لازالت تداعيات عملية محمد مراح الفرنسي من أصول جزائرية والذي فشلت المخابرات الفرنسية في القبض عليه حتى بعد أن ساورها القلق من تحركاته ومن سجله الحافل بالسرقات.. تقلق الشارع الفرنسي والمرشحين الرئاسيين على حد سواء.. ومن المؤكد أن يستخدمها هؤلاء المرشحون في سباقهم لكرسي الرئاسة بينما سيربطها الناخب الفرنسي دافع الضرائب عاجلا أو آجلا بأثرها على وضعه الإقتصادي. كون العديد من المهاجرين يعيشون على بطاقات الإعانات الإجتماعية والتعليمية والصحية..وفي هذه الحالة وبالتاكيد الحتمي سيخسر أي مرشّح لا يأخذ هذا العامل في الحسبان.. خاصة وفي ظل الظروف الإقتصادية الخانقة التي تمر بها فرنسا وأوروبا..

عملية محمد مراح تعيد إلى فرنسا وإلى أوروبا عامة.. قائمة الأولويات القصوى ومنها كيفية الحد من إنتشار الإسلام الأصولي، ومن هو المغذي الرئيسي لهذا التطرف.. هل هو الخطاب الإسلامي الأصولي المتشدد.. أم هو فشل الحكومات الأوروبية في تامين حياة كريمة لمثل هؤلاء المواطنين من أصول غير فرنسية أو أوروبية.. أم هو إستغلال هذا الخطاب لمثل هذه الشريحة لشحنهم بالعداء تمهيدا لغزو أوروبا كما صرح العديد من شيوخهم علنا ومن على منابر الجوامع في الشرق والغرب؟ أم يستند إلى تفسيرات فقهية إنغرست في النفسية الإسلامية بحيث ألغت من ضميرها فكرة الولاء أو الإمتنان لهذه الدول الأوروبية بعد شحنها بفقه الولاء والبراء؟

ثم وفي الوقت الحالي وبعد أن إزدادت أعدادهم كثيرا كيف من الممكن تحجيم تطرفهم وإعادة تأهليهم للإندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها بينما لا زال الخطاب الإسلامي حائر ومتخبط في علاقته بمواطنه في الداخل وفي علاقته بالعالم من حوله.. مما يؤدي إلى تخبط في عقول هؤلاء الوافدين سواء في دولهم الأم أم في الدول التي يحملون بطاقتها ويتمتعون فيها بكافة حقوق المواطنة.

قليلون هم الكتاب الذين أدانوا العملية بجهارة وبدون خوف ولا تذبذب.. ولكن إنبرت أقلام عدة أيضا تحاول الدفاع عن حقوق الأقلية المسلمة في فرنسا وفي اوروبا متغاضية تماما عن أن الإجراءات التي تود الحكومات القيام بها موجهة لفئة قليلة تضر بالمجتمع وتضر بالمسلمين أولا خاصة وأن الحكومات الأوروبية كلها بما فيها الفرنسية تضمن حرية العبادة وحرية العقيدة.. تساؤلي هو وإذا إعترفنا بضرر هذه الفئة

لماذا ؟؟ نلوم الحكومة الفرنسية على الإجراءات التي تتخذها في محاولة لتحجيم إستغلال اليمين المتطرف للحادثة في الإنتخابات المقبلة.. والتي كان من ضمنها إعتقال نحو 20 شخصا في مداهمات مستهدفة الأوساط الإسلامية بالتحديد..تبعتها بطرد ثلاثة أئمة متشددين وناشطين إسلاميين من أراضيها..

أليس من حق الحكومة الفرنسية والحكومات الأوروبية تشديد فرص الحصول على جنسيتها والتي لا تحترم من قبل مثل هؤلاء المهاجرين بينما يستغلوها في الحصول على بطاقات الإعانات فقط.. ويعترف 14 % منهم بجنسيتهم الفرنسية اولا..

أليس طلب ساركوزي بإتخاذ إجراءات لمعاقبة الأشخاص الذين يطلعون على المواقع المتطرفة يضمن حق إبني وإبنك في عدم إستغلاله من مثل هذه المواقع الألكترونية التي تبث الحقد والتطرف..

ألا تتوافق مطالبته بتوقيف الأشخاص الذين يتوجهون لدول الملاذات الامنة لهؤلاء المتطرفين من أفغانستان وباكستان أيضا تمثل حماية لأبناؤنا من تطرفهم أو من محاولة تقليدهم ؟؟ ألا تفضل أي أم سجن ولدها سنوات بدل من قتله تحت مسمى الإستشهاد لقضايا لا تخدم المسلمين..
أليس من حقنا على هذه الحكومات التي نحمل جنسياتها الوقوف دعما لمطالبها في الولاء الأول لها.. وعدم تعريض أمنها والذي هو أمن أبناؤنا أيضا للخطر !!
أليس من حقنا أيضا الطلب منها حرمان الجنسية ممن لا يقتنع بحقوق المرأة في المساواة والعدل.. وممن يستغل الدين لتفريغ طاقاته الجنسية في تعدد لا معنى له ويتنافى مع العدالة وحقوق المرأة.

