عندما يتهم الغرب نظام الملالي في ايران بالارهاب قد يعترض البعض على هذا الاتهام، ويقول انه اتهام مبالغ فيه، او انه اتهام ظالم لدولة تمارس الديمقراطية، وتسعى الى وضع ايران في مكانه الاقليمي والعالمي. ولكن هل كل ما يقال عن الارهاب الايراني باطل ومن باب الدعاية المضادة لهذا البلد الاسلامي ؟ وهل صحيح ان كل الاخبار التي تفيد ان النظام الايراني وراء هذه الاعمال الارهابية هي اخبار ملفقة وغير صحيحة بالمرة ؟ اليس تحت الدخان من رماد يشعل النار؟
بالامس اوقفت قوات الامن في اذربيجان 22 شخصا يشتبه في انهم دبروا بدعم من ايران محاولة هجوم ضد سفارتي اسرائيل والولايات المتحدة في العاصمة الاذرية باكو. وقالت وزارة الامن الوطني في بيان انه تم توقيف 22 شخصا اذريا لتعاونهم مع الحرس الثوري الايراني، واضاف البيان انه وبتعليمات من الحرس كانوا يستعدون لتنفيذ هجمات على السفارتين المذكورتين ودول غربية اخرى. وقالت الاجهزة الاذرية ان المشتبه بهم جندتهم ايران منذ بداية عام 1999، وتم تدريبهم في معسكرات قرب طهران وخرج. وقد تعلموا على استخدام السلاح والمتفجرات وكذلك عمليات التسلل الى المباني المحروسة، كما تم اكتشاف اسلحة وذخائر ومتفجرات ومعدات تجسس لدى توقيفهم.
وقبل ذلك اشارت اصابع الاتهام الى ايران بتفجيرات دلهي، وكذلك اتهام ايران بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، اما ارهاب نظام الملالي في العراق فحدث ولا حرج، فقوات القدس وزعيمها قاسم سلماني تصول وتجول في هذا البلد العربي المحتل امريكيا وايرانيا، فهذه القوات مسؤولة عن مقتل الوف العلماء والاطباء والمهندسين واساتذة الجامعات وشيوخ العشائر، ورجال الدين والسياسين. السؤال المنطقي لماذا تضطلع ايران الملالي بهذا الدور الذي يوصف بالارهاب ؟.
امر مقبول ان تواجه ايران اية دولة تعاديها على اراضيها، وذلك دفاعا عن السيادة والاستقلال. ولكن من غير المنطقي ان تنقل ايران الملالي معركتها مع اعدائها خارج حدودها، وفي بلدان ذات سيادة مثل الهند وبلدان اسيا الوسطى او في البلدان العربية مثل العراق او لبنان او سوريه او البحرين او السعودية.
ان مثل هذا التصرف يعني نقل الازمات الداخلية الى الخارج، ولفت الانظار عما يجري في الداخل بافتعال احداث في الخارج.وليس ادعاء القول ان الوضع الداخلي في ايران وضع صعب ومعقد، في ضؤ الصراعات بين مؤسسات الحكم، ووبالذات بين مؤسسة الرئاسة بزعامة محمود احمدي نجاد، ومؤسسة المرشد علي خامنئي، ومن ثم بين التيار المحافظ في البرلمان، وتيار نجاد نفسه. وقد برز هذا الخلاف الى العلن باستدعاء نجاد الى المسائلة في البرلمان الجديد، عقب انتخابات شابها الكثير من الشكوك في نزاهتها. فقد اجمعت التقارير الواردة من طهران ان مقاطعة واسعة حدثت في معظم المقاطعات الايرانية وخاصة في ( لواسان ) وعدد من المناطق في طهران، حيث اضطر النظام الى توجيه الاعلاميين لزيارة المقرات التي يكثر فيها الناخبون، والحيلولة دون وصولهم الى المقرات الانتخابية التي قاطعها المواطنون.كما نزع المواطنون البيانات الداعية الى الانتخاب من على الجدران. وافادت الانباء ان الاحتفالات بليلة الاربعاء الاخيرة من العام الايراني تحولت الى ساحات للاحتجاجات والتعبير عن رفضهم لممارسات نظام الملالي، وقد وقعت اشتباكات في العديد من المدن مثل ( شهركرد ) و( كرج )، استخدمت الشرطة فيها قنابل صوتية وقنابل مسيلة للدموع، كما تم قطع التيار الكهربائي عن البلدات التي وقع فيها احتجاجات.
