في أواسط مارس 2009، نشرت مقالا بعنوان quot;ابتزاز الديمقراطيات الغربية واختراقهاquot;. وقبل حوالي الشهرين نشرت بالاتجاه نفسه مقالين عن التحديات والأخطار، الخارجية والداخلية، التي تواجه هذه الدول.

في بداية مقال العام المنصرم يرد التالي: quot; الديمقراطيات هي المنتصرة في آخر المطاف، ولكن بعد انتكاسات أو هزائم مرحلية أمام الأنظمة والتيارات والمنظمات الشمولية.. لقد صمدت الديمقراطيات الغربية ثم انتصرت في وجه الهتلرية والفاشية في إيطاليا واليابان، ولكن بعد سلسلة من المتاعب ومواقف التراجع، كاتفاقية ميونيخ. والمصير نفسه حدث للاتحاد السوفيتي وكتلته برغم التباين الجوهري بين النظامين السوفيتي والهتلري، وإن اتفقا في حمل إيديولوجيا مغلقة، توسعية، تكره الديمقراطية والتعددية. وربحت ألمانيا الشرقية معركة جدار برلين بتراجع الغرب والقبول بالامر الواقع مع أن بناء الجدار كان انتهاكا للاتفاقيات والمعاهدات المبرمة والقانون الدولي.quot;

لقد أشرت إلى أن التباين بين الديمقراطيات والأنظمة الشمولية ذات العنوان الماركسي، يجعل الديمقراطيات ، وبحكم حرياتها وديمقراطيتها، عرضة للانتهاك وسوء الاستغلال، داخليا وخارجيا. وقصدت وجود البرلمانات الحرة، حيث المعارضة التي تراقب الحكومات وتحاسبها، وتعدد الأحزاب ووجود قوى اليسار وحركات السلام وحرية الإعلام وثغرات القضاء والمنظمات الإنسانية- أي كما عبر كاتب عربي quot; الديمقراطية الغربية تضرب نفسها بحريتهاquot;، وحالة ويكي ليكس أمامنا. وطبعا إنه لولا هذه المؤسسات ، لما كانت هناك ديمقراطية، حتى وإن استغلها أعداؤها.وهذا الواقع هو ما استغلته الكتلة السوفيتية لتوجيه أصابع الاتهام كلها إلى الغرب، ونشر كراهيته،ولاسيما كراهية أميركا. فخلال الحرب الباردة، كانت حركات السلام التي يسيرها اليساريون والسوفيت، وحركات وسياسات quot; الحياد الإيجابيquot; تغض النظر عن انتهاكات الدول الاشتراكية لحقوق الإنسان والتمدد السوفيتي نحو أفريقيا فعدن وأميركا اللاتينية وعن التسلح النووي السوفيتي المتصاعد، بينما كانت حملات الاتهام توجه فقط للجانب الغربي وحده.

كان الكثيرون منا، من يساريين وقوميين، مصابين بتلك العقليات والمفاهيم والتحليلات، وجئنا بها للغرب. وفي القضية الفلسطينية، مثلا، حمّلنا أميركا والغرب كل مسئولية قيام إسرائيل مع أن تهليل الدول الشرقية والسوفيت كان الأكثر حماسا. ولما وقف أيزنهاور- ولأسباب من حسابات أميركا نفسها- ضد العدوان الثلاثي وأنذر دول العدوان بالانسحاب، لم يستثمر الراحل عبد الناصر الفرصة، بل واصل حربه الإعلامية ضد واشنطن وزاد من تحالفه مع الاتحاد السوفيتي. وحين تحدث ريغان عن التفوق النووي السوفيتي، هاجمه اليسار الأوروبي بعنف، متهمين تصريحه بتأجيج الحرب الباردة دون أي إعارة انتباه لواقع التفوق النووي السوفيتي، وهو ما اتضح عند التوقيع على اتفاقية سالت الأولى زمن غورباتشوف. والطريف [إن كان هذا طريفا!] أنه عندما سئل يساري فرنسي عما سيكون موقفه لو غزا السوفيت فرنسا، فقد أجاب أنه يفضل أن يكون جنديا في الجيش الأحمر على أن quot;يأكل الهمبرغر بجوار برادوايquot;!

الأخطار الخارجية لم تنته بل، وكما بينت، لا تزال قائمة وإن اختلف الأعداء والأشكال والميادين، لاسيما خطر القاعدة وحلفائها الذين يشنون حربا معلنة في الخفاء تشن بأكثر الأساليب وحشية، والتي تستهدف إلحاق أكبر عدد من الضحايا بين المدنيين لنشر الهلع والرعب. وهناك مخاطر الأنظمة غير المنضبطة كإيران وكوريا الشمالية، وخطر الانتشار النووي،- كما بينت أيضا.

وداخليا، وعدا الازمة المالية والاقتصادية والخلافات بين دول الغرب في قضايا هامة معينة، نرى التيارات الإسلامية وقوى التطرف بين مسلمي الغرب تستغل حريات الغرب لانتهاك قيمه ومبادئه، ولمحاولة فرض قيم أخرى تختلف كليا عن القيم الديمقراطية والعلمانية الغربية. وهم يستغلون ثغرات القضاء، كما بفعل لحد اليوم أبو حمزة المصري، ويستغلون تسامح ما يعرف بالمحكمة الأوروبية التي طلبت عدم تسليم هذا الفقيه المتطرف لبلده- الأردن. وتستغل فئات من المسلمين وأئمة الجوامع الحرية الدينية الواسعة في الغرب، من بناء آلاف المساجد وحرية ممارسة الشعائر، استغلالا هو أقرب للاستفزاز، كحالة صاحب مشروع مسجد نيويورك، وكالاحتجاجات الصاخبة على منع بعض دول الغرب للنقاب في المحلات العامة، ومن قبل، على تطبيق فرنسا لمنع حمل الشارات التي ترمز للأديان، ومنها الحجاب، في مدارس الدولة رغم أن شيخ الأزهر الراحل أعلن عن تفهمه للقرار الفرنسي، وكذلك إمام جامع باريس با بكر. ليس هذا وحسب مع الأسف؛ فقد تعددت حالات ما يسمى يقتل quot; الشرفquot; من السويد، فألمانيا وغيرها، وهو ما يرعب أهل البلدان الغربية ويصدمهم، حيث الحرية الجنسية من الحريات المعترف بها، وحيث للمرأة كرامتها واستقلالها. وقبل مدة، قام عربي بتهشيم رأس زوجته تهشيما بصخرة من صوان لمجرد شك في سلوكها. وهناك حالات تعدد الزوجات، وتزويج القاصرات، وهي مخالفة لقيم الغرب ولحقوق الإنسان. وأذكر بالمناسبة حالة امرأة سوداء لها ثلاث بنات في باريس، إحداهن تزوجت من باكستاني وحملت منه، ولما عرف أن الجنين بنت، اتصل بباكستان وعثر لها، أي للجنين، على خطيب!!! وهذه ليست حكاية على السماع من بعيد، بل سمعتها من أم الفتاة نفسها، وهي مستغربة وثائرة. فكيف إذن يكون رد فعل الفرنسيين لو اطلعوا على أمثال هذه الممارسات الوحشية؟؟!! وها هي أم باكستانية في بريطانيا تذبح طفلتها ذات الأربع سنوات وتقطعها إربا، إربا وهي تستمع للقرآن المذاع بصوت عال. كيف سيكون رد فعل البريطانيين تجاه هذا الطقس الجنوني؟! ومنذ أيام، أعيدت في فرنسا محاكمة عصابة quot;البرابرةquot; من مسلمين سود وعرب كانوا قد اختطفوا عام 2006 شابا يهوديا وحجزوه، وظلوا يعذبونه لمدة ثلاثة أسابيع، ثم ألقوا به وهو يحتضر في منطقة نائية وتركوه يموت- كل ذلك لأنه كان يهوديا. وسبق أن أوردت معلومات عما تتعرض لها مدرّسات يهوديات على أيدي طلبة مسلمين.

إذا أردت تعداد ما أعرف- عن قراءة أو بشهادات أصدقاء في عدة دول غربية ومنها ألمانيا- من حالات خروج أفراد وشرائح من مسلمي الغرب على قيم البلد الذي يقيمون فيه وعلى قوانينه، لملأت عدة دفاتر. وسبق لي أن نشرت منذ 2004، وبعده، سلسلة مقالات، تتضمن إحصاءات وأرقاما عن ممارسات أبناء الهجرة، في فرنسا وأوروبا ، وخصوصا من الأفارقة والمغاربيين. وقد اضطر لإيراد المزيد. وأذكّر بما ورد في مقالي المعنون quot; إشكالية الهجرةquot; عن تقرير فرنسي رسمي حول ممارسات طلاب من أبناء مهاجرين مسلمين وآبائهم: رفض تدريس مواد عن المحرقة النازية و عن الحروب الصليبية و نظرية النشوء والارتقاء، والمطالبة بتوفير quot;لحم حلالquot;. وهناك من يطلبون وقف الدرس بحجة أن وقت الصلاة قد حان؛ وحالات معاداة اليهود وترداد النكات عنهم؛ وطلب طالبات مسلمات إعفاءهن من المشاركة في درس الرياضة البدنية. أما الطالبات المسلمات اللواتي يبلين بلاء حسنا في الدروس، فيوصفن بأنهن quot; متواطئات مع الفرنسيين القذرينquot;.

هؤلاء قد منحوا فرص التعلم، وتمنح لعائلاتهم كل المساعدات الاجتماعية من نقدية وصحية وسكن، ولكنهم لا يبذلون أي مسعى جدي للاندماج الثقافي والاجتماعي في المجتمع رغم أنهم حاملو جنسية البلد. وانظروا لحالة امرأة محترمة من أصل جزائري وصلت لعضوية مجلس الشيوخ حين قادت مجموعة من الشبان الهائجين واقتحموا مخازن كبرى بشعارات quot; قاطعوا السلع الإسرائيليةquot;، وكأنهم ليسوا في فرنسا بل في غزة! وهو ما دفع القضاء لمحاسبة هذه السيدة عضوة مجلس الشيوخ.

لقد فشل اليسار الفرنسي في أخذ السلطة عام 2002 لأنه تجاهل معالجة مشكلة العنف الذي كان يمارسه أبناء الضواحي من السود والمغاربة، وكانت مشاعر الخوف طاغية عند ملايين من الفرنسيين مما استغله حزب لوبين اليميني المتطرف بحيث صعد للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية وبنسبة أكثر من20 بالمائة. والغريب هنا، وعلى عهدة صحيفة الأهرام في حينه، أن نسبة كبيرة [ قالت هي ثلثان] ممن لهم حق التصويت من العرب الفرنسيين، قد صوتوا عام 2002 للوبين، إما نكاية بالأحزاب الأخرى أو لأسباب يعرفونها هم وحدهم!!! وكثيرون منهم ألقوا بأوراق فارغة، والبعض كتبوا quot; فلسطين.quot; فمن المذنب لعدم الاندماج؟؟! وها هي ابنة لوبين وخليفته تستغل بعض الممارسات للنفخ في بوق النفور والخوف؛ فقد اعتبرت قيام مجموعات من المسلمين بالصلاة في الشوارع بمثابة احتلال كالاحتلال النازي لفرنسا! وقد ووجهت بحملة نقد من جميع الأحزاب الأخرى، ومنها لحزب الحاكم. ولكن من الذي أعطاها حجة تتعكز عليها؟؟ المساجد في فرنسا كثيرة فلماذا الشارع؟ والصلاة يمكن القيام بها في البيت أو الدكان. ولكنها روح التحدي والاستفزاز والإثارة. فهل من عجب أن تنشط في أجواء كهذه التيارات الشعبوية، التي تجعل من موضوع الهجرة، والمهاجرين المسلمين خاصة، محورا للتخويف وكسب الأنصار من بين عامة الناس؟؟

