هناك مجموعة من بقايا اليسار والبعث الأردني ومن الذين غسلت ادمغتهم بشعارات المقاومة التي لا تقاوم والممانعة التي لا تمانع والتحرير التى لم تحرر شبرا مربعا واحدا من الجولان منذ هروب الجيش السوري منها قبل اربعة عقود ونيف تحاول هذه المجوعة الضغط على الملك عبدالله الثاني بعدم التدخل في الشأن السوري ليس حرصا على مصلحة الأردن بل دعما لعصابة المافيا الاجرامية التي تحكم سوريا بالحديد والنار منذ عام 1970.
نسي وتناسى هؤلاء ان الجيش السوري قتل من الفلسطينيين في السبعينات والثمانينات اكثر مما قتلت اسرائيل من الفلسطينيين منذ 1967. أقول لهؤلاء انهم مخطئون ويقفوا مع الظلم والقمع وضد الشعب السوري ولاسباب ايديولوجية بعثية وغوغائية لا تستند على أي منطق انساني. لا يستطيع الأردن الاستمرار في دور المتفرج المحايد بينما يتعرض الشعب السوري لمذابح منهجية من قبل نظام غير اخلاقي لا يأبه للانسان بل يعتمد شعارات الكذب والدجل ليضحك على الساذجين والبسطاء.
التهديدات السورية للأردن
واقول كمؤيد للأردن وكمدافع عن قضايا الأردن في الاعلام العربي والغربي انها مصلحة أردنية وطنية عليا ان يقف الأردن مع الحق وضد الظلم ويلعب دورا ايجابيا في مساعدة الشعب السوري في محنته امام آلة القتل البعثية.
العلاقة الأردنية السورية ليست ممتازة ولم تكن ممتازة فالتآمر السوري ضد الأردن موثق ومعروف ويعود لعقود من الزمان. تهديدات سوريا للأردن لم تتوقف وليست جديدة ورغم النفي والتنصل الا أن آصف شوكت نائب رئيس الأركان السوري للشؤون الاستخباراتية وجه تهديدا في اكتوبر تشرين اول 2011 بتوجيه ضربة عسكري للأردن وفي اواسط هذا الشهر وبحضور الموفد الدولي كوفي عنان هدد بشار الأسد الأردن والسعودية قائلا ان صواريخه اسرع منهما بكثير. عصابة دمشق تهدد وتتوعد قطر والأردن والسعودية بسبب مواقفها المناوئة للقتل الجماعي والمجازر التي يرتكبها نظام بشار الأسد.
رغم انه لا قيمة استراتيجية لهذه التهديدات الا انها تشير الى عداء وحقد دفين ضد الأردن وضد السعودية وقطر وكل هذا يأتي من نظام عاجز ومتواطيء ازاء احتلال الجولان حيث لم يطلق نظام دمشق البعثي رصاصة واحدة منذ اوائل السبعينات واعتدنا على سماع النغمة المملة التي تأتي بعد كل انتهاك اسرائيلي لسوريا quot;سيأتي الرد المناسب في الوقت المناسبquot; ويعني ذلك اطمئني يا اسرائيل لا نستطيع ان نفعل شيئا.
التهديدات السورية لا تخيف الأردن ويستطيع الأردن رد الصاع بصاعين فالجيش الأردني جيش مهني محترف ومدرب تدريبا عاليا وليس جيشا طائفيا وليس مجندا اجباريا مثل الجيش السوري الذي يستعرض بطولاته وعنترياته فقط ضد الاطفال والنساء والمتظاهرين. وبعكس سوريا الأردن بلد متماسك سياسيا واجتماعيا خلف قيادة هاشمية حكيمة تحترم المواطن ولا تقتل المتظاهرين ورغم حجمه الصغير وموارده المحدودة الا انه يتمتع بقوة عسكرية فاعلة قادرة على صد اي مغامرة سورية كما حدث في ايلول عام 1970.
