ماصرح به الزعيم الكردي ورئيس إقليم كردستان السيد مسعود البارزاني قبل أيام قليلة من تصريحات إنتقادية ساخنة ضد حكومة حزب الدعوة و شركاه برئاسة نوري المالكي ليس سوى وجه للحقيقة العارية التي يعيشها العراق وهو يتنقل بين مراحل الفشل السلطوي و الضياع الحضاري و الإنهيار المؤسساتي، فقد وصف الرئيس الكردي الحكومة العراقية بكونها فاشلة وهو وصف صريح ودقيق و معبر أصدق تعبير عن واقع الحال..! وبصرف النظر عن الدوافع الحقيقية التي دفعت السيد البارزاني للتعريض برفاقه وشركائه في السلطة العراقية، فإن مصداقية ماقاله عالية للغاية و معبرة أصدق تعبير عن المستقبل الغامض و المفجع الذي ينتظر العراق وشعبه تحت ظل فشل هذه الحكومة المعيب و المخجل وهو فشل تجلى أخيرا في حملة التفجيرات الكبرى التي هزت العاصمة بغداد وعدد من المدن العراقية الأخرى يوم العشرين من مارس، وهي تفجيرات تضرب في الأساس كل ترتيبات الحكومة الأمنية و الهادفة لتأمين عقد القمة العربية في بغداد بسلاسة ودون إزعاج، فقد تجسدت تحذيرات الرئيس الكردي و أنتصبت كشاهد ميداني على مقدار الضعف البنيوي لحكومة المالكي التي تتخبط في الغوص في العديد من الملفات الوطنية و الإقليمية و التي هي بمثابة كائن غير مكتمل النمو، ورغم إنتشار عشرات الآلاف من قوات الجيش و الشرطة و الأمن و الميليشيات الطائفية إلا أن الفشل الإستخباري واضح للغاية، فلاتوجد أية آليات إستخبارية لمنع الإرهابيين من تنفيذ مخططاتهم في الساعة و المكان الذي يرغبون ؟ ولا توجد أبدا عمليات إنذار مبكر عن مكامن الخلل أو إحتمالات الفعل الإرهابي و بما يحقن دماء الأبرياء من الناس الذين يذهبون ضحية تلك الأفعال الإرهابية الخسيسة المرفوضة و المستهجنة، الحشد العسكري و الأمني العراقي مجرد تظاهرات تعبوية بائسة و متخلفة تفتقر للأسلوب اللوجستي الحديث و العصري في منع الإرهاب، فنشر آلاف الجنود إستعراضيا لايوفر أمنا بل يخلق توترا، وتسلل الجماعات الإرهابية من بين صفوف تلك الأعداد الهائلة من القوات أمر وارد للغاية ! فالعبرة و النتيجة ليست في كثرة الأعداد المحتشدة بل في نوعية إنتشارها و خلفيتها الإستخبارية و قدرتها على تحديد الأماكن الرخوة أو التي يمكن إختراقها ! وهي مسألة غير متوفرة في الحشود العسكرية العراقية لحكومة القائد العام الجنرال نوري المالكي العديم الخبرة في تلك الأمور، و الذي يجمع من حوله ثلة من المستشارين العسكريين و الأمنيين و الإعلاميين و السياسيين الفاشلين ! فمن كان ميكانيكيا أو حلاقا أو بائعا للبنزين في محطات الوقود أو مهربا على الخط العسكري اللبناني أيام الإحتلال السوري ليسوا هم من يمكنهم قيادة الدولة نحو بر الأمان و حماية المجتمع ؟ و الساكنين في الحجيرة الدمشقية أو مدينة قم الإيرانية ليسوا هم الذين تسند لهم أخطر المناصب الأمنية و العسكرية و التي يستعملوها للبهرجة و التفاخر و النفخ في الذات المريضة، فحكومة المالكي التي فشلت في عملية بناء العراق، وأرتكبت كوارث سياسية في إدارة العلاقات الإقليمية و الدولية و المتورطة حتى النخاع في دعم شبيحة الشام و نظام الإرهاب و الإجرام القائم هناك لايمكنها أبدا إدارة العمل القومي العربي و لا توفير الحماية الحقيقية لوفود الزعماء العرب الذين سيحضرون قمة بغداد إن عقدت أصلا.

الفاشلون في بغداد وفقا لرؤية وتقويم الرئيس مسعود بارزاني ليسوا أبدا في وارد تحقيق أي إنفراج أمني حقيقي او توفير خدمات حقيقية للمواطن العراقي الذي بات مستهدفا في رزقه و حياته و مستقبل أطفاله مع إستنساخ الفشل و إستمراره بطريقة كارثية، فإضافة إلى فشل حكومة المالكي في الإيفاء بوعودها و تعهداتها و إلتزاماتها في مؤتمر أربيل السابق للمصالحة الوطنية، فإنها تفشل أيضا في تنفيذ الوعد المقدم للجامعة العربية بتوفي أقصى درجات الأمن للقادة العرب، و تظاهرة القمة العربية لاتتشابه أبدا مع تنظيم تظاهرات اللطم و العزاء ووفود المشاة الشعبية في المواسم الدينية!! و إغلاق بغداد أمام المارة و السكان ليس مجرد حالة تأمينية بل أنه أشبه بإنقلاب عسكري أو حالة طواريء!! رغم أن صواريخ الإرهابيين الموجهة و البعيدة المدى لا يمكن أبدا لقوات المالكي منعها من ضرب أهدافها، للفشل و حكومة المالكي موعد وعناق تاريخي خالد، و الحكومة التي لايستطيع رئيسها تعيين وزير للداخلية غير الوكيل الأقدم أو وزير للدفاع غير وزير الثقافة سعدون الدليمي هي حكومة تعتبر زائدة عن الحاجة و الضرورة، وهي مجرد هيكل فارغ، فلا ماء نظيف و لا كهرباء دائمة و لاخدمات إنسانية ولا شوارع نظيفة ولاحياة آمنة و مطمئنة، ثم يتحدثون بعد ذلك عن التقدم و التطور و إرساء الأمن!

إنها حكومة الفشل في الوقت العراقي الضائع.. ولاحول ولاقوة إلا بالله.. أما الإرهابيون في بغداد فهم في نعيم بفضل بركات وإنجازات حكومة المالكي الرشيدة..دام ظلها..؟

[email protected]