ومعلوم أن أكثر ما صار يثير القلق والخوف بين سكان الدول الغربية هو الإرهاب quot;الجهاديquot; وممارسات التطرف الديني. فالفرنسيون لا ينسون عمليات تفجير القطار الأرضي في باريس لعام 1995، وتحول نسبة من المساجد لدور تنشر التطرف وتجنيد إرهابيين ذهب منهم من ذهبوا للعراق وأفغانستان والشيشان. وقد سبق أن تحدثنا عن خطر الإرهاب الجهادي في فرنسا وأوروبا في مقالات كثيرة نشرت في إيلاف وغيرها. أما ألمانيا، فمنها انطلق إرهابيو 11 سبتمبر لاقتراف جرائمهم النكراء في نيويورك وواشنطن، ومن الحدود الألمانية تسللت مجموعة من الإرهابيين المسلمين عام 2000 لنسف كاتدرائية تسرسبورغ وتفجير مئات المحتفلين بأعياد الميلاد، ولكن خطتهم فشلت. وماذا بعد؟ هل نتحدث عن أخطار الإرهاب اليوم التي تخيم على عموم دول الغرب؟ وعن تهديدات بن لادن كل يوم؟ وعن احتفاله كل سنة بquot;غزوة نيويوركquot; التي كان مسلمون أيضا بين ضحاياها؟؟ ومحاولات التفجير المتكررة في الولايات المتحدة على أيدي مسلمين؟ والأطباء الباكستانيين في بريطانيا، المتهمين بالتخطيط للإرهاب؟ هل كانوا مهمشين في المجتمع البريطاني، أم ما يحملون من إيديولوجيا الكراهية والعنف والتطرف؟؟ وهذا الشاب الذي قضى صباه في السويد وتخرج من لندن فتحول لإرهابي لينتقم من السويد الذي احتضنته؟ وكانت بعض دول الغرب، وخصوصا بريطانيان تتساهل مع دعاة الكراهية وفقهاء التطرف ولما وقعت تفجيرات لندن، كتب الأستاذ عبد الرحمن الراشدquot; قلنا لكم امنعوهم، ونقول اليوم اطردوهم.quot;

ترى كيف لا تنتشر بعد هذا، وأكثر منه، مشاعر القلق، بل والخوف وحتى النفور،لدى شرائح متزايدة من المواطنين الغربيين من أبناء الهجرة، ومن المسلمين منهم بالذات؟ وهل كل مواطن غربي قادر على التمييز بين الإسلامي والمسلم ما دامت الجاليات المسلمة، وحتى المثقفون، لا يقومون بتحركات بارزة لتمييز أنفسهم عن الأقلية الضالة المخطئة؟ في السويد وحدها جرت منذ أيام مظاهرة الجالية العراقية تنديدا بجريمة العبدلي، وهذه بشارة خير. ولكن، وعلى حد علمنا، لم يسبق قيام مظاهرات مماثلة في الولايات المتحدة وإسبانيا وبريطانيا، بل سمعنا عن مظاهرة باكستانيين شتموا جنودا بريطانيين عائدين من العراق! ويصف لنا الأستاذ عادل درويش في الشرق الأوسط حالة غيتويات مسلمي بريطانيا، فيقول:

quot; مناطق أصبح مسلموها موضع اشتباه من الجيران والبوليس وأجهزة الأمن والصحافة إلى أن يثبت العكس [ بتكرار أعمال عنف أو مظاهرات استفزازية يقودها الجهاديون]quot;.

