درجت العادة ان تعقد الجامعة العربية اجتماعها الدوري في الربيع quot;اذارquot;من كل عام، عندما تودع الارض زمهرير الشتاء وتنعكس اشعة الشمس الذهبية على الجبال والسهول المعشوشبة وتتهيأ الزهور لاستقبال الفراشات الجميلة بالوانها الزاهية، وتبدأ الناس بالخروج الى الطبيعة الساحرة للترفيه عن انفسهم والتخفيف من اعباء الحياة المعقدة، في هذه الفترةquot;المفترجةquot;يخرج الرؤساء والملوك من قلاعهم المحصنة في كل سنة للتباحث عن احوال الامة في ظل سياساتهم الحكيمة، ولم يأت هذا التوقيت اعتباطا، بل جاء عبر دراسة معمقة و تمحيص دقيق، روعيت فيه الحالة النفسية لهؤلاء القادة، فالجو في الربيع يكون مناسبا لاصدار قرارات مصيرية..

وبما ان الدور لهذا العام وقع على العراق ليهيء لاصحاب السمو والجلالة المكان اللائق لقمتهمquot;الربيعيةquot; فانه بدأ بالتحضير لها بشكل عال يفوق المستوى المطلوب بكثير، فهو على الرغم من مشاكله السياسية الداخليةquot;المتلتلةquot;وانتشارالبطالة والفساد والارهاب بصورة رهيبة، فانه صرف اموالا طائلةquot;مليار دولارquot; ورصد 100 طائرة مع 100 الف جندي لحماية امن الزعماء، وصرف quot;مليون دولارquot; على الزهور !، وياريت هذا البذخ الخرافي و الحفاوة البالغة لزعماءورؤساء وملوك اغلبهم لم يحضروا القمة بل للسفراء والوزراء ونواب الوزراء من الدرجة الثالثة او الرابعة في السلمquot;الدبلوماسيquot;، يعني ان العراق تكبد كل هذه الخسائر وظل يحلم بهذا اليوم ويهيأله منذ 2003 لموظفين لايملكون اصدار القرارات، بهذه المفاجئة يكون العراق قد اخذquot;زمبةquot;كبيرة من الامة العربية!

وعلى الرغم من معرفة بغداد بالمستوى التمثيلي المنخفض للوفود المشاركة فقد ظلت تعقد آمالا كبيرة على هذه القمة وقراراتها لوضع حد للنزاعات العربية ومعالجة المشاكل العميقة التي تعاني منها المجتمعات العربية، وهذا عين الخطأ الذي وقع فيه الكثيرون من العرب حكاما وشعوبا، فالجامعة منذ تأسيسها عام 1945 لم تقم باي عمل جاد لمعالجة القضايا العربية المصيرية ودائما وقفت موقف المتفرج امام الحروب والخلافات التي نشبت بين العرب انفسهم او بين العرب واسرائيل وعجزت عن التصدي لها، بدءا من حرب اليمن وغزو مصر له عام1962 ومرورا بحرب الجزائرمع المغرب 1963واحتلال شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان من قبل اسرائيل وانتهاء بغزو العراق للكويت 1990، واحداث دامية اخرى في لبنان والصومال وغيرها..وقد اثبتت القمة عبر مسيرتها الطويلة انها مجرد منتدى سياسي يجتمع فيه العرب سنويا للتعارف فيما بينهم مثله مثل سوق عكاظ القديمة، لاتحل ولاتربط.. وكان رئيس الوزراء العراقي quot;نوري المالكيquot;قد وعد العالم العربي بطرح مبادرة سلام quot;قيمةquot;في القمة لانهاء الصراع السياسي في سوريا مكونة من اربع نقاط، يعني ان سيادته قد انتهى من ارساء دعائم السلام والمحبة في العراق واصلح بين الفرقاء السياسيين وقضى على النزاعات العرقية والطائفية بين مكوناته، حتى يلتفت الى سوريا لينعم عليها ببركاته ويسترشدها بحكمته.. عجبي !.. وعلى الرغم عن كل ما قاله المسؤولين وعلى رأسهم مام جلال والمالكي عن نجاح القمة على الصعيدين العراقي والعربي، فان نتائجها كانت عادية جدا تشبهquot;اللي قبلها واللي قبل قبلهاquot;على حد قول المرحومquot;نجيب الريحانيquot; في فلم quot;غزل البناتquot;ولم تخرج عن بعض التوصيات والارشادات العامة مع بيان ختامي يدين ويشجب ويرحب ويناشد ثم يحدد المكان الذي تعقد فيه القمة القادمة ودمتم..