العزم و الاصرار اللذين يتشبث بهما الشعب السوري المنتفض بوجه نظام بشار الاسد و استمراره في الوقوف بوجه آلة القمع الاسدية و من يقف خلفها، لفتت و تلفت الانظار بقوة إليها من قبل العالم کله و تثبت من جديد مدى تشوق هذا الشعب المکبل بأغلال الدکتاتورية الى استنشاق نسائم الحرية.

نظام بشار الاسد الذي يمر بمرحلة حرجة جدا من تأريخه، ليس هناك في العالم من يراهن على بقائه في المستقبل المنظور، وانما هناك إختلاف حول الزمن المطلوب لکنسه من دمشق و طوي صفحته السوداء من التأريخ السوري المعاصر الى الابد.

الامريکان و الاوربيون الذين لايزال تحرکهم على الملف السوري قاصرا و دون المستوى المطلوب، يواجهون موقفا صعبا من الناحيتين الاخلاقية و القانونية و هم يحاولون بشتى السبل لمعالجة الامر بواسطة مهدئات يزرقونها في الجسد السوري کما کان الحال مع المهمة التي قام بها کوفي عنان و التي تأکد للجميع فشلها، وقد يسعون لحلحلة الامر و معالجتها عبر البوابة الروسية الصينية من خلال حوار هادئ ولکن عميق خلف الکواليس و ليس بالضرورة التعويل کثيرا على هذا الخيار رغم أهميته، إذ أنه و من دون شل حرکة محور(طهران بغداد حزب الله) و ذلك الدعم اللوجستي المختلف الابعاد و الاتجاهات الذي قدمه و يقدمه لنظام الاسد، فإن المسألة برمتها ستکون فيها أکثر من وجهة نظر.
الدور الذي أداه و يؤديه النظام الايراني و منذ تفجر الانتفاضة السورية دعما و اسنادا لنظام الاسد، کان و لايزال له قصب السبق و اليد الطولى في المحافظة على النظام و إبقائه الى يومنا هذا، وهو بالاضافة الى مابذله من جهد اسثنائي لبناء و تعزيز محور(طهران بغداد حزب الله)، فإنه قدم جهودا إضافية مشهودة لتعزيز و تقوية و رص صف محور موسکو بکين ضد الموقف الدولي الداعم للشعب السوري، ولاريب من أن النظام الايراني يبحث أيضا عن خيارات أخرى عديدة من أجل دعم نظام الاسد وقد وصلت بعضا منها الى حد استجداء الاخوان المسلمين السوريين و أطرافا أخرى من المعارضة السورية في سبيل الحصول على صك غفران و تبرئة بحق بشار الاسد، کما انه قام و يقوم أيضا بإتصالات إقليمية و عربية مختلفة على نفس الاتجاه، و بإختصار فإن تحرکه شبه الدائمي من أجل دعم الاسد يشبه الى حدما عش الزنابير او مملکة النمل و ان من الثمارquot;المرةquot; لهذا التحرك هو تمکين النظام من البقاء واقفا على قدميه في حالة تحد غير عادية بوجه الشعب الثائر و بوجه المجتمع الدولي المشمئز منه و من ممارساته الاجرامية.

الخميني أطلق شعارا أيام الحرب العراقية الايرانية کان مفاده: طريق تحرير القدس يمر عبر کربلاء! هذا الشعار الذي کان يسوق من أجل دفع الامواج البشرية الايرانية لکي تذهب الى جبهات الحرب و تقدم نفسها کدولاب دموي يدور من أجل استمرار الحربquot;النعمةquot; من وجهة نظر الخميني، لکننا نجد اليوم أن طريق تحرير دمشق يمر فعلا عبر طهران و من دون لجم و شل تحرك رجال الدين او اسقاط نظامهم لايمکن حسم المشهد السوري و غلق ملفه، وان الخيار الامثل الذي يجب على الدول العربية و المجتمع الدولي التفکير فيه هو خيار دعم الشعب و المعارضة الايرانية ضد النظام و توفير کل السبل المتاحة لها کي تساهم في تمهيد الطريق لإسقاط النظام و تحرير الشعب الايراني من براثنه، وان فتح قنوات الاتصال و التفاهم مع المعارضة الايرانية و على رأسها المجلس الوطني للمقاومة الايرانية سيکون من شأنه إرباك هذا النظام و عدم إتاحة المزيد من الفرصة له کي يعيث فسادا و غيا في سوريا.

[email protected]