إن المؤتمر الإسلامي العتيد يريد من الأمم المتحدة اتخاذ قرارا بإدانة quot;الإساءة للأديانquot;؛ والقصد منع هذا الكتاب أو ذاك مما يعتبر أنه يمس بسوء الإسلام، أو معاقبة رسام، أو منع برنامج، ألخ. ولكن، قبل أن ينظر المؤتمر العتيد للغرب، وكما كررت مرارا، فإن عليه أن ينظر لواقع الدول الإسلامية نفسها: هل حقا إن الحرية الدينية في جميعها مضمونة؟ وماذا عن فتاوى التكفير واعتبار اليهود أحفاد الخنازير والقردة؟ وماذا عن اضطهاد الأقباط ومسيحيي العراق؟ وماذا عن منع بناء الكنائس في دول خليجية؟ وماذا عن الحكم بالردة على مسلم يغير دينه؟ ألخ. وألخ، من أسئلة مماثلة. والسيد الفاضل إحسان أوغلي، أمين المؤتمر الإسلامي، الذي راح يحرض ضد حكومة الدانيمارك لأنها لم تمنع كتابا، هو نفسه الذي لم يفتح فمه بحرف واحد في إدانة اضطهاد المسيحيين العراقيين وأقباط مصر. وإذا كانت النغمة الصاعدة عندنا اليوم هي عما نعتبرها ظاهرة quot;إسلاموفوبياquot; في الغرب، فالأصح أن عندنا نحن وباء quot;غربوفوبياquot;، وأعني كراهية قيم الغرب ومجتمعاته. والمشكلة ليست مشكلة quot;جيناتquot;كما يتصور زاراتسين -[ كتبت أنني لم أقرأ كتابه]- بل مشكلة قيم وثقافة وتربية عائلية، زائدا الجهل والأمية في أحيان كثيرة برغم أن الحالة تنطبق على كثيرين من المثقفين أيضا ممن لم يتعلموا من الحضارة الغربية ما يقوّم مفاهيمهم وسلوكهم ويغير الثوابت التي عاشوا عليها قبل المجئ للغرب. وانظروا لفريق من ساسة العراق ممن كانوا في بريطانيا ودول غربية أخرى، كيف لم يتعلموا الحوار الديمقراطي والعمل بالتعددية وسلمية انتقال السلطة حين عادوا للوطن.

إن حالات العناصر والفئات العربية المسيئة، الموجودة في الغرب، تشوه وتسود سمعة الجميع، وتغطي على وجود لاجيئن كثيرين قد اندمجوا حقا، وأسهموا، ويسهمون، في مجالات عديدة بنجاح، وهم موضع تقدير المجتمعات التي يعيشون فيها اليوم، وبينهم عمال ممتازون وأطباء وأساتذة وفنانون وأدباء وشعراء وإعلاميون وغيرهم- أي إن الحالات المشعة والأمثلة الطيبة تحترق بفعل المسيئين [ الأخضر يروح بسعر اليابس!]

نعم هناك تيارات عنصرية في الغرب ولكن العنصرية المكشوفة محرمة قانونا. وإذا كانت التيارات الشعبوية ذات الاتجاه اليميني في نشاط منذ 11 سبتمبر، وخصوصا في هولندا والدانيمارك والسويد والنمسا، فإنها إنما تعتاش على ممارسات الفئات المسلمة الضالة في الغرب، والتي تصر على عدم الاندماج، أي احترام قيم البلد وقوانينه ومعرفة لغته، وعدم الانعزال في quot; غيتواتquot;.

إذا أردنا حقا ضمان احترام سمعة المسلمين في الغرب، فإن علينا، قبل أي شيء آخر، عدم التغطية على، أو تبرير، خطايا وإساءات وجرائم الأقلية بين المسلمين، ويجب فضحهم وإعلان التبرؤ الصريح من أفعالهم. وهذا أيضا هو سبيل قطع الطريق على دعايات الجماعات والأحزاب الشعبوية الغربية، التي تستغل ورقة الهجرة، والهجرة المسلمة خصوصا. أما التبرير والتغطية على أفعال هذا البعض، أو الصمت عنها، فإن ذلك هو الذي يشجع ويغذي التيارات الشعبوية اليمينية الصاعدة، والعناصر العنصرية. وإذا كنا حقا نرى الغرب قد تحول عنصريا، فلماذا إذن نبقى هنا؟! ولماذا تتواصل موجات الهجرة وحتى بمجازفات خطيرة؟ وأقول لمن ينصح العربي بعدم معاشرة الألماني، ولو كان جارا له، :إذن يا سيدي فلترجع لبلدك المفرط جدا في ديمقراطيته؟!

لقد قيل قديماquot; من أراد تعليم غيره فليبدأ بتعليم نفسهquot;. وأقول إن العنصرية منتشرة بيننا نحن،سواء من هم في الغرب أو في بلدان الأصل. وعندما يصفر شبان جزائريون فرنسيون للنشيد الوطني الفرنسي، فهذه عنصرية. وعندما يُشتم اليهودي ويحتقر، فهذه عنصرية. وعندما نبالغ فيما نعتبره quot; الخصوصية الإسلاميةquot;، ونقول أن لا دين غير الإسلام ونحن أفضل الامم، فتلك هي العنصرية بامتياز.

إيلاف في 20 ديسمبر 2010