين كذب ذلك. وفي السويد ودول أخرى، خلال التسعينيات، كان العديد من العرب من غير العراقيين يدعون أنهم عراقيون ويطلبون اللجوء السياسي أو الإنساني. وعندما تبينت الفضيحة، لجأت الحكومات إلى امتحانات خاصة لمن تقدموا بالطلب كعراقيين ليتأكدوا حقا من عراقيتهم. إن نسبة عالية من طالبي اللجوء ليسوا حقا من المضطهدين المهددة حرياتهم في بلدانهم، وهؤلاء يشكلون عبئا على دولة الضيافة، ويشكلون مشكلة حقيقية لطالبي اللجوء المبررة طلباتهم، فتختلط الأوراق، بعد أن أرهق أولئك النظام الصحي وصندوق الإعانات وإمكانيات السكن. وقد أصبح صعبا اليوم التمييز بين اللاجئ الحقيقي واللاجئ الآخر. قولوا مثلا: لماذا هذه الجمهرة المتزايدة من مهاجري كردستان العراق مع أن الإقليم يعيش وضعا اقتصاديا وعمرانيا وامنيا أفضل من بقية أرجاء العراق؟؟ أما المهاجرون غير الشرعيين، فهم القادمون سرا عبر مافيات التهريب، بالقوارب أو مخابئ الشاحنات، وسبل أخرى. وحدث، ويحدث، أن يموت الكثيرون مع أطفالهم في عرض البحر ضحية تجار الموت هؤلاء. وأكثر القادمين بهذه الطريقة هم من أفريقيا والدول الإسلامية. وفي الولايات المتحدة، فإن أكثريتهم لاتينيون، وخصوصا من المكسيك. ويبلغ عدد اللاجئين السريين في الولايات المتحدة 12 مليونا. وقد تم تفكيك 153 شبكة تهريب لاجئين- [ الرق الحديث] - في فرنسا عام 2009، ومنها شبكة في كردستان العراق تهرب من مختلف الجنسيات، ومنهم صينيون، عبر تركيا فاليونان. وتغض تركيا النظر لسبب سياسي من خصومتها التقليدية مع اليونان. وقد ازدادت هذه الهجرة منذ أن اتخذت ايطاليا واسبانيا تدابير قوية لحماية حدودها البرية والبحرية. وفي اليونان، ذات الأحد عشر مليونا، هناك اليوم مليون ونصف من المهاجرين من شرعيين وسريين. ومع ذلك، فزخم الهجرة غير الشرعية مستمر. وقد قامت اسبانيا بعقد اتفاقات مع دول أفريقية لضبط الهجرة والسماح بهجرة المهارات التي تحتاجها أسبانيا. وليبيا، التي هددت مرة إيطاليا بفتح معابر الهجرة غير الشرعية بسبب خلاف سياسي، عادت وفرضت رقابتها لمنع التسلل للضفة الشمالية من المتوسط؛

8 ndash; يجب التمييز بين الجيل الأول للهجرة في الغرب ndash; من مختلف جنسيات الأصل- وبين الجيلين الثاني والثالث. فالجيل الأول، أي بين من جاؤوا، بعد الحرب العالمية الثانية خاصة، لعمل في فترة محددة، وبقوا، بينما رجع البقية، نجدهم عموما قد اندمجوا في الغالب، ويعرفون اللغة بدرجة جيدة أو لا بأس بها، ولا تصدر عنهم المشاكل إلا نادرا. أما أبناء هؤلاء وأحفادهم وعائلاتهم - بعد السماح بالالتحاق العائلي [ أعتقد في أواسط السبعينيات]- أو من جاؤوا بعدهم في موجات أخرى، فمن بين هؤلاء نجد المشاكل المختلفة، والممارسات التي تناقض القيم الغربية، وعندهم صعوبة الاندماج؛