ثم ولماذا يتحمل دافع الضرائب عبء نفقات مثل هذا الزواج والذي يكلف المواطن أضعاف الأضعاف.. نظرا لتعدد الزوجات وتعدد الأبناء..
لماذا نلوم الحكومات الأوروبية بحرمان أصحاب السوابق الإجرامية من الحصول على جنسيتها ؟؟؟
نعم أنا واحدة ممن يلتزم بالإجراءات الأمنية القصوى في المطارات ولا ألعن الحكومات الأوروبية في تشديدها الأمني ولكني ألعن الفكر الإسلامي المتطرف الآف المرات في كل سفرة.
.
أما بالنسبة لمنع فرنسا لأربعة أئمة من المشاركة في مؤتمر إتحاد الجمعيات الإسلامية.. فهو قرار سيادي لدولة تريد حماية مواطنيها من تناقض تصريحات البعض منهم مع القيم الفرنسية.. إضافة إلى أن تصريحاتهم المتناقضة وفتاويهم لا تتماشى مع قيم الحرية والمساواة في المجتمعات الأوروبية وفرنسا أيضا.. فلا أحد يستطيع إنكار ان فتاوي القرضاوي والذي يعتبر مرجعا للإستفتاء بالنسبة للجاليات العربية في أوروبا خلقت أفكارا متذبذبه في العديد من المواضيع خاصة تلك التي تتعلق بالمرأة.. ففي خلال زيارته لهولندا وضع شروطا لضرب المرأة بما يبرر هذا الضرب.. والذي كرره إمام آخر مؤخرا في إحدى الدول الأوروبية..ثم ضرب القرضاوي المثل بالقدوة السيئة للغاية.. حين برر التعدد.. ثم لم يفي بإلتزاماته تجاه هذا التعدد بما يرضى الله مع المرأة الثانية!

إضافة إلى تصريحاته المبطنة والتي تبشر بعودة الإسلام إلى القارة عن طريق نشر الدعوة والفكر. وبالتكاثر العددي للجاليات المسلمة فيها.. لماذا لم يدين القرضاوي وبقية العلماء حمل المسلمين للافتات تحمل كل الشعارات الإستفزازية في أوروربا لإدانة أعمال لأشخاص أفراد أيضا لا تمثل المجتمعات الأوروبية كلها.. من أمثال جيرت فيلدنغ الذي أخرج فيلم فتنه.. والرسام الدانماركي..

لماذا لم ينبس أحدهم ببنت شفة.. حينما قتل أحد المتطرفين المخرج الهولندي لفيلم إيان هيرسي علي quot; إستسلام quot;.

ثم ولماذا فشل كل هؤلاء في تقديم تشريعات موحّدة وتفسيرات فقهية تتماشى مع روح العصر في بلدانهم الأصلية وتتماشى مع القيم الأوروبية لضمان عدم ضياع المهاجرون في التفسيرات الفقهية.. فيما يتعلق بمواضيع المساواة بين الرجل والمرأة،، وقتل الشرف وعجزوا عن إيجاد تفسير للديمقراطية الدينية التي يدّعونها ويعودا ليؤكدوا في تصريحاتهم المزدوجة على المساواةوالديمقراطية.. بينما تتناقض أقوالهم مع افعالهم في كل هذه التبريرات والتفسيرات!

هناك مثل يقول بينما انت في روما فإفعل مثل أهلها أي إحترم عاداتهم وتقاليدهم.. فكيف بنا إذا كنا مقيمين في روما.. وحاصلين على جنسيتها.. ونأكل من خبزها.. أليس من حقها علينا إحترام قيمها ومحاولة الإندماج الطوعي وتبني بعض هذه القيم والمبادىء التي نستظل بها هربا من شمس الحرية الحارقة في اوطاننا الأم.

ولكن النظرة الأحادية المستعلية لأغلبية المسلمين في أوروبا هي أن عليهم إحترام ديننا وعاداتنا لأنهم يطبقون الوثائق العالمية لحقوق الإنسان.. وليس لهم علينا أية حقوق للإندماج لأن الإعتراف بمثل هذه الحقوق يتعارض مع فقه الولاء والبراء!

باحثة وناشطة في حقوق الإنسان