لاشك أن وحدة المعارضة السورية، أمر مطلوب أقله سياسيا، لكن من الواضح جيدا أن هذا الطلب من دول العالم لا يأتي بناء على سياق واقعي وداعم للثورة السورية، بل يأتي كمشجب لتعليق هذا الموقف الدولي المشين من جرائم العصابة الحاكمة في سورية، لكن هل هذا المطلب من الغرب وتركيا ونبيل العربي ممثلا لأكثرية الجامعة العربية يأتي فقط كمشجب أم أن الأمر له تبعات أخرى؟ منذ انطلاق الثورة السورية من حوران قبل عام من الآن، كان واضحا اتجاه المجتمع الدولي والقوى الفاعلة فيه؟ لماذا مطلب وحدة المعارضة ليس مطلبا روسيا أو صينيا أو إيرانيا؟ تبعا لموقف هذه الاطراف من الثورة وقواها تتحدد مطالبها، وهي آخر همها وحدة المعارضة، لأنها لاتريد معارضة أصلا فهي تريد استمرار هذه العصابة وهذه اولويتها وفق شروطها التي تريد المقايضة بها!! لو كانت هذه الاطراف تؤمن بضرورة وجود معارضة لكانت على الأقل قد عبرت عن هذا الموقف قبل الثورة مثلا، فكانت كل دول العالم تقريبا تدين ممارسات العصابة واعتقالها للناشطين واصحاب الرأي، إلا هذه الاطراف، لاتنبس ببنت شفة عن هذا الموضوع. هذا يعني أن مطلب وحدة المعارضة هو يأتي من الدول التي تقول باعلامها وتصريحات مسؤوليها انها تدعم الثورة السورية السلمية ومطالبها في الحرية والديمقراطية، ودون أن تمتلك أية استراتيجية واضحة من أجل وقف حمام الدم بحق شعبنا.
قبل أن يتم المطالبة بوحدة المعارضة، نسأل هل هذه الدول متفقة على انجاح الثورة عبر دعمها؟ هل هنالك استراتيجية واحدة تجمع هذه الدول في هذا السياق؟ هنالك فقط نقطة واحدة تجمع هذه الدول والتي انخرطت تحت مسمى مجموعة اصدقاء سورية، حيث عقدت مؤتمرها الأول في تونس وكان الفضل للأشقاء التوانسة في انتاج خطاب ختامي هزيل..الآن هذه الدول ذاتها تريد الاجتماع في تركيا، ولاتزال النقطة الوحيدة المتفق عليها، هي البحث عما يعفي هذه الدول من مسؤولية التدخل العسكري لوقف آلة القتل هذه، هذه النقطة الوحيدة المتفق عليها بين هذه الدول بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، وفقا لمتطلبات الرؤية الإسرائيلية. الرؤية الاسرائيلية التي تتمحور حول خيارين: إما استمرار الازمة والقتل، او بقاء آل الأسد في حكم البلد. طبعا ليست كل الدول متفقة إسرائيليا ولكن الشرط الاسرائيلي افعلوا ما تشاؤون إلا التدخل العسكري! لأنها تعرف طبيعة سورية وتعرف طبيعة هذه العصابة الحاكمة وجيشها. لهذا هي تعتقد أنه بدون تدخل عسكري لن يسقط آل الأسد حتى لو تحولت سورية إلى كانتونات، القتل فيها على الهوية، كما يريد آل الأسد في النهاية إذا تأكدوا انهم سيخسرون السلطة، وهم محميين بأكثر من مئتي وخمسين ألف عسكري وشبيح منضبطين مصلحيا وطائفيا ومزودين بأحدث الأسلحة الروسية والإيرانية، ويقتلون فرحين بهذا القتل. من هذه الرؤية للواقع يصبح مطلب وحدة المعارضة مشجبا، لتغطية هذا العار وهذا التواطؤ. ووفقا لهذا المعطى أيضا تحاول بعض الدول مساعدة الثورة وتحقيق مطلب اسقاط النظام وفقا لطريقة خذ وطالب، لأن هذه الدول عاجزة عن تغيير موقف بقية الدول من أجل تدخلا عسكريا واضحا. عملية خذ وطالب تقتضي فيما تقتضيه حقيقة بالنسبة لهم الوصول إلى نقطة مفصلية وهي معارضة موحدة تجلس مع العصابة الحاكمة من أجل تحقيق ما يمكن تحقيقه وفقا لهذه الاستراتيجية، لهذا مطلب وحدة المعارضة يغدو مطلبا مهما بالنسبة لها. من جهة أخرى تعتقد ان معارضة موحدة قادرة على فرض شروط أفضل في تلك اللحظة التي يحملها كوفي عنان في نقاطه الست، لهذا تم استبعاد أي حديث عن الجيش الحر والمقاومة المسلحة أو التلويح بتدخل عسكري، وبذلك على المعارضة أن تكون موحدة و جاهزة عندما نصل إلى تلك اللحظة. كما حدث باليمن مع الفارق بين النظام السياسي هناك وبين العصابة الحاكمة عندنا، لسنا بصدد الحديث عنه هنا. إن استراتيجية متبعة هنا تحتم على الدول الراعية لها أن يكون هنالك طرفا معارضا، يمثل الثورة ومطالبها. وبناء عليه تقدمت تيارات المعارضة برؤيتها الاستراتيجية لسورية المستقبل، والتي اجتمعت في استنبول ب27.03 لكي يتم التقدم بهذه الاستراتيجية وفقا لهذه الرؤيا والمعطيات كلها والتي غير واضح فيها سوى التالي:
المعطى الأول- استمرار آلة القتل وعصابتها وجيشها. المعطى الثاني- عدم جاهزية المجتمع الدولي ليحسم أمره بالتدخل في سورية عسكريا، لأن سورية منذ مجيئ الأسد الاب هي مسرحا لتدخلات دولية واقليمية، أقله من خلال دعم هذا النظام، شرقا وغربا.
أما بالنسبة للمعارضة أقول، أن بعض رموزها تدرك هذا الأمر ومنهم من يعمل عليه، بوعي ومنهم بلاوعي. لكن الغاية في النهاية هي ايجاد قوة توقف التظاهرات عبر تقديم ما يمكن تقديمه لأجل هذا الهدف، شعبنا وحده الآن يتحمل مصيره بيديه، ويجب أن نكون جزء من ثورته، لانخبته. هم معطياتهم هكذا ونحن معطياتنا الشعب واصراره، لهذا اللعب بالمفردات وهلولات ان المجتمع الدولي لايريد التدخل من أجل تبرير بقاء القتل عبر العصابة أمر لايمكننا التواطؤ معه بأي حال من الأحوال. على هذه العصابة أن ترحل وفقط ترحل. لاشيئ يصون سورية إلا رحيل هذه العصابة. يريدونها وفقا لمعادلة إما هم أو الخراب حسنا، ليكن لهم ولمناصريهم ذلك، لكن سورية ستكون مثلما ارادتها حوران لحظة انطلاقتها ومثلما ارادتها حمص والدير وادلب وبقية المحفاظات السوري التي خرجت بوجه هذا القتل بصدور عارية. لهذا الحديث عن وحدة المعارضة في هذا السياق غالبا هو لتغطية وحدة هذا العار الذي يحيط بالمجتمع الدولي نتيجة لتواطؤه مع العصابة والقتل...إنني ضد وحدة المعارضة التي يطرحونها، وضد التوحد مع من يقف مع هذه العصابة.
غسان المفلح
- آخر تحديث :
التعليقات