9ndash; ليس صحيحا البتة أن الدول الغربية تطلب من أبناء الهجرة الذوبان [ assimilation بمعنى نسيان الأصل والدين والفولكلور الشعبي. كلا، وإنما الاندماج هو المطلوب. فماذا يعني الاندماج؟ يعني دراية لغوية بدرجة كافية، واحترام قوانين البلد وقيمه. مثلا كيف نفهم شبانا من أصل جزائري ويحملون الجنسية، وقد ولدوا في فرنسا، ولكنهم يصفرون للنشيد الوطني الفرنسي؟؟ أو باكستانيين يطالبون ملكة بريطانيا بالتأسلم وتحويل قصر بكنغهام لمسجد، أو يشتمون عرض جنود بريطانيين عائدين من العراق؟! أو عندما يراد فرض الحجاب على مدارس الدولة التي تحرم لبس كل رمز ديني، أيا كان، فيما الحجاب نفسه شائع خارج المدارس الحكومية وفي المدارس الخاصة؟! أو عندما تعلم المدارس الإسلامية مناهج تزرع كراهية غير المسلمين؟! أو عندما تتم الصلاة في الشوارع؟! وليس من الاندماج أن تحاول فرض تزويج ابنة قاصرة، أو ممارسة تعدد الزوجات. وليس من الاندماج أن تستمع دوما فقط للفضائيات العربية ولا تقرا صحيفة واحدة من صحف البلد أو تستمع لإذاعاتها وتشاهد تلفزيوناتها لتعرف ما يجري في البلد الذي تعيش فيه. وليس من الاندماج إهمال المدرسة وعدم بذل جهد لتعلم اللغة، ألخ. إن الدولة المضيفة تقدم التسهيلات اللازمة، ومنها دورات اللغة والمدرسة، وحتى هناك متطوعون للتعليم، وإن مسئولية الاندماج تقع أساسا على الشخص وعائلته. لقد ذكرت أن من بين مخاوف السكان الأصليين، التي لا يبوح بها معظمهم، الخوف من أن يصبحوا أقلية في بلدانهم. القضية ليست مسألة عدد وحسب، أو أساسا، بل هي، قبل كل شيء، قضية عدم الاندماج. هذه المخاوف ناجمة عن واقع أن أكثرية من مهاجري العرب والمسلمين وأفريقيا السوداء، لا يبذلون جهدا صادقا للاندماج، ويمارسون موقف العزلة عن الآخر، وتصدر عنهم من الممارسات - من عنف وسواه- مما يخيف السكان الأصليين. ويقينا لو كان هناك اندماج حقيقي، لما شعر السكان بمخاوف كهذه، أو لضعفت إن وجدت؛

10 ndash; إن من حق كل دولة غربية [وغير غربية] أن تقرر إلى أي نوع من المهاجرين تحتاج لغرض تنمية الاقتصاد والبُنيات التحتية والطب والتعليم. هذا حق السيادة. كما من حقها منح الفيزة أو عدم منحها. ومن ينتقد دولة غربية لعدم منح فرد من عائلته الفيزة، فيجب أن نعرف السبب أولا قبل توجيه اتهام العنصرية. وهذا لا ينفي أن هناك حالات لا يقدم فيها الجانب الغربي سبب الرفض ومبرراته، وربما هو الخوف من بقاء الشخص في البلد فيصبح ثقلا جدا. كما نعرف أنه، منذ 11 سبتمبر، وضعت طلبات سمات الدخول من دول عربية وإسلامية معينة، في قائمة التدقيق الشديد. أما مقارنة الدول الغربية بالدول العربية حين تمنح السمات بسرعة للغربي، فهي مقارنة غير واردة. فالغربي يذهب إما للاستثمار وبناء على عقد، أو للسياحة، وفي كل الحالات لا يكلف تلك الدولة العربية شيئا، في حين أن العربي القادم لدولة غربية قد يكلفها كثيرا من سكن ورعاية طبية ومرتب فيما لو كان غرضه الحقيقي هو البقاء، مع ملاحظة أعباء الأزمة المالية والاقتصادية في الغرب ومشاكل البطالة وأزمات السكن. ومن بين المهاجرين غير الشرعيين من قدموا بفيز مؤقتة ثم بقوا رغم انتهاء المدة.

11 ndash; إن عددا غير قليل من المهاجرين يضخمون إمكانياتهم الحقيقية، فإذا فاتتهم فرصة عمل هم غير أهل لها، انبروا لوصف تلك الدولة بالعنصرية. وإذا فشل أحدهم في الجامعة، كانت نفس التهمة جاهزة. والأمثلة كثيرة. كما أن كثيرين من المسلمين، من بين موجات الهجرة الثانية والثالثة، جاؤوا وقد غسلت أدمغتهم بكراهية الغرب كما بينا في مقال سابق. صحيح أن هناك فريقا من المثقفين الذين غيروا أفكارهم المسبقة، ولكن هؤلاء ليسوا أصحاب الصوت الأعلى أو الأكثرية. ولو تابعنا سلوك بعض الساسة العراقيين ممن كانوا مهاجرين في الغرب بعد عودتهم للعراق، لاستغربنا من مدى عدم استفادتهم من قيم الغرب وممارساته الديمقراطية، ومفاهيم التداول السلمي للسلطة وقيم حقوق الإنسان. ولو قرأنا في المواقع الألكترونية العربية كل ما تنشره من تعليقات على المقالات، وأيا كان الكاتب، لوجدنا مدى تخلف غير قليلين من المثقفين عن فهم معنى النقاش وتبادل الرأي واحترام الرأي الآخر، فإذا المناقشة تتحول من مناقشة فكرة بفكرة إلى تشهير بالكاتب وتلفيق وإلى مشاحنات بين أصحاب التعليقات نفسها. ومعظم أصحاب التعليقات يستعملون توقيعات مستعارة، وكأن واحدهم يخاف من أن يعرفه القارئ! بينما هو يعيش في دول ديمقراطية متقدمة ولا خوف من مطاردة!! وبالمناسبة، فإن نقد سياسات الحكومات الغربية في موضوع الهجرة أو غيرها حق مكفول للمهاجر والمقيم، ولكن المهم أن يكون نقدا في مكانه ومبررا وليس لمجرد اتهامات بالعنصرية وبالانكفاء داخل متاريس وقلاع لا تخترق.