ولكن على الأردن التخلي عن سياسة الحذر المفرط والحياد السلبي وان يعلن للمللأ وقوفه الى جانب الشعب السوري. فقد طفح الكيل والمراهنة على حصان بشار الأسد الخاسر سيأتي بالمزيد من المآسي للشعب السوري. هذا النظام الاجرامي فقد الشرعية في عيون شعبه وفي عيون العالم ولا يخفى على أحد باستثناء اسرائيل وايران ان نظام دمشق يلعب دور المخرب والبلطجي في المنطقة. من لا يصدق هذا الكلام عليه ان يسأل اللبنانيين والفلسطينيين. وسقوط النظام بات أمرا مفروغا منه ولم يعد مسألة هل سيسقط بل متى سيسقط؟ سوريا ليست دولة صديقة بل دولة عصابات لا يمكن الائتمان لها او الثقة بها وهذا ينطبق على كل حلفاءها واتباعها وكل من له ارتباطات مع هذا النظام.
مسؤولية تاريخية
في هذه اللحظات التاريخية الهامة على الأردن ان يقف مع الشعب السوري ضد الدكتاتورية بدون تحفظ وتردد. المشهد الدولي والاقليمي يستدعيا ان يأخذ الأردن موقفا واضحا وحاسما. نعرف ان روسيا والصين تقفا مع الدكتاتورية ضد الشعب السوري. ونعرف ايضا انه باستثناء الجزائر وايران واسرائيل ولبنان والعراق فان الغالبية العظمى من دول العالم أخذت موقفا مضادا لنظام المجازر والمذابح. ويجب التنويه ان المواقف اللبنانية والعراقية فرضت عليهما من طهران. أما اسرائيل ستبقى راضية عن نظام يضمن احتلال الجولان ولا يطالب بها ولا يأخذ اي خطوات لاسترجاع الجولان لأن البقاء في السلطة والسيطرة على الثروات بالنسبة للنظام أهم من الجولان رغم شعارات الكذب والدجل والممانعة. واعترف بذلك رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد في ايار 2011 عندما قال لصحيفة النيويورك تايمز ان امن اسرائيل يرتبط بأمن سوريا.
معظم دول العالم تقف ضد النظام السوري حيث ادانت أكثر من 137 دولة نظام دمشق في الجمعية العمومية اواسط شهر فبراير الماضي و13 دولة في مجلس الأمن تؤيد الادانة واتخاذ خطوات للتدخل من اجل حماية الشعب السوري.
في 14 نوفمبر تشرين الثاني 2011 قال الملك عبد الله الثاني ملك الأردن للصحفيين في لندن انه لو كان مكان بشار لتنازل عن السلطة. ونقلت النيويورك تايمز الخبر بعنوان بارز يقول quot;ملك الأردن اول زعيم عربي يقول لبشار الأسد عليك التنحيquot;.
يقع على الأردن مسؤولية تاريخية كبرى باتخاذ موقف ينسجم مع مسيرة التاريخ والربيع العربي والوقوف بجانب الحق والانسانية ويتبنى موقف حاسم ازاء البطش والمجازر. غالبية الشعب الأردني يدين نظام دمشق بدون تحفظ والاستثناء هو عدد من اليساريين الاعتذاريين الذين لا يزالوا يصفقوا ويطبلوا لنظام دمشق الممانع والصامد والرافض ويعتبروا الثورة الشعبية مؤامرة صهيونية امبريالية وهؤلاء أنفسهم لا يزالوا يترحموا على صدام والزرقاوي والقذافي. وهم انفسهم يطالبوا بالاصلاح والتغيير في الأردن ولكنهم لا يريدوا للشعب السوري ان يطالب بالاصلاح والتغيير. هذه فئة قليلة منافقة فقدت مصداقيتها وأدمغتها مغسولة بصابون شعارات البعث القومية الجوفاء.
