بداية اقدم اعتذاري للكاتبة الكبيرة سناء البيسي، فهذا العنوان ينسب لها وحدها ويحمل بصمتها ومسجل في أرشيف الصحافة المصرية باسمها..
كما أقدم إعتذاري لكل من الراحلين العملاقين سعاد حسني وأحمد زكي، لأنهما جسدا بإقتدار علي الشاشة الصغيرة بعضاً من افكار quot; هي.. وهو quot; التى تحولت إلي معالجات إنسانية لمشاكل الشباب المصري في نهاية سبيعينات القرن الماضي..

وضمن السياق أرجو أن يستنبط القارئ الكريم ما وراء إختياري لهذا العنوان، ويُقدر من بين السطور دواعي الإعتذار..
هو!! داعية إسلامي لم يستقر به المقام في إي بلد ذهب إليه ndash; علي كثرة تنقله بين الشرق والغرب - بعد أن غادر وطنه الأم مصر، مدعياً الإضهاد من أولي الحكم دون أن يوفر الأدلة والبراهين علي صدق ما يدعيه أو تقديم وثائق يعتد بها..

هو!! تناول خبر وفاة البابا شنودة الثالث بكثير من الإسفاف والتردي والخوض في امور ليست من شأن البشر بالإضافة إلي التعدي علي مبادئ ديانة سماوية لها خصوصيتها..
هو!! أثار إستياء عارم بين أشقاؤنا الأقباط وأسال دمع العديد ممن استمعوا لشريطه المسجل الذي نشره علي واحدة من المنابر الإجتماعية، مما دفع إلي إستهجان ورفض كبيرين علي مستوي الكثير من أستاذة الفقه والشريعة في داخل مصر وخارجها.. ناهيك عن شيوخ الأزهر الشريف والمتخصون في مقارنات الاديان
هو!! خالف كل قلم كتب مؤبناً البابا شنودة الثالث مشيداً بمواقفه الوطنية مبيناً حرصه علي إطفاء نار الفتنة الطائفية في مصر، وادعي غير ذلك جملة وتفصيلاً.. لا لشئ إلا لعرض وجهة نظره المَعيبة في حق الرجل الذي كان مثالاً ونموذجاً للوطنية المصرية الخالصة..

هو!! سبق له أن عاب في سيرة شيخ الأزهر الراحل الشيخ محمد سيد طنطاوي علي أثر وفاته ودفنه في البقيع من أقل من ثلاث سنوات.. وأهال علي سيرته التراب بلا سند ولا برهان.. والصق به كل نقيصة وإتهمه بما ليس فيه..

ورغم ان البعض علق قائلاً quot; ماذا تنتظرون منه أن يقول في حق البابا شنودة، بعدما سمعناه من أقوال يندي لها الجبين في حق شيخ الازهر quot;.. إلا انني أري العيب كل العيب أن لا نتعرض لما قاله الداعية في المرتين، لأن أقواله عندما نعرضها لـ :
1 - مؤشر التدقيق الشفافية، سنجد انها غير مؤسسة لا علي حقائق ولا براهين..
2 ndash; موقف الشرع الحنيف، سنجد أنها مخالفة لآيات القرآن الكريم وسنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام..
3 ndash; حق الأحياء من المسلمين في سب الميت، سنتأكد انه أمر تنكره جميع المذاهب بغض النظر عن ديانة المتوفي..

وهذا العرض المدقق، يثبت لنا بما لا يدع مجالا للشك أن أقواله مرسلة.. لا حجة تدعمها.. ولا قاعدة تٌرجحها.. ولا بيان يأخذ بها..
وهو الآخر!! أقصد به عضو وأعضاء مجلس الشعب المصري الذين إختلفوا حول مطلب الوقوف دقيقة حداد علي روح البابا.. ولما وافقت الأغلبية علي quot; القيام بهذا الواجب الوطني quot; بقي هو جالساً مع غيره.. أو خرج من القاعة معهم كنوع من الرفض..

هو الآخر عضو المجلس النيابي، لابد أن يعرف انه منتخب لكل الشعب في ربوع مصر.. ولا بد أن يعي أنه لا يمثل طائفة بعينها أو تيار لذاته أو مذهب بعينه..
هو الآخر عضو المجلس النيابي، نقول له أن عدم مشاركته في الوقوف حدادأ لن يقلل من مكانة الرجل في تاريخ مصر كلها وليس في تاريخ الكنسية المصرية فقط.. ونضيف أن موقفه السلبي هذا لن يجعل منه أكثرية لها موقف معارض للحالة الإيجابية التى عاشتها الغالبية العظمي من الشعب المصري التى حزنت علي وفاة البابا من قلبها، والتى جعلت بعض الصحف البريطانية تصفها ndash; أي حالة الحزن ndash; بانها نابعة من شعور واحساس صادقين quot; يعكسهما تمتع البابا بمكانة متميزة في وجدانهم quot;..
أما هي.. فنموذج مصري صميم ليس به ذرة من زيف ولا رياء.. نموذج فوق الشبهات.. نموذج خالص لوجه الله والوطن.. نموذج نابع من جذور الحضارة المصرية الضاربة في أعماق التاريخ..

هي!! كانت تطل من فوق سور بلكونة مساكنها بالبناية المواجهة لمبني الكتدرائية.. تتابع حشد الجماهير الزاحفة صباح الأحد لإلقاء نظرة أخيرة علي جثمان البابا المسجي في داخل المنبي الكنسي الذي كان يلفه الحزن والمهابة..
هي!! كانت تنظر اليهم وتتذكر الموت الذي سيلبي نداءه كل انسان.. ربما طفرت من عينها دمعة أو جري علي لسانها دعاء أو طاف خاطرها مع بعض أيات القرآن الكريم، وربما تذكرت موتاها فخشع قلبها.. لا ندري!!..

لكن ما نعلمه حقيقة العلم عن يقين، أنها في لحظة صدق مع النفس نبعت من الإحساس البالغ التلقائية بالموقف الذي تطل عليه، سارعت بجمع ما في بيتها من زجاجات مياه ورصتها في سبت مربوط في حبل طويل وأدلت به إلي الجموع التى تقف في الشارع تحت المكان الذي تطل منه عليهم!!.. شرب من شرب وافاق من كان علي وشك الاغماء..
هي!! أعادت الكرة مرات ومرات..

كلما فرغت الزجاجات أعادوها إليها، فملئتها وأدلت بها إليهم، ثم شدت السبت بالفوارغ..
هي!! لما عاد أبناؤها من عملهم، شاركوا أمهم في عملها التلقائي..

هو!! الداعية.. وهو!! عضو مجلس الشعب المصري، لن يذكرهم التاريخ كما سيذكر سيرة البابا شنودة الثالث..
وهي!! لم تبغ شئ من وراء فعلتها تلك، ويكفيها ما صدر من دعاء علي السنة من روت قلوبهم بالماء في لحظة لم يكن لأي منهم يتوقع أن تهبط نقطة منها عليه لتطفئ طمأؤه وكأنها نسمة من نسمات الرحمن فاض بها علي عباده في لحظة رضا وصفاء ربانية..

bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا
[email protected]