12 ndash; الملاحظ أن المهاجرين من دول أخرى غير عربية ومسلمة، ممن جاؤوا للعمل، يتقبلون أي عمل متاح ولو كان دون ما يطمحون، وحتى لو كانوا من أصحاب شهادات عالية جاؤوا بها. كثيرون ممن راحوا في السبعينيات وقبلها، من الدول الشرقية وأميركا اللاتينية، إلى أميركا وكندا اشتغلوا في البداية أشغالا بسيطة، وبعضهم حتى كمنظفين، ولو كان لبعضهم شهادات من بلدانهم ولكنها شهادات لا تعادل في الغرب- فضلا عن مشاكل اللغة. واحدهم قبل العمل وهو يفكر في مستقبل أولاده. وكذلك المسيحي في أوربا الغربية هو أكثر استعدادا من المسلم لشغل أعمال بسيطة لو لم يستطع نيل عمل أهم، فالكبرياء العربية والإسلامية تطغي على شخصياتنا. ويحدثني أستاذ عربي في جامعة غربية أن بواب عمارتهم مسيحي من تركيا يحمل شهادة ليسانس. وقد أفلس مليونير ألماني، فاشتغل سائق شاحنة صغيرة، ولما سألته الصحافة لماذا، أجاب بأنه يشتغل quot;لكيلا يموتquot; لأن من لا يشتغل تضعف علاقاته الاجتماعية. ونعرف عن حالات كثيرة، سواء في فرنسا أو دول أوروبية أخرى، يكتفي فيها مهاجرون بقبض إعانة البطالة على القبول بعمل لا يعجبهم.ليس صحيحا أن أبناء الهجرة من ذوي الكفاءات الكبيرة في أوروبا الغربية مهمشون، فمنهم وزراء ووكلاء وزراء وبرلمانيون، ومن الجنسين، سواء في فرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا وغيرها. وفي حكومة سركوزي الأولى رأينا وزيرتين من أصل عربي وأخرى من أصل أفريقي. وهناك وكلاء وزراء في الولايات الألمانية، وفي مناصب هامة كوزارة العدل. والنظام الطبي البريطاني يعتمد كليا على الأطباء والممرضين من أصول مهاجرة، وفي بريطانيا يشكل الأطباء العرب أكثر من 40 بالمائة من مجموع الأطباء. ولاعب الكرة الجزائري الأصل زيدان كان محبوب الشعب الفرنسي، ولا يزال من بين الشخصيات الفرنسية الأكثر شعبية. والمعمارية النابغة زها محمد حديد لها شهرة دولية واسعة لأن فنها المعماري يناسب الغرب والشرق معا. ومصمم سيارات تركي في ألمانيا وصل لمركز كبير مصممي شركة فوكس واكن التي تنافس شركات السيارات اليابانية. وعن مسألة الفنون، فإنها ليست بهذه البساطة. فكثيرون من الفنانين التشكيليين الغربيين غير المعروفين هم شبه عاطلين، أي نادرا ما تباع أعمالهم، خصوصا في مدن صغيرة. وإذا كانت موسيقى الجاز والراب رائجة في الغرب، فالذوق الغربي قد لا يتذوق بعض الأغاني العربية الرتيبة، والبطيئة، ولو كانت بصوت فنانات وفنانين كبار، ولكنه يتقبل موسيقى أقرب لذوقه، كأغاني فيروز مثلا. هذه بعض النقاط قبل أن نستعرض التجارب المختلفة للهجرة في عدد من الدول الغربية، ونتناول بعض إجراءاتها الجديدة لمكافحة الهجرة غير الشرعية ولضبط الهجرة الرسمية، وهي هجرة تواصل هذه الدول الحاجة إليها كما سوف يرد...