خطة عمل
وكخطوة مبدئية يجب طرد السفير السوري البلطجي بهجت سليمان من عمان وسحب السفير الأردني من دمشق والاعتراف بالمعارضة. لا احد يقتنع بأعذار ان الاقتصاد الأردني سيتضرر من قطع العلاقة مع سورية واقول ان التأجيل والتأويل ونشوب حرب اهلية سيكون اكثر ضررا من اي ضرر اقتصادي مؤقت.
والخطوة التاليه هي العمل بالتنسيق مع دول صديقة مثل السعودية وقطر وتركيا على ايقاف المجازر من خلال تأسيس مناطق آمنة او عازلة أو ما يسمى No Kill Zones مناطق ممنوع القتل فيها والتي اقترحتها Anne-Marie Slaughter آن ماري سلوتر استاذة السياسة والعلاقات الدولية في جامعة برنستون في مقالها في صحيفة النيويورك تايمز بتاريخ 23 شباط فبراير 2012. وهذا يستدعي تأسيس مناطق آمنة على الحدود اللبنانية والتركية والأردنية لا يسمح فيها للنظام السوري بالقصف او اطلاق النار. ومن هذه المناطق يتم تأسيس ممرات آمنة لكي تتمكن منظمات الصليب الاحمر والاغاثة الدولية من ايصال المساعدات الغذائية والطبية والانسانية للمنكوبين والمحاصرين.
تسليح الجيش السوري الحر باسلحة مضادة للدبابات وصواريخ محمولة على الكتف مضادة للمروحيات العسكرية والطائرات. وكذلك معدات لرصد وكشف مواقع القناصين وتحييد قدرتهم على القتل. وقد استخدمت هذه التقنيات في افغانستان ضد قناصة الطالبان بفعالية شديدة.
استخدام قوات خاصة من الأردن والسعودية وربما وربما بمساعدة قطرية وتركية وحتى فرنسية وبريطانية لتقديم الدعم اللوجستي للجيش السوري الحر لتمكينه من القيام بعمليات نوعية ضد اهداف عسكرية والأهم من ذلك جمع معلومات استخباراتية عن تحركات الجيش النظامي السوري ومخططاته ورصد تحركات الدبابات والاسلحة الثقيلة وتضييق الخناق على القناصة وحصرهم في اماكن لا يستطيعوا الهروب منها.
الهدف ليس الانتقام والقتل العشوائي بل انقاذ الناس وتقديم المساعدات للجرحى والمنكوبين.
وبعد احراز تقدم ملحوظ ضد الجيش السوري النظامي بالامكان توسيع المناطق الآمنة وممرات الاغاثة.
هذا أقل ما يمكن عمله لمساعدة الشعب السوري في اسقاط نظام المجازر وتعذيب الاطفال. لم يعد احد يصدق الشعار المستهلك ان سوريا ليست ليبيا كعذر للتقاعس والوقوف كالمتفرج بينما يذبح الناس بالمئات يوميا. في الواقع ان سوريا تحتاج الى تدخل عسكري حاسم وسريع بسبب موقعها الاستراتيجي ولأن البديل سيكون حرب ابادة وزعزعة للمنطقة بأكملها ونشوب حرب اهلية هي اكثر خطورة من حملة عسكرية حاسمة لاسقاط النظام السوري.
يتعين على الأردن ان يقف الى جانب الشعب والحق ضد القمع والظلم. والتاريخ لا يغفر للتقاعس والأعذار.
لا أطالب من الأردن أن يتحمل لوحده العبء الأكبر والمسؤولية ولكن كمؤيد للأردن منذ فترة طويلة اعتقد جازما ان مصلحة الأردن على المدى البعيد تستدعي التدخل الحاسم وبالتنسيق مع قطر والسعودية وقوى دولية واقليمية لتغيير مجرى التاريخ للأفضل ولانقاذ شعب عربي شقيق من عصابات همجية لديها الاستعداد ان تبيد معظم الشعب للتمسك بالسلطة للأبد.
إعلامي عربي لندن
التعليقات