ان اي بلد فيها مثل هذه الاوضاع تفكر الف مرة في معالجة الاوضاع الداخلية اولا، ومن ثم تفكر في التفتيش عن دور اقليمي او عالمي، ولكن الهروب الى الخارج لا يعالج الاوضاع الداخلية ابدا. وهذا الهروب الى الخارج يعني الضعف والارتباك، وليس تعبيرا عن القوة. وبات معروفا ان عمليات الهدم اسهل من البناء والتعمير. ومن السهل ان تفجر بناية في ثوان ولكن بناء عمارة يحتاج الى اشهر.
المهم ان نظام الملالي يتهم منظات وانظمة بالارهاب وينسى نفسه، فهو يتهم معارضيه بالارهاب، كما يتهم منظمة مجاهدي خلق بالارهاب، لانها تشكل خطرا على وجوده وتقود معارضة منظمة ضد quot; ولاية الفقيه quot; التي تفرض النظام الديكتاتوري باسم الدين والطائفة، وتقود البلاد حسب الاهواء الذاتية والاعتقادات الضنية المتافيزيقية.
ما يجري من عملية نقل قسرية للاشرفيين من مخيمهم الذي يعيشون فيه منذ اربعة عقود الى مخيم ( ليبرتي ) الذي لا يحمل من الحرية الا الاسم، ينقلون قسرا من مكان ألفوه وبنوا فيه كل مستلزمات الحياة الى مكان ضيق ليس فيه من مقومات الحياة شيئ. وهذه العملية المخالفة للاعراف الدولية وقوانين حقوق الانسان، وراءها قصد جنائي خطير. تم التحضير اليه منذ عام 2009، حيث قامت القوات العراقية التابعة لمكتب المالكي بهجمات ضد الاشرفيين وقتلت العشرات وجرحت المئات. واليوم وبعد موافقة منظمة مجاهدي خلق على الانتقال من مخيم اشرف الى ليبرتي كبادرة حسن نية، اخذت القوات ذاتها بتعليمات من قائد قوات القدس بوضع العراقيل والمنغصات امام الاشرفيين الذين انتقلوا الى ليبرتي، كوضع قوات كبيرة من الشرطة في المخيم الضيق، فقد بلغ عدد مراكز الشرطة سبعة مراكز يحصون انفاس السكان في كل لحظة، كما ان هذا التواجد المكثف للشرطة يعني ان هناك نية للاسفزاز بالاشرفيين في الايام المقبلة، وهذا ما يريده نظام الملالي في طهران، واخيرا تعهد خضير الخزاعي نائب الرئيس العراقي الذي رأس وفدا زار ايران، تعهد اثناء لقاءه محمود احمدي نجاد بفرض ضغوط ومضايقات على الاشرفيين، وقال quot; لدينا اصرار على اخراجهم من العراق، وهؤلاء غير مرغوب فيهم quot;. وهذه الزيارة تثبت ان خطة قمع الاشرفيين موضوعة نصب اعين الطرفين الايراني والعراقي منذ زمن، وقد جاء اليوم الذي يجب ان تنفذ فيه الخطة. ولاسيما في هذه الظروف التي يعيشها نظام الملالي، نقمة في الداخل، وحصار من الخارج،ومراوحة بين الدبلوباماسية وبين الارهاب. ولكن حقيقة نظام الملالي قد بانت امام الراي العام العالمي.
وفي ضوء تعهدات الامم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والشخصيات البرلمانية في العالم وفي العراق بخاصة، فان المسؤولية الاخلاقية تقتضي التحرك لحماية الاشرفيين الذين يقعون تحت الاتفاقية الرابعة من اتفاقيات جنيف. وعليهم الضغط لجعل مخيم ليبرتي على ضيقة ورداءة الخدمات مكانا صالحا للعيش البشري، لا مكانا اسوأ من السجون في البلدان المتخلفة. واول ما يجب ان يعملوا عليه هو اخراج الشرطة من داخل المخيم حسب الاتفاق الذي وقع مع الحكومة العراقية. وتوفير مستلزمات العيش من ماء صالح للشرب، وماء للغسل، ونقل النفايات الى الخارج، واصلاح مجاري النضح التي اخذت بالتفجر واحدا تلو الاخر، الامر الذي يسبب الامراض والأوبئة.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات